اعجبتني كلمات مقالة عن الكتاب
لما بها من عمق وأهمية
تنساب تلك السكينة على قلب من فتح صفحته ،
ليكون وجها بوجه مع مؤلفه ، ينتقل معه من باب لباب ،
ومن فصل لفصل ، وهو يحاوره ، يعترضه ، يوافقه ،
يعيش معه اللحظة باللحظة ، لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا
ويوقفه عندها ، ليخرج من تلكم الجلسة
وقد علم المقصود من كل ما كُتب فيه ،
لينعم بعظيم الفائدة ، لتكون اضافة معرفية
يُسبر بها أغوار المجهول الذي لا يصل لكنهه الجاهل
القابع في دهاليز العزلة عن جني الفائدة المتاحة...
لمن أرادها .
اتاني الفضول لأقرأ في كتاب " كن لنفسك كل شيء " /
وقفت على باب " الإهداء " حين شمل من كان حائلا عن امساك تلابيب الكتب
_ في ظاهر الحديث _
ليقرأ من متونها ، هو ذلك الأب الحاني الذي غلّب لغة العقل ،
وسد أذنه عن سماعِ منادي العاطفة ، ليجعل من تحصيل العلم ،
والتركيز على الدروس هو المقدم عن تلك الفسحة ،
التي يملأ به شغف المطالعة ،
ليُثنّي الاهداء لتلك الأم الرؤوم التي كانت ترده
_ من الباب الآخر _ ليُطفي نهمه من حُب المطالعة والقراءة ،
فمن ينظر لفعل الأب والأم يجد ذلك التباين والتناقض !
هذا لمن وقف على الظاهر من الفعل !
ولكن من تعمق في المقاصد من ذلك الفعل وجد الحرص
من الاثنين _ وإن اختلفا _ ، هذا لمن أراد ابرام الحُكم .
من باب /
" الحُب لا يطرُق باب القلب ، بل يخلعه " :
تلك المناجاة _ من الكاتب _ لتلك " الغافية " على مهد الغيّبة ، وهو يرفع
لها رسائل الرجاء أن تنزل من علياء الغياب ، بعدما اكتواه سُهاد الاشتياق ،
وأعياه طول الانتظار الذي اذاب منه كُل حِس ،
يدعو للقاءٍ لا يضاجعه فراق ... ولا تُغيّره فصول السنين ...
خالدا لا يعرف الفناء .
مررت على أبواب وفصول الكتاب ، فوجدت تلك الارجافات وتلك النداءات
تجوب آفاق الفضاء ، تنتظر رد الصدى ، لينعم من ذلك _ وبذلك _ قلبا يغمره الاطمئنان ،
هي بواعث العاشق ، وتلك المخاوف التي يُطلقها في صحاري الانتظار ،
حين يهفو قلبه لسماع صوت من أحبه ... لتسكن روحه بلقاءه ... فتُعانق روحه روحه بذلك ،
ذاك الضجيج الذي يعلو صفحة الكون ، وذاك التناغم الذي نجد تردده وترديده من العديد ممن يعيشون في هذه الحياة ،
وكأن لا حديث لهم غير حديث الفقد ! وتلك النار التي تحرق خضراء اشتياقهم !