هذا ربيع النُّوّير بلا منازع. ترى هذه الزهور الصفراء تمتد في المساحات التي كانت يوما ما فضاء خاليا من الحياة والبهجة. النُّوّير ليست مجرد أزهار، بل رمز لشتاء كان مدرارا، وربيع يبشّر بالجمال، في أرض يعز فيها المطر، وتصير الزهور شيئا يستحق الاحتفال.
في الصيف الماضي في بريطانيا، لاحظت انتشار زهرة تشبه النُّوّير كثيرا وكأنها هي، على الأقل لعيني غير الخبيرة في شؤون النباتات. كانت مثل النُّوّير، بريّة وعشوائية ... وجميلة. وفي يوم رأيت البستاني الذي يتعاهد الحديقة، فحاورته عن موجة الحر، وتأثر النباتات بها، وذكرتُ له هذه الزهرة المناضلة التي أنتبه لوجودها لأول مرة. وقلت له أنها تشبه أو لعلها تماثل زهرة ربيعية جميلة لدينا في الكويت. فضحك وقال لي: "هذه عشبة ضارّة!" صُعقت لقوله، كيف يمكن لزهرة جميلة كهذه أن تكون عشبة ضارة؟ عاجلني قائلا: "آسف، لكني مضطر لإزالتها وإلا ستنتشر وتمنع العشب من النمو." وأخذ يقتلعها من جذورها بمنتهى البرود.
جعلت أفكر في أمر هذه الزهور البهيجة. كيف يمكن لشيء جميل كهذا، أن يكون مجرد عشبة استعمارية ضارة، تغزو الحدائق، وتحتل مواطن العشب، وتمنع الحياة عن بقية النباتات؟ قد لا تكون الزهرة التي رأيتها هناك هي زهرة النُّوّير المعروفة لدينا، لكنها تشبهها كثيرا. عجبا للضرر، كيف يتخفى أحيانا في ثياب الجمال. قد نؤخذ بشيء ونحبه، وفيه الضرر، كل الضرر. ومن هذا قول الأديب الرافعي: "ليس كل ما يعجبك يرضيك، ولكن كل ما يرضيك يعجبك".
للكاتبة : حياة الياقوت