لقد ظلت المجتمعات المختلفة أحقاب طويلة من الزمن تنظر إلى الصم والبكم الذين ولدوا بدون سمع كاف لتعلم الكلام أو الذين فقدوا السمع في سن الطفولة المبكرة على أنهم غير قابلين للتعلم. ومن ثم فقد كانت نظرة كل من (أرسطو) و (بيلين) فيما قبل الميلاد رغم أن كلاً منهما ربط بين الصم الخلقي وبين البكم غير أنهما لم يصلا إلى تفسير ذلك.
وفي العصور الوسطى نجد أن القانون الروماني قد صنف الصم والبكم مع المتخلفين عقلياً، ووصل الأمر إلى أن حرم عليهم الإعلان الأوغسطي (القرن السادس ميلادي) الحقوق والالتزامات المدنية (التعاقد والشهادة أمام المحاكم) وأدى هذا إلى ظهور قوانين في ذلك الوقت تحرم عليهم أقدس حقوق الحياة، وهو الزواج والتناسل، لكن هذا التحريم اقتصر على الذين ولدوا فاقدي السمع (يوجد مثل هذا القانون في فنلندا في القرن العشرين)
وفي أواخر القرن السادس عشر تمكن راهب أسباني يدعى (بدروبونس دي ليون) أن يقوم بتعليم بعض الصم من أبناء النبلاء بطريقة يدوية ولغة الإشارة وأخرج كتاباً عن ذلك عام 1620..
وفي نهاية القرن الثامن عشر قام كل من الأب (شارلين ميشيل دي ليبيه) في فرنسا و (صمويل هينيك) في ألمانيا بقيادة حركة تعليم الصم في القطري، وتمكن (ليبيه) من تأسيس أول مدرسة لتعليم الصم في باريس، كما تمكن (هينيك) أن يؤسس أول مدرسة للصم في ألمانيا عام 1778م وتعد في نفس الوقت أول مدرسة في العالم تعترف بها الحكومة.
لقد عاصر كل من (ليبيه وهيتيك) بعضهما لكنهما اختلفا في طريقة التعليم، فبينما تبنى الأول طريقة التعليم اليدوي ودافع عنها نجد أن الثاني قد تبنى الطريقة اللفظية (النطق وقراءة الشفاه) ومنذ هذا الوقت تغيرت النظرة المجتمعية نحو تعليم الصم والبكم، وبدأت كثير من الدول تأخذ من البلدان التي تقدمت الركب مثل فرنسا وألمانيا وانجلترا فبدأ تعليم الصم في الدانمرك عام 1807م وفي الولايات المتحدة الأمريكية عام 1817م وفي منتصف القرن التاسع عشر ولد عالم وضع في كل خطواته أثاراً لاتنسى في عالم الصم فقد ولد (الكسندر جراهام بل) عام 1847م وقد نشأ في أسرة توارثوا دراسة علوم الصوت وقد كان من أهم اختراعات (بل) التليفون الكهربائي والتي أدت إلى فكرة المعينات السمعية الحديثة. كما ساهم (بل) في تأسيس طريقة تعلم النطق وقراءة الشفاه. وقد باع عام 1887م أحد اختراعاته الكهربائية فحصل على جائزة فولتا ومبلغ 700000 دولار خصص منها 100000 دولار لإنشاء مكتبة للعلوم المتصلة بالصم كما نجح (بل) في تعليم الصماء (مايبيل هودارد) الكلام وقد تزوجها فيما بعد، كما أنشأ في عام 1890م مبنى جمعية الصم بأمريكا والذي كانت (هيلين كيلر) أول من حملت معولاً من بنائه ولايزال يذكر (بل) كلما بحث الباحثون في علوم الصوت والكهرباء وكلما نطق الصم بلغة السامعين.
وإذا كان تعليم الصم قد بدأ في أواخر القرن الثامن عشر وبدأ يغزو العالم في القرن التاسع عشر فقد تطورت وسائله كثيراً في القرن العشرين حتى أصبح تعليم الصم يعتمد على فصول ذات دوائر كاملة من الأجهزة السمعية تعمل على أن تستغل مالدى كل فرد من بقايا سمع فأننا نجد أن تأهيل الصم بالمفهوم الحديث للتأهيل لم يبدأ إلا حديثاً في القرن العشرين.