أحياناً تطرأ على بالك فكرة، ولكنك لا تُعبر عنها، وعندما تتذكرها تخجل منها، وتحمد الله أنك لم تعبر عنها أو تدونها بالرغم من أنها قد تكون فكرة رائعة، وكذلك الأمر فيما يخص آرائك، بعض الأشخاص عندما يدخلون في نقاش يخجلون من إبداء آرائهم والتعبير عن أفكارهم بطريقة واضحة، وإذا أراد الشخص التكلُّم قد يتلعثم أو يتأتأ، أو يقول كلاماً لا معنى له، بعيداً عما كان يريد قوله، قد يعود ذلك إلى طبيعة التنشئة داخل الأسرة، وبيئة المدرسة، وكذلك نوعية الشخص أو الجماعة الذين تعبر عن آرائك أمامهم، أو إلى تجارب سيئة أدت إلى نتائج سلبية، يسمى هذا الخوف والتردد بـ"اللودكسوفوبيا"، في بعض الحالات قد ينعزل المرء انعزالاً تاماً عن الناس، ويبعد عن أية فعالية اجتماعية، ومن أعراضها:
– التأتاة، وتسارع معدل ضربات القلب، والتنفس السريع، والشعور بالغضب عندما يتم سماع رأي مختلف.
يقول (س.م): أتردد دائماً في التعبير عن رأيي، وإذا رغبت في ذلك أتلعثم، وتبدأ الأفكار تتداخل في رأسي، وأشعر بضيق نفس وضيق الصدر.
في حين يقول (أ.م): أنا أتجنب النقاشات، وذلك لأنني كثيراً ما أتعرض للتنمر أو التهميش، أو رد فعل سلبي، لا أعرف كيف أُدافع عن نفسي.
على الإنسان أولاً معرفة المشكلة ووضع يده على السبب، وتجاوُز ما يجعله يتردد في التعبير عن نفسه، ثم اختيار الشخص المناسب للنقاش، فبعض الأشخاص لا تستطيع مناقشتهم أو الدخول في جدال معهم، فهؤلاء تجاهلهم أفضل.
يقال: لا تجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما.
وبعض الأشخاص نرجسيون، لا يسمعون إلا أنفسهم، ويتغذون على تحقير رأيك والاستهانة به، بعض الأشخاص يبغضونك، أو لأي سبب يخصهم، يتعمدون أذيتك، فإذا عجزت عن حماية نفسك منهم فعليك الابتعاد عن نقاشهم أو التعبير عن آرائك وأفكارك أمامهم، بعض النقاشات تسيّرها المصالح، والمصلحة الأقوى هي التي تدير النقاش وهكذا، فعليك الانتقاء واختيار الأشخاص المناسبين والتمرن على ذلك.
بعد خطوة اختيار الأشخاص المناسبين تأتي خطوة تحديد غرضي من النقاش، عادةً ما تكون وجهة المناقشات هي الخروج بآراء بنّاءة، تهدف للتطوير أو الاتفاق على الرأي الأنسب وتحقيق المصلحة العامة، ولكن إذا كان النقاش لا هدف له فتنجرف لنهايات غير مرغوب فيها، وتضيّع وقتك بغير هداية، ثم عليك التمتع بروح رياضية عالية، فليس بالضرورة أن تتفق مع الجميع، وليس بالضرورة فوز رأيك، فقد تكون أنت صاحب رأي وحيد مختلف عن الجميع، فعليك تقبُّل الانتقاد ووجهات النظر المغايرة.
كذلك عليك تقبُّل أن رأيك يحتمل الخطأ والصواب، وأنت نفسك قد تُغير رأيَك من فترة لأخرى، أو بالجلسة نفسها، ولكن لا يُخالجك الندم فيدفعك للإحجام عن التعبير مرة أخرى، فكثير من الأشخاص تغيرت آراؤهم بين فترة وأخرى، فهذا أمر مقبول وعادي جداً، قبل خمس سنوات كتبت مقالاً كنتُ كلما قرأته أشعر بالدوار، لدرجة أنني حاولت إزالته من الموقع، ولكن لم أُوفّق في ذلك، شعرتُ في البداية بشعور سيئ، ولكن حوّلته فيما بعد لطاقة إيجابية؛ حيث أصبحتُ أتأنّى أكثر قبل اختيار موضوع المقال الذي أكتبه، أقرأه وأترك مسافة قبل نشره، ثم مرّنت نفسي على تقبُّل فكرة أنني أتغير وتتغير أفكاري.
قد تحتاج إلى وقت حتى تتغلب على خجلك وتردّدك، ولكن مع الوقت والتمرن ستتلاشى مشاكلك، والمحاولة خير من الاعتزال والنأي بنفسك بعيداً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسُ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ؛ أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ".