لطالما تحدث الفلاسفة والشعراء عن الحب، وتغنى به كبار المطربين والمطربات، وعبر عن حلاوته، ومعاناته وآلامه أشهر المحبين في عالم العشق والهوى، نعم له مذاق حلو يأخذ النفس حيث الاسترخاء والخيال والرومانسية، نعم قد يحقق السعادة وابتهاج الروح في حالات عدة، ولكن الأمر لا يخلو من صدام وآلام ومعاناة، وقد تزيد المعاناة في حالات معينة لتصبح نهائية لا مفر منها كما في حالات الحب من طرف واحد.
هو الحب حتماً وعلينا أن نقبل بحلوه ومره إذا أردنا أن نتذوق ثماره اللذيذة الطيبة، والبحث عن النصف الآخر، ولكن يجب أن نتذكر أن جمال الحب في المشاركة، فما الفائدة من مشاعر أحادية لا يوجد صدى لها في نفس الطرف الأخر، وكيف السبيل إلى علاقة عاطفية متوازنة ومستقرة، وطرف يحب ويعطي ويبذل قصارى جهده للحفاظ على شريكه، وطرف آخر لا يشعر بوجود من يحبه ويرعى وده، إنها مأساة حقيقية غاليتي حواء فاحذري أن تكوني طرفاً فيها يوماً من الأيام مهما بلغت بكِ المشاعر، ومهما قادك الحنين إليه، لأن الاستسلام للحب من طرف واحد يعني إبادة مشاعرك وقتل أحاسيسك المرهفة، لذا اعطيهم لمن يستحق، ولا تقبلي بعذاب الحب أحادي المشاعر إذا أردتِ الحفاظ على قلبك وكرامتك.
سلبيات الحب من طرف واحد
ما الفائدة من حبك لشخص لا يبادلك نفس المشاعر، ولا يشعر بكِ، ولا يراكِ من الأساس، بالطبع لا توجد فائدة من علاقة أحادية المشاعر، لأن علاقات الحب السليمة هي تلك التي تقوم على أساس تبادلي للمشاعر، "أنا أحبه وهو يبادلني نفس المشاعر"، وهذا هو الشكل الأكثر تقبلاً في العلاقات العاطفية، بل والأطول عمراً .
تخيلي معي غاليتي أنكِ وقعتِ ضحية في علاقة حب من طرف واحد، هل تعلمين ما الذي سيحدث لكِ؟، أمور سلبية كثيرة لن تخطر ببالك أبداً أهمها، جرح كرامتك لأنه لا يشعر بحبك، ولا يراكِ أمامه رغم وجودك بكل جوارحك أمام عينيه، ورغم قلب المغمور بحبه، وليس ذلك فحسب إذ توجد آثار سلبية عديدة منها هدر طاقتك العاطفية على من لا يستحق حبك، والسقوط في عالم حزين لا يعيشه إلا الجرحى بمختلف أنواعهم، عالم يغمره الأنين، ويغلب على سكانه الكآبة، والحزن، والقهر، لأنهم وقعوا في فخ العشق من جانب واحد، فهم يعشوق بلا أمل في علاقة حب كلها ألم.
مهلاً غاليتي، فليست هذه وحدها سلبيات الحب من طرف واحد، فهناك ما هو أقسى من ذلك، وهو ضياع عمرك هباء في حب شخص لا يشعر بك، واستنزاف مشاعرك، ومعاناتك الدائمة عند رؤيته وفي قلبك كل هذا الحب دون جدوى لأنك ببساطة لا تقوين على النطق بكلمة حب واحدة، لأنه لا يراكِ، فكيف يشعر بقلبك ومعاناته.
الحب من طرف وحيد حب بلا أمل تنعدم فيه كل مسببات السعادة، لا حب، لا مشاعر، لا رومانسية، فقط الألم في كل وقت وحين، وقد يزيد الألم عندما يرى غيرك، ويبدأ في حبها وفي مبادلتها أجمل المشاعر، فأي حب هذا؟، وأي مشاعر مهما بلغت قوتها تجبرك على تحمل كل هذه الآلام؟، هذا ليس حباً بل رحلة عذاب يجب عليك قطع الطريق فيها والعودة من جديد إلى عالمك البريء ومشاعرك النقية، وقلبك الكبير، عودي حيث حبك لنفسك أولاً وقبل أي شخص آخر، أحبي نفسك بصدق، وامنحيها ما تستحق من رعاية، ولا تقبلي لها الهوان أبداً.
وانتظري نصيبك من حب تجتمع فيه كل مقومات السعادة، حباً يرى الشمس ويعلم به الجميع لأنه في قلبك وقلب شريكك أيضاً، وليس مختبئاً في ثنايا قلبك دون جدوى، حباً حقيقياً كما وصفه أشهر الفلاسفة، فكما قال أفلاطون الحب هو البحث عن النصف الآخر، وهذا أمر يتحقق بتبادل المشاعر والأحاسيس الحلوة للحب بين الطرفين، وهو الرفعة والمكانة المقدسة كما وصفه سقراط، وهو البقاء بروح واحدة في جسدين بحسب أرسطو، فلا تحرمي نفسك كل هذه المعاني الجميلة مقابل الحب من طرف واحد، لأنه حب لا يرى الشمس ولن يراها أبداً.
وأخيراً، لا تستهيني غاليتي بسلبيات الحب من طرف واحد، واحفظي نفسك وقلبك من ويلاته بالتحكم في نفسك، وعدم الاستسلام لمشاعر حب أحادية من جانبك أنتِ فقط، فجمال الحب في مبادلة كل المشاعر الحلوة معاً، لذا قاومي بكل ما تستطيعين كل هذه المشاعر المؤذية المغلفة بالعسل المر، وإياكِ والانقياد وراء مشاعرك مهما كانت قوية، لأن النهاية خيبات وصدمات أكيدة، لأن هذا النوع من الحب لا يحقق شيئاً لصاحبه، إنما يستنزفه ويهدر طاقاته العاطفية، فلا تسمحي بذلك أبداً، وحافظي على قلبك، واعرفي قدرك، ولا تقبلي إلا بحب من يحبك أولاً، ويشعر بكِ، ويحاول مراراً وتكراراً التقرب منك لذاتك، شخص يحبك من أجلك أنتِ فقط، ويحرص في كل فعل يقوم به، وكل كلمة ينطق بها عليكِ، شخص يقدر قيمة المشاعر البريئة والأحاسيس الجميلة الدافئة ويبادلك أفضل منها بكثير.