1- إثبات النَّسخ في القرآن الكريم، وفي الشرائع السماوية كلِّها، وإبطالُ إنكار اليهود له تشكيكًا بدعوته صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الوحي الناسخِ لجميع الأديان. وبيان أقسام النَّسخ، والحكمة منه، وتقريرُ قدرة الله تعالى التامَّةِ على كل شيء، وسَعة مُلكِه عز وجل وسلطانه، لا وليَّ غيره، ولا ناصرَ سواه.
2- تحذير هذه الأمَّة من أن يَسألوا رسولَهم كما سأل اليهود موسى عليه السلام، مما فيه جرأة على الله تعالى، كما في قولهم: ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ﴾ [البقرة: 55]، ونحو ذلك مما فيه تبدُّل الكفر بالإيمان، والبعد عن سواء السبيل.
3- مودة أهل الكتاب أن يردُّوا المؤمنين من بعد إيمانهم كفارًا؛ حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبيَّن لهم الحق، وأمرُ المؤمنين بالعفو والصفح عنهم حتى يأذن الله بالأمر بقتال الكفار.
4- أمر المؤمنين بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وترغيبهم في تقديم الخير لأنفسهم؛ ليجدوا ثوابه عند الله تعالى.
5- زعم أهل الكتاب أنه لن يدخُل الجنةَ إلا من كان هُودًا أو نصارى، وبيان أن هذا مجرد أمانيَّ منهم، وإبطال زعمهم؛ ولهذا قال تعالى لهم: ﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 111، 112].
6- عداوة كلٍّ من اليهود والنصارى فيما بينهم، وتشكيك كلِّ طائفة منهم بما عليه الأخرى، مع أنهم يَتْلُونَ الكتاب ﴿ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ﴾ [البقرة: 113].
7- بيان أنه لا أحد أظلم ممن منَعَ مساجدَ الله أن يُذكَر فيها اسمُه وسعى في خرابها، والوعيد لمن فعل ذلك، وبيان أن لله عز وجل المشرقَ والمغرب، فأينما تولوا فثم وجهُ الله.
8- جرأة اليهود والنصارى في نسبتهم الولدَ إلى الله، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا، وتنزيه الله تعالى نفسَه عن قولهم، وبيان أن له ما في السموات والأرض، خلقًا وملكًا وتدبيرًا، فلا حاجة لله إلى الولد.
9- شدة جهلهم وعتوهم وعنادهم في اقتراحهم أن يكلِّمهم الله، أو تأتيهم آية، وهذا يدل على عدم معرفتهم بالله تعالى وما يجب له من التعظيم، وعلى عدم اعتدادهم بمعجزة القرآن الكريم، والتي هي أكبر معجزات الرسل عليهم الصلاة والسلام.
10- تنبيهه صلى الله عليه وسلم على عدم رضا اليهود والنصارى عنه حتى يتَّبع مِلَّتَهم، ويترك هدى الله، وتحذيره من اتِّباع أهوائهم، والثناء على المؤمنين الذين يَتْلون الكتاب ويتَّبِعونه ويؤمنون به، وبيان خسران من كفر به.
11- ثم تعود الآيات لتأكيد تذكير بني إسرائيل بنعمة الله تعالى عليهم، وتفضيلهم على عالَمي زمانهم، وترهيبهم من يوم القيامة وأهواله.
12- تلا ذلك ذكر ابتلائه عز وجل لنبيِّه إبراهيم عليه السلام بكلمات وإتمامه عليه السلام لهن، وجعله للناس إمامًا، وقصة بناء البيت، وجعله مثابةً للناس وأمنًا وتطهيره، ودعاء إبراهيم عليه السلام للبلد الحرام بالأمن ورزق أهله الثمرات مَن آمَنَ منهم، ورفع إبراهيم القواعدَ من البيت وإسماعيل، ودعائهما اللهَ أن يتقبَّل منهما، وأن يجعلهما مسلمَينِ له ومن ذريتهما أمَّةً مسلِمة له، وأن يُريَهم مناسكهم، ويتوب عليهم، وأن يبعث فيهم رسولًا منهم يتلو عليهم آياتِه ويعلِّمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم.
13- تسفيه مَن رغب عن ملة إبراهيم، وبيان اصطفائه عز وجل له، وثناؤه عليه في سرعة استجابته لربه، وإسلامه له، ووصية إبراهيم عليه السلام بهذه المِلَّةِ بَنيه، وكذا أوصى بها يعقوبُ بنيه مِن بعده، ثم خُتِمت الآياتُ في هذا بقوله: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 134]، في إشارة واضحة إلى أنه لا ينفع مجرد الانتساب إلى إبراهيمَ أو إلى يعقوبَ دون اتِّباعِ ما كانا عليه من الحنيفيَّة السمحة.
14- حصر أهل الكتاب الهدايةَ فيمن كان هودًا أو نصارى، وإبطال قولهم هذا، وبيان أن الهداية في اتِّباع ملة إبرهيم حنيفًا وما كان من المشركين.
15- وجوب الإيمان بالله، وبما أُنزِل على رسولنا صلى الله عليه وسلم وما أُنزِل على إبراهيم وعلى جميع الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وعدم التفريق بينهم، وبيان أن أهل الكتاب إنْ آمَنوا بمثل ما آمَنَ به المؤمنون من هذه الأمَّة فقد اهتدَوا، وإن تَوَلَّوْا فإنما هم في شقاق، ووعده عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم بكفايته إياهم، ثم ختم هذا بقوله: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾ [البقرة: 138].
16- توبيخ أهل الكتاب في محاجتهم للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في الله، وفي قولهم: إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودًا أو نصارى، والردُّ عليهم، وبيان أنه لا أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله، وتهديدهم باطِّلاع الله عليهم، ثم ختم هذا بقوله: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 141]، وفي هذا تأكيد لما سبق من الإشارة إلى أنه لا ينفعهم كونُهم من نسل الأنبياء والصالحين ما لم يعملوا بعلمهم.
المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن »