🔻 الكتابة إلى الملوك والأمراء
🍃 وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جريج بن متى ، الملقب بالمقوقس ملك مصر والإسكندرية اللَّهِ ، واختار لحمل هذا الكتاب حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه ، فلما دخل حاطب على المقوقس قال له: إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، فانتقم به ثم انتقم منه، فاعتبر بغيرك، ولا يعتبر غيرك بك.
🍃فقال المقوقس: إن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه.
فقال حاطب رضي الله عنه : ندعوك إلى دين الإسلام ، إن هذا النبي دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش، وأعداهم له اليهود، وأقربهم منه النصارى، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، فكل نبي أدرك قوما فهم أمته، فالحق عليهم أن يطيعوه، وأنت ممن أدركه هذا النبي، ولسنا ننهاك عن دين المسيح، ولكنا نأمرك به.
🍃🌸
🍃فقال المقوقس: إني قد نظرت في أمر هذا النبي، فوجدته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والإخبار بالنجوى وسأنظر.
🍃وأخذ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فجعله في حق (وعاء) من عاج، وختم عليه ودفع به إلى جارية له، ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
«بسم الله الرحمن الرحيم» لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد، فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين، لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها، والسلام عليك.
🍃🌸
🍃ولم يزد على هذا ولم يسلم، والجاريتان هما مارية رضي الله عنها ، وأختها سيرين، والبغلة هي دلدل ، فاتخذ النبي صلى الله عليه وسلم مارية سرية له( ملك يمين )، وولدت له إبراهيم. وأما سيرين فأعطاها لحسان بن ثابت الأنصاري.
🍃 وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك الفرس ، واختار لحمل هذا الكتاب عبد الله بن حذافة السهمي رضي الله عنه ، فلما قرئ الكتاب على كسرى مزقه ، ولما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مزق الله ملكه، وقد كان..
🍃فقد كتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن: ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين (شداد )، فليأتياني به. فاختار باذان رجلين ممن عنده، وبعثهما بكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى، فلما قدما المدينة، وقابلا النبي صلى الله عليه وسلم قال أحدهما: إن شاهنشاه (ملك الملوك) كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك، وبعثني إليك لتنطلق معي، وقال قولا تهديديا، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يلاقياه غدا.
🍃🌸
🍃وفي ذلك الوقت كانت قد قامت ثورة كبيرة ضد كسرى من داخل بيته بعد أن لاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله، وأخذ الملك لنفسه، وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الوحي، فلما غدوا عليه أخبرهما بذلك
🍃فقالا: هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر، أفنكتب هذا عنك، ونخبره الملك. قال: نعم أخبراه ذلك عني، وقولا له: إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى!
وقولا له: إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك، وملكتك على قومك
🍃فخرجا من عنده حتى قدما على باذان فأخبراه الخبر، وبعد قليل جاء كتاب بقتل شيرويه لأبيه، وقال له شيرويه في كتابه: انظر الرجل الذي كان كتب فيه أبي إليك، فلا تهجه حتى يأتيك أمري.
وكان ذلك سببا في إسلام باذان ومن معه من أهل فارس باليمن