أحد المعلمين يقول :
انتقلت للعمل في مدرسة ابتدائية... منحني المدير تدريس ( الصف الثالث ) واستدعاني إلى مكتبه وقال لي : سوف أصارحك القول لدينا في المدرسة ثلاثة شعب ( الصف الثالث ) وهذا الموسم الدراسي ...قررنا مع باقي زملائك
أن نجعل شعبتين منهم .. يضمون أحسن التلاميذ .. والصف الثالث .. الذي هو شعبتك أنت .. كل تلاميذها.. ميئوس منهم ...فإن استطعت أن تنتشل منهم ، ثلاثة ، أو أربعة تلاميذ ..فلك كل التقدير ....
وإن لم تستطع ، فلا لوم عليك فحتى أولياء أمورهم ..يعرفون ضعف مستواهم....
يقول صاحبنا :
دخلت إلى الشعبة وسألت كل طالب ماذا تحب أن تصبح عندما تكبر ؟
قال بعضهم ضابطاً وبعضهم قال طبيباً ،
والآخر قال : مهندساً
ابتهجت في نفسي كثيراً وقلت :
الحمد لله أن أحلامهم لم تمت بعد .
في اليوم الثاني أعدت توزيع جلوس الطلاب بحسب مهن أحلامهم
بحيث يكون الضباط بجانب بعضهم ،
والأطباء بجانب بعضهم وكذلك الحال بالنسبة للمهندسين .. وهكذا .
وكتبت لكل واحد منهم لقبه على كتابه .
الضابط : محمد !
الدكتور عبدالله !
المهندس : احمد !
وبدأت أمارس مهنتي كمعلم لهؤلاء الطلاب ، وأنا واضع بذهني أنهم كغيرهم من التلاميذ وليسوا ضعفاء كما يوصفون .
وبالطبع وجدت منهم من يخطىء ،
ومن يتكاسل ،
ومن لا يكتب الواجب ، الخ ...
وهنا جاء دور العقاب . !!
ولكن عقابي لهم كان مختلفاً تماماً فأنا لا أضربهم
بل كنت فقط أسحب اللقب من المعاقبين
وبالتالي أسحب منهم أحلامهم وأجلسهم في مكان خاص بالفصل أسميناه "الشارع" مما كان يزعجهم ويجعلهم يضاعفون جهودهم للرجوع لمكانهم ، ولقبهم المفضل لهم
وبهذا الشكل ارتفع مستوى الطلاب في الصف ، و أخذوا يحلون الواجبات المنزلية ..أولاً بأول
ويدرسون باجتهادٍ كبير وتنافس شريف ، وكنت أشجعهم أحياناً بهدايا كل واحد هديته تخص مجال حلمه .
ومع انتهاء الفصل الدراسي الأول أحب كل تلاميذي الصف والدراسة والمدرسة والمدرس...
وصرت نادراً ما أجلس أحدهم في"الشارع "
وبنهاية العام والحمدلله فقد تفوقت شعبتي على الشعبتين الآخرتين وبفارق كبير ....
سألني المدير وباقي الزملاء المعلمين :
" بالله عليك قل لنا ما هي طرق التدريس التي غيَرت من هؤلاء التلاميذ ورفعت مستواهم بشكل خيالي ؟"
فكان ردي :
طرقي بالتدريس وأسلوبي لا يختلف عن أساليبكم أنا فقط
"جعلت كل تلميذ يدافع عن حلمه "