باب تفضيل مكة على سائر البلاد 1926 - عن عبدالله بن عدي ابن الحمراء أنه سمع النبي ﷺ يقول وهو واقف بالحزورة في سوق مكة: والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه. 1927 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ لمكة: ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك. رواه الترمذي وصححه. باب حرم المدينة وتحريم صيده وشجره 1928 - عن علي قال: قال رسول الله ﷺ: المدينة حرم ما بين عير إلى ثور. مختصر من حديث متفق عليه. 1929 - وفي حديث علي عن النبي ﷺ في المدينة: لا يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أشاد بها، ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال ولا يصلح أن يقطع فيها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره. رواه أحمد وأبو داود. 1930 - وعن عباد بن تميم عن عمه أن رسول الله ﷺ قال: إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة. متفق عليه. 1931 - وعن أبي هريرة قال: «حرم رسول الله ﷺ ما بين لابتي المدينة وجعل اثني عشر ميلا حول المدينة حمى». متفق عليه. 1932 - وعن أبي هريرة في المدينة قال: «سمعت رسول الله ﷺ يحرم شجرها أن يخبط أو يعضد». رواه أحمد. 1933 - وعن أنس أن النبي ﷺ أشرف على المدينة، فقال: اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرم إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم. متفق عليه، وللبخاري عنه أن النبي ﷺ قال: المدينة حرم من كذا إلى كذا، لا يقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث، من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ولمسلم عن عاصم الأحول قال: «سألت أنسا أحرم رسول الله ﷺ المدينة؟ قال: نعم هي حرام ولا يختلى خلاها، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». 1934 - وعن أبي سعيد أن رسول الله ﷺ قال: إني حرمت المدينة حرام ما بين مأزميها أن لا يهراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح ولا يخبط فيها شجر إلا لعلف. 1935 - وعن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها. رواهما مسلم. 1936 - وعن جابر أن النبي ﷺ قال في المدينة: حرام ما بين حرتيها وحماها كلها لا يقطع شجره إلا أن يعلف منها. رواه أحمد. 1937 - وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها. 1938 - وعن عامر بن سعد: «أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم، فقال: معاذ الله أن أرد شيئا نفلنيه رسول الله ﷺ وأبى أن يرد عليهم». رواهما أحمد ومسلم. 1939 - وعن سليمان بن أبي عبدالله قال: «رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله ﷺ فسلبه ثيابه فجاء مواليه فقال: إن رسول الله ﷺ حرم هذا الحرم، وقال: من رأيتموه يصيد فيه شيئا فلكم سلبه فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله ﷺ، ولكن إن شئتم أعطيكم ثمنه أعطيتكم». رواه أحمد وأبو داود، وقال فيه: من أخذ أحدا يصيد فيه فليسلبه ثيابه. الشيخ: الحديث الأول والثاني فيما يتعلق في فضل مكة، ومكة هي أفضل البقاع، وأفضل أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ومن ذلك حديث عبدالله بن عدي بن حمراء أن النبي ﷺ لما وقف في الحزورة، الحزورة قال صاحب النهاية بزنة قسورة فتح الحاء والواو وتسكين الزاي بينهما حزورة، وبعض الناس ينطقها بالتشديد حزورة، والصواب التخفيف، وهكذا الحديبية بعض الناس ينطقها بالتشديد وهي بالتخفيف حديبية، وهكذا قال الشافعي: الناس يشددون وهي بالتخفيف حزورة وحديبية كذا في النهاية، وقال: إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أن قومك أخرجوني منك لما خرجت وهذا يدل على فضلها وأنها أفضل البقاع، ومن هذا أن الصلاة فيها بمائة ألف صلاة، هذا يدل على أنها أفضل البقاع، فيها الكعبة المشرفة التي هي بيت الله يحجه الناس، قد فرض الله على الناس حج البيت فهي أفضل البقاع وخير البقاع، ثم تليها المدينة، وفي الأحاديث الكثيرة الدلالة على أن المدينة حرم، وأن الرسول ﷺ حرمها كما حرم إبراهيم مكة، فالمدينة لها حرم مقداره اثنا عشر ميلا من جوانبها، بريد في بريد، البريد اثنا عشر ميلا، فهذا يدل على أن المدينة حرم لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يختلى خلاها إلا لعلف، وهي اثنا عشر ميلا من كل جانب من المسجد اثنا عشر ميلا، والفرسخ ثلاثة أميال، يعني أربعة فراسخ من كل جانب بريد في بريد، والبريد اثنا عشر ميلا أربعة فراسخ، وقد شكلت لجنة لمدة أشهر ووضعت الحدود - حدود المدينة - ووضحت الحدود لحرم المدينة، فالواجب على سكان المدينة وغيرهم أن يحترموا هذا الحرم، وألا يقطعوا منه شجرا، وألا يصيدوا منه صيدا، وقد دعا النبي ﷺ لأهلها في طعامهم وشرابهم، قال: إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، ودعوت لصاعهم ومدهم بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة مثلي فهذا يدل على ما فيها من فضل، وأن الرسول ﷺ دعا لهم بأن الله يضاعف لهم في أرزاقهم مثلما حصل عندهم مرتين، مثلما دعا إبراهيم لأهل مكة مرتين، وأنه ليس لأحد أن يقطع الشجر أو يختلى الخلاة وهو العشب إلا لعلف البعير، وليس له أن يصيد، وأن من صاد صيدا أو قطع شجرا فإنه يسلب لمن وجده، يفعل سلبه ثيابه ودابته ونحو ذلك لحديث سعد بن أبي وقاص في جزاء من يصيد أو يقطع شجر أن يسلب. وفق الله الجميع باب ما جاء في صيد وج 1940 - عن محمد بن عبدالله بن إنسان عن أبيه عن عروة بن الزبير عن الزبير أن النبي ﷺ قال: «إن صيد وج وعضاهه حرم محرم لله ». رواه أحمد وأبو داود والبخاري في تاريخه، ولفظه: «إن صيد وج حرام». قال البخاري: ولا يتابع عليه. أبواب دخول مكة وما يتعلق به باب من أين يدخل إليها 1941 - عن ابن عمر قال: «كان النبي ﷺ إذا دخل مكة دخل من الثنية العليا التي بالبطحاء، وإذا خرج خرج من الثنية السفلى». رواه الجماعة إلا الترمذي. 1942 - وعن عائشة: «أن النبي ﷺ لما جاء مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها» وفي رواية: «دخل عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة». متفق عليهما، وروى الثاني أبو داود، وزاد: «ودخل في العمرة من كدى». باب رفع اليدين إذا رأى البيت وما يقال عند ذلك 1943 - عن جابر وسئل عن الرجل يرى البيت يرفع يديه فقال: «قد حججنا مع رسول الله ﷺ فلم يكن يفعله». رواه أبو داود والنسائي والترمذي. 1944 - وعن ابن جريج قال: حدثت عن مقسم عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: ترفع الأيدي في الصلاة، وإذا رأى البيت، وعلى الصفا والمروة، وعشية عرفة، وبجمع، وعند الجمرتين، وعلى الميت. 1945 - وعن ابن جريج: «أن النبي ﷺ كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا. رواهما الشافعي في مسنده. الشيخ: الحديث الأول في واد وج بالطائف، في حديث محمد بن عبدالله بن إنسان عن أبيه عن عروة بن الزبير عن أبيه أن النبي ﷺ قال في صيد وج وعضاها إنه حرم محرم، هذا الحديث عند أهل العلم ضعيف، نبه أهل العلم على ضعفه، وأنه لا يصح عن النبي ﷺ، فمحمد بن عبدالله بن إنسان وأبوه لا يحتج بهما، فالصواب أن واد وج ليس بمحرم، وليس هناك حرم إلا مكة والمدينة، حرمان فقط: حرم مكة، وحرم المدينة، أما واد وج فليس بحرم، والحديث المذكور ضعيف عند أهل العلم. والحديث الثالث والرابع: حديث عائشة وابن عمر في دخول مكة، السنة دخول مكة من أعلاها كما فعل النبي ﷺ من كداء بفتح الكاف، كداء بفتح الكاف والمد، والخروج من كداء بالضم هذا هو الأفضل، النبي ﷺ كان يدخلها من كداء ويخرج من كداء من أعلى مكة ويخرج من أسفلها، هذا هو الأفضل، وكان أهل مكة يقولون افتح وادخل واضمم واخرج، فالخروج بالضم كداء والدخول بالفتح كداء، فكان النبي ﷺ دخلها من كداء بالفتح من أعلا مكة، وخرج من أسفلها من كداء هذا هو الأفضل، وكيفما دخل أجزأ والحمد لله، من كل مكان لا بأس، لكن هذا هو الأفضل دخول مكة من أعلاها والخروج من أسفلها في الحج والعمرة جميعا. أما الأحاديث الأخيرة المتعلقة برفع الأيدي عند رؤية الكعبة فهي كلها ضعيفة عند أهل العلم، ليس في هذا شيء صحيح، لا في الرفع ولا في عدمه، والسنة عدم الرفع لعدم ثبوت الأحاديث هذه، فإذا رأى البيت إذا دخل مكة لا يشرع له رفع اليدين، ليس له دعاء خاص ولا رفع اليدين، كل الأحاديث هذه ضعيفة، ولكن إذا دخل المسجد يقدم رجله اليمنى ويقول مثلما يقول في بقية المساجد: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا وصل إلى الكعبة طاف بها، وإن كان طواف القدوم يضطبع، يجعل رداءه تحت إبطه الأيمن وأطرافه على عاتقه الأيسر هذا الاضطباع، ويطوف يكبر عند قرب الحجر ويستلمه ويقبله ويكبر ويطوف سبعة أشواط هذا هو السنة. أما عند رؤية البيت فليس فيه شيء مشروع، لا ذكر ولا دعاء، كل هذه الأحاديث المذكورة هنا كلها ضعيفة التي عن جابر وعن ابن جريج وعن غيره كلها ضعيفة، وبين أهل العلم أنه ليس في رؤية البيت ذكر مشروع ولا دعاء مشروع، ولكن يدخل المسجد كما يدخل بقية المساجد، فإذا وصل الكعبة بدأ بالحجر الأسود واستلمه وقبله وكبر وطاف سبعة أشواط، وإن كان طواف القدوم اضطبع وجعل وسط رداءه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر. وفق الله الجميع. س: .....؟ الشيخ: السنة في الصلاة أن يرفع لكن ما عدا عند رؤية البيت فقط. باب طواف القدوم والرمل والاضطباع فيه 1946 - عن ابن عمر: «أن النبي ﷺ كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا، ومشى أربعا، وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة»، وفي رواية: «رمل رسول الله ﷺ من الحجر إلى الحجر ثلاثا، ومشى أربعا». وفي رواية: «رأيت رسول الله ﷺ إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ويمشي أربعة». متفق عليهن. 1947 - وعن يعلى بن أمية: «أن النبي ﷺ طاف مضطبعا وعليه برد». رواه ابن ماجه والترمذي وصححه وأبو داود، وقال: «ببرد له أخضر»، وأحمد ولفظه: «لما قدم مكة طاف بالبيت وهو مضطبع ببرد له حضرمي». 1948 - وعن ابن عباس: «أن رسول الله ﷺ وأصحابه اعتمروا من جعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى». رواه أحمد وأبو داود 1949 - وعن ابن عباس قال: «قدم رسول الله ﷺ وأصحابه فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب، فأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم». متفق عليه. 1950 - وعن ابن عباس قال: «رمل رسول الله ﷺ في حجته وفي عمره كلها وأبو بكر وعمر والخلفاء». رواه أحمد. 1951 - وعن عمر قال: «فيما الرملان الآن والكشف عن المناكب وقد أطى الله الإسلام ونفى الكفر وأهله ومع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله ﷺ». رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. 