أقبل ولا تخف
ملهم جدا تعبير سيدنا ”موسى“ الدائم عن خوفه،
قبل أن يصل إلى مرحلة الاطمئنان في نهاية قصته،
وامتزاج مشاعر الخوف عنده بكثير من قصته، وطلبه من ربه أن يرسل معه أخيه هارون لأنه يخاف أن يكذبوه...
وكذلك خوف والدته الشديد من قتل فرعون له، والذي من الممكن أن يكون له دور في امتزاج الخوف به.
أن يدرك رسول الله مشاعره ويعبر عنها بوضوح، ويطلب أشياء بناء على مشاعره ولا يحرج من خوفه، وهو من أولي العزم من الرسل!
”فأصبح في المدينة خائفا يترقب“.
”فخرج منها خائفا يترقب“.
”فلما جاءه وقص عليه القصص.. قال لا تخف“.
”فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف“.
”فأوجس في نفسه خيفة موسى“.
”رب إني قتلت منهم نفسا.. فأخاف أن يقتلون“.
”وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون“.
”قال رب إني أخاف أن يكذبون“.
”وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني“.
---------------
وعندما سمح الله لسيدنا ”موسى“ أن يعبر عن مخاوفه، كان الله -سبحانه- يستجيب لطلباته التي تطمئن خوفه؛ فلم يستنكر الله -سبحانه- خوف سيدنا ”موسى“ من تكذيب فرعون له وطلبه إثر ذلك لعون أخيه...
فلا قيل له: كيف تطلب شخص ورب العالمين معك؟!
بل وافق على طلبه، وزيادة في الاطمئنان.. أبلغه الله أنه معهم يسمع ويرى،
أخوك معك، وأنا معكم!
ومع كل مرة.. ترى المخاوف تقل تدريجيا،
حتى في النهاية: الموقف الأصعب،
فرعون وجيشه.. أو البحر!
سيدنا ”موسى“ الذي خاف من تحول عصاه، وخاف من سحر سحرة فرعون، وخاف من فعلته...
يقول بكل اطمئنان:
”كلا
إن معي ربي سيهدين“.
المشاعر لا تعالج بالكبت، بالنهي، بالإنكار، بتظاهر القوة، بالخجل منها، بالهروب منها، ولا بإظهار عكسها...
الخطوة الأولى دائما: القدرة على التعبير عنها،
والتصديق من الغير (ومن نفسك) على حقك فيها...
ثم تأتي بعد ذلك كل الخطوات“.