الشاعر مطلق بن مخلد بن حبيب الله الذيابي الروقي العتيبي واسمه الفني «سمير الوادي» ولد في عمّان عام 1346 هجرية، يعتبر من الرواد ومن المؤسسين الذين وضعوا اللبنة الأولى في مسيرة الفن السعودي وهو أيضاً من الذين شكلوا قالب الفن السعودي قديماً وحديثا.
نشأته
ولد في الأردن بعمّان عام 1346 هجرية ترعرع في أحضان أسرته التي كانت محافظة على الدين الإسلامي الحنيف ومن ثم انتقل مع أسرته إلى المملكة العربية السعودية في مكة عام 1373 هجرية، أحب الفن منذ نعومة أظافره فضلاً عن حبه للشعر والأدب كان الراحل شغوفاً بالغناء والموسيقى وقد عانا الكثير في مسيرته الفنية لأن والده لم يوافق على تعلمه الموسيقى والغناء.
بدايته المهنية
كان أول منصب عمل فيه وكيلاً للجوازات والجنسية بمكة المكرمة وتتدرج فيه بعد ذلك، غير أن مواهبه ومداركه الفنية والفكرية وجهته بأن يعمل في المديرية العامة للإذاعة والصحافة والتي تحولت بعد ذلك إلى وزارة الإعلام.
مسيرته الإعلامية
شكل طوال مسيرته الإعلامية والأدبية نقاطاً مضيئة في عقود مضت كانت المملكة العربية السعودية مع بداية نشأتها تنظر للمثقف والمطلع والمستنير وصاحب الرأي النير نظرة إجلال وإكبار على المستوى الرسمي والشعبي وبغض النظر عن المؤهل الدراسي والتحصيل العلمي. فالراحل مطلق الذيابي لم يكن في عام 1952 ميلادي حينما التحق بالعمل الحكومي يحمل أي مؤهل دراسي حتى الابتدائية إلا أن الشافع له بالقبول في العمل الإذاعي بعد نشأة الإذاعة بسنوات قلائل أنه يقرأو يكتب ويجيد قراءة الشعر ونظمه، وكان لديه إلمام تام بالموسيقى والعزف على آلتي العود والكمان وتمتعه بصوت جذاب إلقاءً وغناء. كان مذيعاً بارزاً تألق في الكثير من البرامج وأشهر تلك البرامج: من البادية وثمرات الأوراق وألحان من الجزيرة العربية. ومن ثم قاده حبه للفن والموسيقى إلى القسم الموسيقي الذي وجد نفسه فيه ليقدم إبداعه وفنه الجميل غنى له عمالقة الفن مثل: وديع الصافي وعادل مأمون وطلال مداح ومحمد عبده (مغني) وغيرهم في الوطن العربي من فنانين وفنانات. إذ تمتع الراحل مطلق الذيابي بإحساس مرهف بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فكان عطاءه للفن وافراً ومتجدداً، فكان له الباع الطويل في النهوض بالثقافة والأدب بالمملكة العربية السعودية وبمستوى الأغنية السعودية والعربية فقد أشاد بموهبته الكثير من عمالقة الفن وعلى رأسهم الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي قال في لقاء له: (مطلق الذيابي «سمير الوادي» خامةٌ فنية وصوته نادرةٌ في السعودية فألحانه ذات طابع كلاسيكية مميزه، يغوص في اللحن مثلما يغوص في الشعر حقيقةً ألحانه جميلةً جداً وأنا أحبها) وعمالقة الشعر مثل الأستاذ طاهر زمخشري—القائل فيه:
شاعري له الموازين أوتار و من رجعه تضئ النجوم
و بأفكارك الشوارد يجرى و هو فيض نواله تكريم
بلسان يرقرق القول شدواً و (كمان) به تشافت كلوم
وفي بيانه أبياتاً للشيخ أبو تراب الظاهري—القائل:
أ(مطلق) كنت فينا لحن حب سمير الوادي تأتي بالعجاب
لك النبرات تجلو حلو معنى فترسلها بأوتار عذاب
نبغت مبرمجا ورققت شعرا و حرت بعفة مثل الشهاب
رأيتك قبل موتك جئت تزجى تحاياك الجيلة كالملاب
والذي أثنى عليه الشيخ علي الطنطاوي—في برنامج نور وهداية من تلفزيون المملكة العربية السعودية والذي قال فيه الشاعر والأديب محمد حسن فقي: «مطلق مخلد الذيابي.. ذلك الأديب الفنان الذي أسهم بكل طاقاته في خدمة وسائل الإعلام والصحافة ومجال الفنون حتى أثقل قلبه الكبير أثقالاً لم يحتمله فتوقف عن النبض..».
وعندما عمل رئيساً للقسم الموسيقي في الإذاعة التقى بكثير من الفنانين وكان أكثرهم في بدايتهم أمثال طلال مداح وطارق عبد الحكيم وغيرهم من الفنانين، كان أول لحن يقدمه للفنان محمد عبده (مغني) هي أغنية (سكبت دموع عيني) إذ يعتبر الراحل مطلق الذيابي من المساهمين في بروز فنان العرب محمد عبده (مغني)، حيث كان يوجهه بكل حب لما وجد لديه من موهبة تنبئ بمستقبل فني رائع والجدير باذكر أن أول لقاء لهما كان بصحبة رفيقه الراحل عمر كدرس الذي عرفه على الفنان سمير الوادي.
أهتم الفنان الراحل مطلق الذيابي بالتراث والفلكلور فقدم العديد من هذه الألوان وخصوصاً الأغنيات التي تنبع من الريف، فغنى للخيل والبادية. ولم ينسلخ من ثوبه فابجانب إجادته ومقدرته في تلحين القصائد الشعرية الفصحى، كان يجيد أيضاً تلحين الشعر النبطي بكل اقتدار.
وفاته
توفي الراحل الأديب الشاعر الفنان مطلق الذيابي—يوم الجمعة من شهر صفر عام 1403 هجرية إثر نوبة قلبية قد بلغ من العمر 60 عاماً، كانت خبر وفاته صدمه غير متوقعه على محيطه الإعلامي إذ تحدث عنه بعد وفاته أكثر من ثمانين كاتبا وكاتبة من مفكرين وشعراء وأدباء وصحفيين وفنانيين. |
|
|
|