1952 - وعن ابن عباس: «أن النبي ﷺ لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه». رواه أبو داود وابن ماجه. الشيخ: هذه الأحاديث كلها تدل على شرعية الرمل في طواف القدوم وهو الإسراع في المشي، والخبب في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم، سواء كان حج أو عمرة، هذا هو السنة أن يسرع في الأشواط الثلاثة يخب خبا في طواف القدوم، ويمشي في الأربعة الأخيرة، والسنة مع ذلك أن يضطبع فيجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وأطراف الرداء على عاتقه الأيسر، ويكون ضبعه الأيمن مكشوفة، هكذا السنة لمن قدم في الحج والعمرة في الطواف الأول، هذا الرمل يقال له الرمل، ويقال له الرملان، وهو الخبب في الطواف في الأطوفة الثلاثة، الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم من الحجر إلى الحجر، من الحجر الذي يقبل يستلم إلى الحجر، يعني في الأشواط كلها تماما، وكانوا في عمرة القضاء سنة سبع لما قدم النبي ﷺ والصحابة أمرهم بالرملان في الأشواط الثلاثة إلا ما بين الركنين لأن كفار قريش كانوا من جهة الحجر ينظرون، وكان الصحابة إذا كانوا بين الركنين اختفوا عنهم فأمرهم أن يمشوا رفقا بهم في المشي بين الركنين لأنهم بهذا يختفون عن المشركين لأنهم من جهة الحجر، ولكنه ﷺ في عمرة الجعرانة وفي حجة الوداع رمل بعدما فتح الله عليه وذهب الشرك وأهله واستقر المسلمون، فدل على أن هذا سنة باقية، ولهذا قال عمر: فيما الرملان وقد أذهب الله الشرك وأهله، ثم قال: لا ندع سنة نبينا ﷺ، فالنبي ﷺ رمل في حجة الوداع وهو آمن، والبلاد بلاد إسلام، في حجة الوداع رمل، وهكذا في عمرة الجعرانة بعدما فتح الله عليه مكة رمل، فدل على أنها سنة مستقرة، وأن الحاج والمعتمر إذا قدما مكة أول طواف فالسنة لهما الرمل في الأشواط الثلاثة الخبب، ثم المشي في الأربعة، ويكون الرمل من الحجر إلى الحجر، من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود في الأشواط الثلاثة كلها، ويدل أيضا على أن السنة الاضطباع في طواف القدوم، وهو أن يجعل وسط رداءه تحت إبطه الأيمن وأطراف الرداء على عاتقه الأيسر في جميع الطواف، في جميع الأشواط السبعة في طواف القدوم، فإذا انتهى من الطواف جعل الرداء على كتفيه وصلى ركعتي الطواف والرداء على كتفيه، هذا هو المشروع، إنما يكون مضطبعا حال الطواف، فإذا فرغ من الطواف جعل الرداء على كتفيه وصلى ركعتي الطواف وقد جعل الرداء على كتفيه. وفي حديث يعلى «أن النبي ﷺ طاف ببرد أخضر» دل على أن لا حرج أن يطوف الإنسان ببرد أخضر، ما هو بلزوم أبيض، الأبيض أفضل، وإذا طاف ببرد أخضر أو أحمر فلا بأس، النبي ﷺ كان يلبس الحلة الحمراء ويصلي فيها، ودخل مكة وعليه عمامة سوداء عليه الصلاة والسلام، فلا حرج أن الإنسان يلبس أخضر أو أسود أو أحمر أو أصفر لا حرج، لكن البياض أفضل. وفيه من الفوائد أن العمرة إذا كانت دون الميقات فيها رمل أيضا، فإنهم أحرموا من الجعرانة، والجعرانة من الحل، ومع هذا رمل، فدل على أن العمرة إذا أداها الإنسان ولو من الحل ولو قريب من مكة من التنعيم أو الجعرانة فالسنة فيها الرمل في الأشواط الثلاثة والاضطباع كما فعل النبي ﷺ في عمرة الجعرانة. وفق الله الجميع. س: .....؟ الشيخ: لا، الاضطباع في جميع الطواف إنما الأشواط الثلاثة فيها الرمل، أما الاضطباع فيكون بالسبعة كلها. س: .....؟ الشيخ: يبعد، لأن الرمل مشروع في نفس العبادة، والذي فيها أفضل من الذي في مكانها. باب ما جاء في استلام الحجر الأسود وتقبيله، وما يقال حينئذ 1953 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: يأتي هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، ويشهد لمن استلمه بحق. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي. 1954 - وعن عمر أنه كان يقبل الحجر ويقول: «إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبلك ما قبلتك». رواه الجماعة. 1955 - وعن ابن عمر وسئل عن استلام الحجر فقال: «رأيت رسول الله ﷺ يستلمه ويقبله». رواه البخاري. 1956 - وعن نافع قال: «رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده ثم قبل يده وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله ﷺ يفعله». متفق عليه. 1957 - وعن ابن عباس قال: «طاف النبي ﷺ في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن». متفق عليه، وفي لفظ: «طاف رسول الله ﷺ على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر». رواه أحمد والبخاري. 1958 - وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: «رأيت رسول الله ﷺ يطوف بالبيت ويستلم الحجر بمحجن معه ويقبل المحجن». رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه. 1959 - وعن عمر أن النبي ﷺ قال له: يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر. رواه أحمد الشيخ: هذه الأحاديث كلها تدل على شرعية استلام الحجر الأسود في الطواف وتقبيله، ويدل الحديث الأول على أن هذا الحجر يوم القيامة يشهد لمن استلمه بحق، فهذا يدل على شرعية تقبيل الحجر الأسود واستلامه باليد والتكبير عنده، وكان عمر يقول إذا مر عليه: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي ﷺ يقبلك ما قبلتك) فهذا يدل على أنه يقبله طاعة لله واتباعا للشريعة، لا لأنه يضر وينفع لا، الحجر لا يضر ولا ينفع، ولكن نقبله