توصل علماء من معهد (فيرجينيا كارليون) التقني إلى أن رصد الخوف لدى الآخرين قد يغير من كيفية تدفق المعلومات في الدماغ، وهي حالة قد يكون لها انعكاس على البشر ممن يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة حسب ما يُنبئ به نموذج القوارض.
تترك التجارب العاطفية السلبية أثرها على أدمغتنا مما يجعلنا أكثر حساسية، فالتجارب الصادمة تمثل عامل خطر يساهم في الإصابة بالاضطرابات العقلية، وإن لم تقترن هذه التجارب بألمٍ جسدي محسوس.
اضطراب ما بعد الصدمة هو اضطراب يتمثل بالقلق، من الممكن أن يتطور لدى بعض الأشخاص بعد أن يمروا بأحداثٍ مخيفة أو صادمة أو خطرة، لا يتطور هذا الاضطراب لدى معظم الأشخاص، لكنه يصيب ما نسبته 7 إلى 8 أشخاص من كل 100 شخص في مرحلةٍ ما من حياتهم، استنادًا لبيانات المركز الوطني لاضطراب ما بعد الصدمة التابع لدائرة شؤون المحاربين الأميركية.
لا يقف هذا الاضطراب عند حد ضحايا المرض أو الهجمات الإرهابية؛ إذ يمكن أن يؤثر على المقربين ممن نحب أو من يقدم لنا الرعاية أو حتى الأشخاص المتفرجين، أي أولئك الذين يشاهدون معاناة الآخرين أو يتعلمون منها. فمثل هذه الظروف لا تؤدي _مباشرة_ إلى الإصابة بهذا الاضطراب، لكنها تزيد من احتمالية تطوره. هناك أدلة على أن الأطفال الذين شاهدوا التغطية الإعلامية لأحداث 11 سبتمبر أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب عند تعرضهم لموقف سلبي آخر في حياتهم.
وفقاً لتقييم أجرته مؤسسة راند سنة 2008 لعدة دراسات حول اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب لدى جنود سابقين، فإن احتمالية أن يصاب الأشخاص بهذا الاضطراب لدى سماعهم عن حادث تبادل إطلاق نار كثيف، تطابق احتمالية أن يتطور لدى من شهدوا حادثة إطلاق النار ذاتها.
في دراساتٍ أخرى، وجد الباحث (مورزوف) أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، أن القوارض التي تشهد توترًا لدى أقرانها دون أن تمر بمثل تجربتهم مباشرة، تكونت لديها ذكريات أقوى من ذكريات خوفها الذاتية، وهي خاصية سلوكية ترتبط ببعض البشر ممن شهدوا هذا التوتر.
بناءً على هذه النتائج، أجرى العلماء أبحاث لمعرفة ما إذا كان رصد خوف الآخرين يُحدث تغييرات في ماهية الفص الجبهي الأمامي من الدماغ، الجزء المسؤول عن التعاطف وتفهم الحالة النفسية الآخرين.
قاس أحد الباحثين مرور المعلومات _عبر المشابك الكابحة المسؤولة عن تنظيم شدة الإشارات العصبية الواصلة إلى الفص الجبهي_ من الأجزاء الأخرى من دماغ الفئران التي شهدت حادثًا يبعث على التوتر لدى فأر آخر.
كانت النتيجة رصد تغير في تدفق المعلومات أدى إلى إعادة توزيعها بشكل مختلف. ومرد ذلك إلى التوتر، لا المنظور منه فحسب بل التوتر الإيحائي الذي ينتقل عبر الإيماءات التفاعلية الأخرى كلغة الجسد والصوت والرائحة، إذ يحتمل أن يتيح هذا التبدل تعزيز تبادل الإشارات العصبية عبر المشابك في الطبقات الخلوية العميقة من القشرية الدماغية، وبدرجاتٍ أقل في الأجزاء السطحية من الدماغ. إلا أنه من غير الواضح حتى الآن كيف تبدلت الدارات العصبية.