الصديق المزيف
كانت الذبابة وأمها الأسعد من بين كل الذبابات،فبالرغم
من صغر منزلهما،إلا أنه في كل زاوية ترى السعادة تشع
وتنير من خلاله ،بسبب مايغمره ذلك المنزل من عطف
وحنان الأم،وكانت أم الذبابة تحرص عليها كل الحرص
وتكثر في نصحها وإرشادها،وفي ذات ليلة قالت لها: أيا
بنية لا يغرنك طيب الكلام ،فالكلام الطيب الخارج من
الخبيث ومن دون فعل،ماهو إلا كالسم المدسوس في
العسل،ظاهره لذيذ وأكله مميت،لا تنجرفي خلف كل
مايقال ،ولا تخطي الخطوة حتى تتأكدي مما تفعليه
وكوني ميزانا فيما بين قلبك وعقلك.
كانت هذه النصائح والارشادات من أغلى ماتقدمه الأم
لابنتها،وفي يوم ما ،وفي ساعات الظهيرة،وأشعة
الشمس مشرقة عاموديا في كبد السماءأرادت الذبابة
الخروج لتطير وتستمع قليلا،وبعد أن سمحت لها
والدتها طلبت منها ألا تتأخر.
خرجت وهي تطير مسرورة جدا،ومن بعيد لمحت
نباتات غريبة الشكل،وفي نفس الوقت جميلة المنظر
خضراء اللون،بهية الطلة،فشد شكل هذه النباتات الذبابة
وزرع بداخلها حب الفضول والاستكشاف،قربت منهم
وألقت عليهم التحية والسلام،فردوا عليها جميعا،
ورحبوا بها أيما ترحيب،ومن بينهم جميعا تعرفت على
نبتة كانت مثالية في حديثها ،وأظهرت الاحترام و
التقدير للذبابة،وبدآ بتجاذب أطراف الحديث حتى
ارتاحتا لبعضهما البعض،ومع الوقت أحبت الذبابة تلك
النباتات وخاصة تلك النبتة،وأصبحت في كل يوم تكرر
زيارتها لهم،وأصبحت الصديقة لتلك النبتة،وفي يوم ما
قالت تلك النبتة للذبابة:كيف يبدوا لك شكلي؟.
قالت الذبابة:إن شكلك جميل وأنيق جدا.
قالت النبتة:لدي ميزة أخرى وهبني اياها الله سبحانه و
تعالى،تعالي والقي نظرة إلى داخل فمي.
فاقتربت الذبابة دون أي تردد.
قالت النبتة:أنظري هذه المثلثات التي تأخذ شكلا دائريا
تعطي أنوارا رائعة،وفي الوسط الدائرة الحمراء هو
سرير فاره ومريح جدا،وجد لمن يرقد فيه لكي
يستمتع بشكل الأنوار،هلا اقتربت لتجربيه.
اقتربت الذبابة بدون أي تفكير،وما إن جلست في ذلك
المكان الذي تدعيه النبتة بأنه سرير مريح،حتى أطبقت
فمها على الذبابة،وبدأت في محاولة التهامها،وفي وقت
متأخر أدركت الذبابة مدى سذاجتها ومكر تلك النبتة
آكلة الحشرات.