كان أحمد شابا موهوبا في الرسم. كان يحب أن يرسم المناظر الطبيعية والحيوانات والناس بألوان زاهية وتفاصيل دقيقة. كان يحلم بأن يصبح فنانا مشهورا ويعرض أعماله في المعارض الكبرى في العالم.
كان يقضي ساعات طويلة في غرفته، مستغرقا في عالمه الخاص. لكن والده كان يعتبر الرسم هواية عابرة، ويطالبه بأن يدرس الهندسة أو الطب أو القانون.
كان والده رجلا صارما وتقليديا، ويعتقد أن هذه المهن هي الوحيدة التي تضمن لابنه مستقبلا مشرفا ومربحا. كان والده يضغط على أحمد للتخلي عن رسوماته ويهدد بأن يمزقها إذا لم يستجب.
كان أحمد حزينا ومضطربا، ولم يجد من يفهمه أو يدعمه. لم تكن أمه تجرؤ على مواجهة زوجها، ولم يكن لديه أصدقاء حقيقيون. ذات يوم، قرر أحمد أن يهرب من منزله ويسافر إلى مدينة أخرى، حيث يمكنه أن يعيش حياته كما يشاء.
حمل أحمد حقيبته ورسوماته، وصعد إلى القطار. كان يشعر بالحرية والفرح لأول مرة في حياته. خطط للبحث عن عمل بسيط، والتسجيل في دورات فنية، والتعرف على فنانين آخرين.
لكن في منتصف الطريق، تعرض القطار لحادث مروع، بسبب خلل في السكة. اصطدم القطار بشاحنة محملة بالوقود، وانفجرت في اشتعال. لقي أحمد حتفه مع عشرات الركاب الآخرين.
لم تصل رسوماته إلى وجهتها، بل ضاعت في الفوضى. لم يعلم والده بخبر موت ابنه إلا بعد عدة أشهر، عندما تلقى رسالة من الشرطة. ندم والده على ما فعله، وبكى على ابنه المفقود.
تذكر كيف كان أحمد طفلا بريئا وسعيدا، قبل أن يفقده في سن المراهقة. تمنى لو كان قد احترم رغباته وأثنى على موهبته. لكن كان الأوان قد فات.