كما قبله النبي ﷺ، ونستلمه كما استلمه النبي ﷺ، ويوم القيامة يشهد لمن استلمه بحق، يعني استلمه عن إيمان وعن صدق لا عن رياء ولا عن سمعة، ولكنه استلمه بحق طاعة لله واتباعا لمرضاته، وقد جاء في الحجر ثلاث صفات: إحداها: أن يستلمه بيده ويقبل الحجر ويكبر هذا هو الأفضل، يقبله ويستلمه بيده ويقول: الله أكبر. الحال الثانية أن يستلمه باليد فقط أو بالعصا ويقبل يده أو العصا، عند بعض الزحام يستلمه بيده أو بمحجن أو عصا ويقبل يده وطرف المحجن. الثالث: أن يكون بعيدا عنه كالراكب والمزحوم هذا يشير من بعيد ويكفي، يشير ويكبر ولا في تقبيل، لا يقبل ما أشار به كما طاف النبي على بعير يشير إليه ويكبر عليه الصلاة والسلام. فهذه ثلاث حالات إذا تمكن منه قريبا منه استلمه بيده وقبله وقال: الله أكبر، فإن كان بعيدا بعض الشيء استلمه بيده أو بالعصا وقبل يده أو العصا، فإن كان بعيدا جدا ولم يستطع التقبيل أشار إليه بيده أو بالعصا وكبر فقط في جميع الأطواف، في الطواف الأول والثاني إلى نهاية الطواف الأخير حتى عند النهاية. وفي حديث عمر الدلالة على أن الطواف بالبيت وتقبيل الحجر واستلامه واستلام الركن الأيمن كل ذلك اتباعا للرسول ﷺ، لا لأن هذا الحجر يضر وينفع، ولكن نطوف بالكعبة ونستلم الحجر ونستلم الركن اليماني ونسعى بين الصفا والمروة كل ذلك طاعة لله واتباعا للشريعة، لا لأن هذه الأحجار تضرنا أو تنفعنا، ولكن نفعل ما ذكر طاعة لله واتباعا لشريعته في طوافنا وفي تقبيل الحجر واستلامه، وفي صعود الصفا وصعود المروة والطواف بينهما، كل هذا اتباعا للرسول ﷺ، يقول ﷺ: إنما جعل الطواف في البيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله شرع الله هذه لإقامة ذكره وتعظيمه والتقرب إليه. أما الحديث الأخير أن النبي ﷺ قال لعمر: إنك رجل قوي فلا تزاحم على الحجر معناه صحيح والحديث ضعيف لأنه من رواية شخص مبهم، فالحديث ضعيف السند لكن معناه صحيح، السنة للمؤمن ألا يزاحم، إذا صار سعة قبل واستلم، وإن كان في مشقة لا يزاحم الناس، يشير من بعيد ويكبر والحمد لله لأن المزاحمة قد تضر بعض الضعفاء وبعض المساكين، فإذا كان الطواف مزحوما يكفيك أن تشير من بعيد وتقول: الله أكبر، ولا حاجة إلى المزاحمة، وفق الله الجميع. س: .....؟ الشيخ: هذا ضعيف، المعروف أنه ضعيف لكنه يروى من كلام ابن عباس. س: .....؟ الشيخ: إذا تيسر، إذا كان ما في زحمة ما في بأس. س: .....؟ الشيخ: ورد فيه بعض الأحاديث لكن في سندها بعض الضعف حتى سودته خطاياه أهل الشرك، وفي بعضها خطايا بني آدم في سنده بعض الضعف. س: .....؟ الشيخ: ورد فيه حديث ابن عباس، لكن الصحيح أنه موقوف على ابن عباس، المحفوظ أنه كان يقبل فقط لا يسجد، يقبل ويكبر ويستلم بيده هذا المحفوظ. س: .....؟ الشيخ: استلامه هو وضع اليد عليه وتقبيله. س: .....؟ الشيخ: هذا فعله بعض السلف ولا بأس به، كونه يقف بين الباب والركن ويدعو لا بأس به، إن فعله فلا بأس، وإن ترك فلا بأس، لم يثبت عن النبي ﷺ، ولكن فعله بعض الصحابة. س: .....؟ الشيخ: يضع يديه وصدره على الجدار ويدعو، لكنه ليس من سنة ثابتة، إنما هو من فعل بعض الصحابة، فمن فعل فلا بأس، ومن ترك فلا بأس. س: هل الرمل في كل عمرة نعملها؟ الشيخ: نعم طواف القدوم خاصة في الحج والعمرة، في طواف القدوم يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، ويمشي في الأربعة الأخيرة. س: .....؟ الشيخ: لا، النساء لا يرملن عورة، يمشين مشي في الطواف كله والسعي كله. باب استلام الركن اليماني مع الركن الأسود دون الآخرين 1960 - عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: إن مسح الركن اليماني والركن الأسود يحط الخطايا حطا. رواه أحمد والنسائي. 1961 - وعن ابن عمر قال: «لم أر النبي ﷺ يمس من الأركان إلا اليمانيين». رواه الجماعة إلا الترمذي لكن له معناه من رواية ابن عباس. 1962 - وعن ابن عمر: «أن النبي ﷺ كان لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه». رواه أحمد وأبو داود. 1963 - وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله ﷺ يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه». رواه الدارقطني. 1964 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي ﷺ إذا استلم الركن اليماني قبله». رواه البخاري في تاريخه. باب الطائف يجعل البيت عن يساره ويخرج في طوافه عن الحجر 1965 - عن جابر: «أن رسول الله ﷺ لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه، ثم مشى على يمينه ثلاثا فرمل ومشى أربعا». رواه مسلم والنسائي. 1966 - وعن عائشة قالت: «سألت النبي ﷺ عن الحجر أمن البيت هو؟ قال: نعم. قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة، قالت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الحجر في البيت، وأن ألصق بابه بالأرض. متفق عليه، وفي رواية قال: «كنت أحب أن أدخل البيت أصلي فيه فأخذ رسول الله ﷺ بيدي فأدخلني الحجر فقال لي: صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت، ولكن قومك استقصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت. رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي. وفيه إثبات التنفل في الكعبة. الشيخ: هذه الأحاديث الأولى تتعلق بتقبيل الحجر، وأن السنة أن يقبله ويستلمه، والنبي ﷺ كان يقبل الحجر ويستلمه بيده ويقول: الله أكبر، وهذا هو السنة في الطواف يستلم الحجر الأسود ويقبله ويقول: الله أكبر إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر استلمه بيده أو بعصا وقبل ما استلمه به من يده أو العصا كما فعل النبي ﷺ. أما حديث أن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحط الخطايا حطا فهو حديث ضعيف ولكن سنة مسحهما، السنة أن يستلم الحجر وأن يستلم الركن اليماني هذا هو السنة في كل طوفة كما كان النبي ﷺ يفعل، فيقبل الحجر الأسود ويستلمه ويكبر، أما اليماني فإنه يستلمه فقط ولا يقبل، أما حديث أنه قبل الحجر، ووضع خده عليه كلها ضعيفة، والمحفوظ إنما هو تقبيل الحجر الأسود فقط واستلامه، أما الركن اليماني فإنه يستلم فقط باليد اليمنى ولا يقبل، والأحاديث التي فيها تقبيل الركن اليماني أو وضع الخد عليه كلها ضعيفة غير ثابتة عن النبي ﷺ، والمحفوظ إنما هو تقبيل الحجر الأسود واستلامه باليد، فإن شق ذلك استلمه بيده أو بالعصا وقبل العصا أو اليد، فإن شق أشار إليه من بعيد وكبر، هكذا فعل النبي ﷺ، أما اليماني فإنه يستلمه مع القدرة بيمينه ويقول: بسم الله والله أكبر، وإن لم يتيسر فلا إشارة ولا غيرها، هذا هو المحفوظ عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت عنه كما تقدم أنه لما طاف بالبيت وهو على بعيره أشار إليه وكبر، وفي بعض الأحيان طاف واستلمه بمحجن وقبل المحجن كما في حديث أبي الطفيل، وفي هذا الحديث عائشة وما فيه أنه إذا طاف يجعل البيت عن يساره، يطوف ويجعل البيت عن يساره ويطوف سبعة أشواط خارج الحجر، وفي حديث عائشة وغيره الدلالة على أن الحجر من البيت لا بد يكون الطائف يطوف من ورائه لا يدخل من الحجر لا، بل يطوف من خارج الحجر لأن الحجر من البيت كما أخبر النبي ﷺ، ولكن قريشا قصرت بهم النفقة فأخرجوا الحجر، كانوا قد جمعوا نفقة من أموال طيبة أبعدوا عنها الربا والمكوس وقصرت، لم تكف فأخرجوا الحجر، فالسنة أن يكون الطواف من ورائه لا من داخل الحجر، وفيه حديث عائشة الدلالة على أن الصلاة في الحجر من البيت، وأن من أحب أن يصلي في البيت كفاه يصلي في الحجر، قال لعائشة رضي الله عنها: صلي في الحجر فإنه من البيت ولا يحتاج للتكلف والمزاحمة، إذا صلى في الحجر فقد صلى في البيت والحمد لله، من عند المنحنى سبعة أذرع هذا الذي من البيت، والمنحنى خارج البيت من حين ينحني كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام، سبعة أذرع كلها خارج البيت كلها من جملة البيت. وفق الله الجميع. باب الطهارة والسترة للطواف 1967 - في حديث أبي بكر الصديق عن النبي ﷺ قال: لا يطوف بالبيت عريان. 1968 - وعن عائشة: «إن أول شيء بدأ به النبي ﷺ حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت». متفق عليهما. 1969 - وعن عائشة عن النبي ﷺ قال: الحائض تقضي المناسك كلها، إلا الطواف. رواه أحمد وهو دليل على جواز السعي مع الحدث. 1970 - وعن عائشة أنها قالت: «خرجنا مع رسول الله ﷺ لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت، فدخل علي رسول الله ﷺ وأنا أبكي، فقال: ما لك لعلك نفست؟ فقالت: نعم قال: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري متفق عليه، ولمسلم في رواية: فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي. الشيخ: هذه الأحاديث تتعلق بالطهارة والسترة للطائف، الطواف صلاة كما في أثر ابن عباس مرفوعا وموقوفا، والموقوف أصح الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير، وفي الصحيحين أن الرسول ﷺ لما قدم مكة بدأ بالوضوء كما قالت عائشة، ثم طاف، فدل على أنه لا بد من الوضوء لقوله ﷺ: خذوا عني مناسككم فلما توضأ ثم طاف دل على أن الطواف لا بد له من الطهارة كما في الأثر: الطواف بالبيت صلاة، وقد بعث المنادي الصديق ومعه المؤذنون عام تسع من الهجرة يؤذنون في الناس أنه لا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج بعد العام مشرك فدل على أنه لا بد من السترة في الطواف، وكان بعض أهل الجاهلية إذا لم يكن عندهم ثياب نظيفة طافوا عراة، فنهاهم الله عن ذلك وأبطل هذه السنة الجاهلية، والحائض ليس لها الطواف بالبيت والنفساء حتى تطهرا؛ لأن عائشة رضي الله عنها لما قدمت مكة أصابها الحيض بسرف فقال لها النبي ﷺ: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم وهو الحيض لما رآها تبكي، ثم قال لها: افعلي ما يفعله الحاج غير ألا تطوفي حتى تطهري فدل ذلك على أن الطواف يحتاج للطهارة من الحيض والنفاس والحدث كالصلاة، أما السعي فلا يشترط له شيء لأن الرسول ﷺ إنما قال في الطواف، أما السعي مدته تطول ومسافته طويلة فمن رحمة الله لم يشترط فيه الطهارة، لكن إن تيسرت الطهارة فهو أفضل، إن تيسرت الطهارة في السعي فهو أفضل، وإلا لو سعت حائضا أو نفساء أو سعى على غير طهارة أجزأ، المهم الطواف، إذا طاف على طهارة ثم انتقضت طهارته بعد الطواف وسعى على غير طهارة أجزأ، وهكذا لو طافت وهي طاهرة ثم حاضت جاز لها السعي. وفق الله الجميع. س: من به سلس؟ الشيخ: مثل الصلاة يتوضأ قبل الطواف ويطوف، يتحفظ بشيء من قطن أو غيره على ذكره ويطوف، يتوضأ ويطوف، والحمد لله. س: .....؟ الشيخ: نعم ... لكنه قول ضعيف، قول الشافعي هذا ضعيف، الصواب ما قاله الجمهور أنه لا بد من الطهارة. س: الصفا والمروة أليسا داخلان المسجد؟ الشيخ: خارج المسجد. س: .....؟ الشيخ: يلزمها البقاء مع محرمها حتى تطوف، فإن تيسر لها الذهاب والرجوع فلا بأس وإلا تبقى، النبي ﷺ قال لصفية لما حاضت: حابستنا هي؟ تحبس رفيقها محرمها. باب ذكر الله في الطواف 1971 - عن عبدالله بن السائب قال: «سمعت رسول الله ﷺ يقول بين الركن اليماني والحجر: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار [البقرة:201]». رواه أحمد وأبو داود وقال: «بين الركنين». 1972 - وعن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «وكل به يعني: الركن اليماني سبعون ملكا، فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار [البقرة:201] قالوا: آمين». 1973 - وعن أبي هريرة أنه سمع النبي ﷺ يقول: من طاف بالبيت سبعا ولا يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله محتسبا، محيت عنه عشر سيئات، وكتب له عشر حسنات، ورفع بها عشر درجات. رواهما ابن ماجه. 1974 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، ولفظه: إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله تعالى. الشيخ: هذه الأحاديث فيها الدلالة على فضل الطواف، وأن الله - سبحانه - شرعه لإقامة ذكر الله، الله شرع الطواف في البيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله - جل وعلا - وتعظيمه ودعوة القلوب إلى الخضوع له والإنابة إليه، وشرع الله لعباده أن يقولوا في الطواف ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار [البقرة:201] في آخر كل شوط تأسيا بالنبي ﷺ كان يختم كل شوط بهذا الدعاء ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار [البقرة:201] بين الركنين الركن اليماني والحجر الأسود، وفيه الدلالة على شرعية الإكثار من ذكر الله - حمد الله - في الطواف لأنه شرع لهذا الأمر، والإكثار من ذكر الله في رمي الجمار، وفي السعي بالذكر والدعاء في هاتين العبادتين، بل في هذه العبادات الثلاثة: الطواف والسعي ورمي الجمار مشروع للمؤمن أن يكثر فيها من ذكر الله ومن الدعاء، أما حديث: أن الله وكل بالركن اليماني سبعين ملكا فهو حديث ضعيف، كذلك حديث: من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله ... إلى آخره كتب الله له عشر حسنات إلى آخره ضعيف، وهذه الكلمات لها أجر عظيم سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه أحب الكلام إلى الله كما في الحديث وأجرها أعظم مما ذكر، فالحديث المذكور ضعيف لكن أجرها أعظم وأكبر، يقول النبي ﷺ: أحب الكلام إلى الله: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويقول ﷺ: لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، ويقول ﷺ: الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله فأجرها عظيم أعظم مما ذكر في هذا الحديث الضعيف. وفق الله الجميع. س: .....؟ الشيخ: جهرا لكن من غير أذى للناس، ذكرا خفيفا من غير رفع صوت يشوش على الطائفين، يكون ذكر يستفيد من حوله، يحرك القلوب لأن النبي ﷺ رفع ذلك حتى سمعه الصحابة. باب الطواف راكبا لعذر 1975 - عن أم سلمة: أنها قدمت وهي مريضة فذكرت ذلك للنبي ﷺ فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة. رواه الجماعة إلا الترمذي. 1976 - وعن جابر قال: «طاف رسول الله ﷺ بالبيت وبالصفا والمروة في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه لأن يراه الناس وليشرف ويسألوه فإن الناس غشوه». رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. 1977 - وعن عائشة قالت: «طاف النبي ﷺ في حجة الوداع على بعيره يستلم الركن كراهية أن يصرف عنه الناس». رواه مسلم. 1978 - وعن ابن عباس: «أن النبي ﷺ قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته كلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين». رواه أحمد وأبو داود. 1979 - وعن أبي الطفيل قال: «قلت لابن عباس أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة؟ قال: صدقوا وكذبوا، قلت: وما قولك: صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله ﷺ كثر عليه الناس يقولون هذا محمد، هذا محمد حتى خرج العواتق من البيوت، قال: وكان رسول الله ﷺ لا يضرب الناس بين يديه فلما كثروا عليه ركب، والمشي والسعي أفضل». رواه أحمد ومسلم. الشيخ: هذه الأحاديث تتعلق بالطوف راكبا والسعي راكبا، دلت الأحاديث على أن الإنسان إذا كان عاجزا له أن يطوف راكبا ويسعى راكبا كما فعلت أم سلمة رضي الله عنها، فإنها طافت راكبة من أجل مرضها، طافت من وراء الناس، وهكذا المحمول الذي يحمل على عربية أو على رؤوس الرجال من العذر لأجل المرض أو كبر السن لا بأس بذلك، أما النبي ﷺ فقد طاف راكبا وماشيا، فعند طواف القدوم في حجة الوداع وطواف الإفاضة طاف ماشيا في الأشواط الأولى في طواف القدوم ورمل كما ثبت ذلك من حديث جابر وغيره، طاف ماشيا ورمل في الأشواط الثلاثة، ثم كثر عليه الناس فركب في بقية الطواف، وهكذا في طواف الإفاضة طاف ماشيا ولم يرمل، ولكن ركب في أثناء الطواف بسبب كثرة الناس لما غشوه وكثروا عليه ركب وصار يطوف راكبا ويستلم الركن بالمحجن وربما أشار إليه وكبر، فهذا هو الجمع بين الأحاديث، الجمع بينها أنه طاف ماشيا في بعض الطواف وطاف راكبا في بعض الطواف، وكان في طواف القدوم ماشيا رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعة، فما جاء عن ابن عباس وعن غيره أنه طاف راكبا يعني في بعض الأطوفة، ما هو بكل