مراتب الصبر
وهي ثلاثة مراتب: ذكرها ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين (2 / 165):
المرتبة الأولى: الصبر بالله، ومعناها الاستعانة به، ورؤيته أنه هو المصبِّر، وأن صبر العبد بربه لا بنفسه؛ كما قال تعالى:﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ (النحل: 127)، يعني: إن لم يصبِّرك الله لم تصبِر.
المرتبة الثانية: الصبر لله، وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله تعالى، وإرادة وجهه والتقرب إليه، لا لإظهار قوة نفسه أو طلب الحمد من الخلق، أو غير ذلك من الأعراض.
"والصبر لله فوق الصبر بالله، وأعلى درجة منه وأجل، فإن الصبر لله متعلق بإلاهيته، والصبر به متعلق بربوبيته، وما تعلق بإلاهيته أكملُ وأعلى مما تعلق بربوبيته، ولأن الصبر له: عبادة، والصبر به: استعانة، والعبادة: غاية، والاستعانة: وسيلة، والغاية: مرادة لنفسها.
المرتبة الثالثة: الصبر مع الله، وهو دوران العبد مع مراد الله منه ومع أحكامه، صابرًا نفسه معها، سائرًا بسيرها، مقيمًا بإقامتها، يتوجه معها أينما توجهت، وينزل معها أينما نزلت، جعل نفسه وقفًا على أوامر الله ومحابِّه، وهذا أشدُّ أنواع الصبر وأصعبها، وهو صبر الصديقين.