الطواف في بعض الأشواط، وما جاء ماشيا يعني في بعض الأشواط، ومن ذلك طواف القدوم فإنه رمل في الأشواط الثلاثة ماشيا ولم يرمل في الأشواط الثلاثة من طواف الإفاضة، فدل ذلك على أن الرمل يختص بطواف القدوم في الأشواط الثلاثة خاصة، ودل على أن من لم يستطع الطواف ماشيا فإنه يطوف راكبا، وهكذا السعي يسعى راكبا فإن تيسر المشي فهو أفضل، ومن ذلك ما يتعلق بالرمل في الأشواط الثلاثة وأطواف القدوم طواف القدوم فالسنة الرمل، فإذا شق عليه فلا بأس أن يمشي وهذا في حق الرجال، أما المرأة فلا ترمل لأنها عورة تمشي مشيا في الأشواط كلها، وكون الناس غشوه وكثروا عليه هذا من الأعذار في ركوبه عليه الصلاة والسلام. وفق الله الجميع. باب ركعتي الطواف والقراءة فيهما واستلام الركن بعدهما الحديثان رواهما ابن عمر وابن عباس وقد سبق. 1980 - وعن جابر: «أن رسول الله ﷺ لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [البقرة:125] فصلى ركعتين فقرأ: فاتحة الكتاب، وقل يا أيها الكافرون [الكافرون:1]، وقل هو الله أحد [الإخلاص:1]، ثم عاد إلى الركن فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا». رواه أحمد ومسلم والنسائي وهذا لفظه، وقيل للزهري: إن عطاء يقول: تجزيه المكتوبة من ركعتي الطواف، فقال: السنة أفضل، لم يطف النبي ﷺ أسبوعا إلا صلى ركعتين أخرجه البخاري. باب السعي بين الصفا والمروة 1981 - عن حبيبة بنت أبي تجراة قالت: «رأيت رسول الله ﷺ يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه وهو وراءهم وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي تدور به إزاره وهو يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي». 1982 - وعن صفية بنت شيبة أن امرأة أخبرتها «أنها سمعت النبي ﷺ بين الصفا والمروة يقول: كتب عليكم السعي فاسعوا. رواهما أحمد. 1983 - وعن أبي هريرة: «أن النبي ﷺ لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو». رواه مسلم وأبو داود. 1984 - وعن جابر: «أن رسول الله ﷺ طاف وسعى، رمل ثلاثا، ومشى أربعا، ثم قرأ: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [البقرة:125] فصلى سجدتين، وجعل المقام بينه وبين الكعبة، ثم استلم الركن، ثم خرج فقال: إن الصفا والمروة من شعائر الله [البقرة:158]، فابدءوا بما بدأ الله به. رواه النسائي، وفي حديث جابر: «أن النبي ﷺ لما دنا من الصفا قرأ: إن الصفا والمروة من شعائر الله [البقرة:158] أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى انصبت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا». رواه مسلم وكذلك أحمد والنسائي بمعناه. الشيخ: هذه الأحاديث كلها تتعلق بالطواف والسعي، دلت الأحاديث الأولى على أن السنة أن يصلي ركعتين بعد كل طواف، وأن الرسول ﷺ كان إذا طاف صلى ركعتين، وأنه لما فرغ من الطواف أتى مقام إبراهيم وقرأ: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [البقرة:125]، وصلى ركعتين قرأ فيهما بسورتي الإخلاص قل يا أيها الكافرون [الكافرون:1] في الأولى وقل هو الله أحد [الإخلاص:1] في الثانية بعد الفاتحة، هذا هو السنة لمن طاف أن يصلي ركعتين سواء كان الطواف واجبا أو مستحبا، ولما قيل للزهري إن فلانا يرى أن صلاة الفجر تكفي، قال: السنة أفضل، قد صدق الزهري السنة هو أن يصلي ركعتين ولا يكفيه أن يصلي الفريضة بعد ذلك، بل متى طاف فالسنة أن يصلي ركعتين سواء كان الطواف فرضا أو نفلا، وسواء كان الطواف للحج أو للعمرة كله واحد، وفيه أنه ﷺ لما طاف طواف القدوم مر على الركن واستلمه ثم خرج إلى الصفا، فهذا يدل على أنه إن تيسر ذلك يستحب المرور على الحجر الأسود ليستلمه، إذا تيسر بعد طواف القدوم وبعد الركعتين يمر عليه في طريقه إلى المسعى ويستلمه بيده فقط إذا تيسر ذلك، وفي الأحاديث الأخرى الدلالة على وجوب السعي، وأن الواجب على كل حاج وكل معتمر أن يسعى لأن الرسول سعى وقال: خذوا عني مناسككم، ولما روي عنه ﷺ أنه قال: إن الله كتب عليكم السعي وإن كان في سندها مقال لكنها تعتضد بغيرها، فالسنة للمؤمن بعد الطواف - طواف القدوم- أن يسعى سواء كان حجا أو عمرة، والطواف والسعي ركنان - ركنان في الحج والعمرة- لا بد منهما في الحج والعمرة، والسنة أن يصعد على الصفا ويقول عند الصعود: إن الصفا والمروة من شعائر الله [البقرة:158]، أول ما يبدأ يقرأ: إن الصفا والمروة من شعائر الله [البقرة:158] أبدأ بما بدأ الله به كما فعل النبي ﷺ، ثم يصعد عليها ويستقبل البيت – الكعبة - ويرفع يديه ويحمد الله ويثني عليه ويدعو يكرر هذا ثلاث مرات، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ويكبر يكرر التكبير والحمد والدعاء ثلاث مرات مستقبل القبلة رافعا يديه، ثم ينزل يمشي، فإذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، والآن علامة السعي ما بين العلمين، إذا جاء بين العلمين هذا بطن الوادي يرمل، يعني يعجل في المشي بينهما بين العلمين حتى يصعد من الوادي، ثم يمشي حتى يأتي المروة فيصعد عليها ويقول مثلما قال على الصفا؛ يحمد الله ويكبره ويدعو ويرفع يديه ثلاث مرات في كل شوط كما فعل النبي ﷺ هذا هو السنة، وبعد هذا إن كانت عمرة تمت العمرة، عليه يقصر ويحل أو يحلق في العمرة إذا طاف وسعى تمت أدى أركانها، بقي عليه أن يقصر أو يحلق ويحل، وفي الحج إذا طاف وسعى إن كان لم يقصر قصر وإن كان قد قصر فقد تم حجه، إن كان قد قصر بعد الرمي، فالطواف والسعي في تمام الحل، وإن كان رمى ثم طاف وسعى قبل أن يقصر وقبل أن يحلق حلق وقصر، وبهذا يتم حله، وإن كان ما قصر يكون تحلل التحلل الأول برميه الجمرة والطواف والسعي حصل التحلل الأول، فإذا قصر أو حلق تم الحل، وإذا كان قد قصر قبل الطواف أو حلق فإنه يطوف ويسعى وبهذا يتم الحل. وفق الله الجميع. س: .....؟ الشيخ: نعم قبل الصلاة قبل ركعتي الطواف. س: .....؟ الشيخ: الأفضل بعد الركعتين ما في رفع اليدين بعد الركعتين انتهى، يصلي ركعتين من غير رفع اليدين، النبي ﷺ ما رفع يديه بعدها. س: .....؟ الشيخ: للسنة واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [البقرة:125]. س: .....؟ الشيخ: يدعو بما تيسر. باب النهي عن التحلل بعد السعي إلا للتمتع إذا لم يسق هديا وبيان متى يتوجه المتمتع إلى منى، ومتى يحرم بالحج 1985 - عن عائشة قالت: «خرجنا مع رسول الله ﷺ فمنا من أهل بالحج ومنا من أهل بالعمرة، ومنا من أهل بالحج والعمرة، وأهل رسول الله ﷺ بالحج، فأما من أهل بالعمرة فأحلوا حين طافوا بالبيت وبالصفا والمروة، وأما من أهل بالحج، أو بالحج والعمرة فلم يحلوا إلى يوم النحر». 1986 - وعن جابر: «أنه حج مع النبي ﷺ يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردا، فقال لهم: أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا، ثم أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة فقالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج، فقال: افعلوا ما أمرتكم ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله ففعلوا». متفق عليهما، وهو دليل على جواز الفسخ وعلى وجوب السعي وأخذ الشعر للتحلل في العمرة. 1987 - وعن جابر قال: «أمرنا رسول الله ﷺ لما أحللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح». رواه مسلم 1988 - وعن معاوية قال: «قصرت من رأس النبي ﷺ عند المروة بمشقص». متفق عليه. ولفظ أحمد: «أخذت من أطراف شعر النبي ﷺ في أيام العشر بمشقص وهو محرم». 1989 - وعن ابن عمر: «أنه كان يحب إذا استطاع أن يصلي الظهر بمنى من يوم التروية وذلك أن النبي ﷺ صلى الظهر بمنى». رواه أحمد. 1990 - وعن ابن عباس قال: «صلى رسول الله ﷺ الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفة بمنى». رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، ولأحمد في رواية: قال: «صلى النبي ﷺ بمنى خمس صلوات». 1991 - وعن عبدالعزيز بن رفيع قال: سألت أنسا فقلت: «أخبرني بشيء عقلته من رسول الله ﷺ: أين صلى الظهر يوم التروية؟ قال: بمنى. قلت: فأين صلى العصر يوم النفر؟ قال: بالأبطح، ثم قال: افعل كما يفعل أمراؤك». متفق عليه. 1992 - وفي حديث جابر قال: «لما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وركب رسول الله ﷺ فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله ﷺ ولا تشك قريش أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله ﷺ حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس، وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا. مختصر من مسلم. الشيخ: هذه الأحاديث فيها بيان أحكام الحج والعمرة، وبيان متى يتوجه الحجيج من مكة إلى منى، ومتى ينصرفون منها، ومتى ينصرفون من عرفات ومن مزدلفة إلى منى، ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ أنه خير أصحابه في الميقات بين الحج والعمرة والجمع بينهما، فأهل بعضهم بالحج، وبعضهم أهل بالعمرة، وبعضهم أهل بهما في ذي الحليفة في عشر من الهجرة حجة الوداع، وأهل الرسول بالحج والعمرة جميعا قارنا. ..... والرجال أعلم منها بهذا، وقد روى ذلك جماعة، فقد أهل بالعمرة والحج جميعا، فلما دنوا من مكة قال للصحابة الذين ليس معهم هدي: اجعلوا إحرامكم عمرة للذين أحرموا بالحج أو بالحج والعمرة جميعا، ثم أكد عليهم بعدما طاف وسعى أن يحلوا ويقصروا إلا من كان معه الهدي فحلوا جميعا، طافوا وسعوا وقصروا وحلوا فأتوا النساء ولبسوا المخيط واستعملوا الطيب حلا كاملا، هذا هو الصواب والثابت في الأحاديث الصحيحة إلا من كان معه الهدي من إبل أو بقر أو غنم فقد بقي على إحرامه، وكان النبي ﷺ معه الهدي من الإبل فبقي على إحرامه حتى نحر يوم النحر، هذا هو الثابت عن النبي ﷺ في صفة حجة الوداع، فمن جاء إلى مكة أيام الحج ومعه هدي فإنه يبقى على إحرامه إن كان أحل بحج وعمرة، أو بحج مفرد يبقى على إحرامه حتى يحل يوم النحر، أما من ليس معه هدي فالسنة له إذا قدم بعد رمضان في أشهر الحج أن يؤدي مناسك العمرة؛ يطوف ويسعى ويقصر ويحل إذا لم يكن معه هدي كما فعل الصحابة ، ثم إذا جاء يوم الثامن لبى بالحج هذا هو السنة الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام، أما حديث معاوية أنه قصر للنبي ﷺ في العشر فهو وهم من بعض الرواة، معاوية إنما قصر عنه في عمرة القضاء لما اعتمر في سنة سبع على المروة، كان ذلك في ذي القعدة ليس في ذي الحجة بل في ذي القعدة قصر عنه ﷺ في عمرة القضاء عام سبع، وأما عمرة المتعة في السنة العاشرة فإنه ﷺ لم يحل، وإنما بقي على إحرامه حتى حل يوم النحر منهما جميعا كما في حديث جابر وغيره وأنس وابن عمر وغيرهم. وأما عمرة القضاء فهي كانت في سنة سبع من الهجرة في ذي القعدة قصر عنه معاوية على العمرة عند انتهائه من السعي، وفق الله الجميع.
المصدر