بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
يقول الشاعر:
علامة شكر المرء إعلان حمده فمن كتم المعروف منهم فما شكرإذا ما صديقي نال خيرا فخانني فما الذنبُ عندي للذي خان أو فجر
لا ينكر الفضل إلا جاحد و لا ينساه إلا متكبر و نكران الفضل و عدم الإقرار به سواء لله عز و جل أو للناس سلوك مشين ترفعت عنه الحيوانات.فكم من حيوانات أليفة و غير أليفة " أعزكم الله " حفظت الجميل و شعرت بالمعروف و وضح ذلك فى بعض السلوكيات التى سمعناها من خلال بعض القصص.و الإعتراف بالجميل و الفضل و الإعتراف به لا ينقص من قدرك على الإطلاق و لكنه ينم عن أصل طيب و شخصية ملتزمة و يدل على أنك من أهل الحمد و ذلك بالشهادة النبوية الشريفة فى قوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم: من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، و من لم يشكر الناس ، لم يشكر الله ، و التحدث بنعمة الله شكر ، وتركها كفر ،
و الجماعة رحمة ، و الفرقة عذاب.
الراوي : النعمان بن بشير رضى الله عنه
المحدث : الألباني
المصدر : صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم : 976
خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح.
و إن كنا نتحدث عن الإعتراف بالجميل و الفضل فمن باب أولى أن نعترف بنعم الله علينا التى لا تعد و لا تحصى و أولها نعمة الإسلام و يا لها من نعمة.و إن شكرنا الله عليها ليل نهار ما عادلنا حق الشكر و الحمد لهذه النعمة العظيمة.كما يجب أن نقر و نعترف بالجميل و الفضل لسيدنا محمد حبيبنا و قرة أعيننا و الذى بعثه الله بالحق ليخرجنا من الظلمات إلى النور بإذنه و أدخر دعوته ليشفع لنا يوم لا ينفع مال و لا بنون فكم له من أفضال علينا عليه الصلاة و السلام.كما يجب أيضاً ألا ننسى أفضال الصحابة الكرام و أولهم سيدنا ابو بكر رضى الله عنه و كذلك امهاتنا أمهات المؤمنين و أولاهن أمنا و سيدتنا السيدة خديجة رضى الله عنها.فما فعلوه من أجل إعلاء راية الإسلام عالية لا يمكن نكرانه او تجاهله فجزاهم الله عنا خير الجزاء و جمعنا و إياهم و فى زمرتهم اللهم آمين.
أما نحن و ما أدراكم ما نحن " إلا من رحم ربى " غلبت علينا لغة المصالح و الأهواء و كما يقول شيخنا و والدنا الدكتور وجدى غنيم
" الدنيا مصالح يا أبو صالح شوف مصلحتك"و بمجرد أن تتنهى المصلحة ندير ظهورنا لأصحاب الفضل و نتجاهل المعروف و ديننا العظيم يقر ذلك و يؤكده فى قوله تعالى) : وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ) و عدم الشكر نوع من أنواع البلاء أعاذنا الله و إياكم منه كما جاء على لسان سيدنا سليمان ) هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ(
و ما أروع البلاغة فى هذه الآية الكريمة حيث يوضح الله عز و جل أنه فى غنى عن شكركم و ليس ذلك فحسب و لكنه كريم بحر عطاؤه لا ينضب و لا ينتهى مع هذا الجحود و النكران.كما يوجد مظهر غريب من مظاهر نكران الجميل و عدم الإعتراف بالفضل
و هو ما يتجلى واضحاً بين الزوجين و خاصة من الزوجة عندما تكفر العشير و تنسى لزوجها كل ما فعله من أجلها لمجرد سبب تافه فتكفر بعشرته و تنسى حبه و مودته لها و تخبره أنها لم ترى منه خيراً قط.كما أن هذا السلوك الغريب و للأسف الشديد يظهر الآن بين بعض الأولاد ناحية الآباء عندما ينكرون فضل الأبوين و تتعالى أصواتهم بإنخفاض مستوى المعيشة رغبة فى التقليد الأعمى.
و هنا يتناسى الجميع فضل الابوين الذى أكدت عليه الشريعةقرآناً و سنةً"و فضل الأبوين و جميلهما لا يمكن حصره فى مال أو ملبس أو مأكل و إنما هو فضل لن يستطيع أحد أن يكافئه كما يجب أن تكون المكافئة.إن الشكر و الإعتراف بالفضل و الجميل هو من كريم الخصال و حسن الخلق و التأدب الذى تغرسه فينا تعاليم الإسلام السمحة العظيمة فلا تنسى صاحب فضل و قدر له معروفه
فشكرك له شكر لله عز و جل.و الإعتراف بالجميل و المعروف يعتبر من اكثر الأخلاق الطيبة التى تزيد روابط المودة و الرحمة بين المؤمن و ربه و بين المؤمن و أخيه.فلنرتقى و نحفظ للناس فضلهم فى قلوبنا و نشكرهم بألسنتنا فيظل حبهم و ودهم فى أرواحنا.
و لنتذكر أن عدم الإعتراف بالفضل و الجميل و شكر الناس قد يؤدى إلى عزوف الطيبين و الصالحين عن فعل الخير و قضاء الحوائج.
أقوال فى الإعتراف بالفضل و الجميل
من القرآن الكريم و الذِكر الحكيم) :- وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(البقرة : 237
و من السنة المطهرة الشريفة:- من استعاذ بالله فأعيذوه ، و من سأل بالله فأعطوه ، و من دعاكم فأجيبوه ، و من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه.
الراوي : عبدالله بن عمر رضى الله تعالى عنهما
المحدث : النووي
المصدر : تحقيق رياض الصالحين - الصفحة أو الرقم : 547
خلاصة حكم المحدث : صحيح
و من أقوال السلف الصالح
لأشكرنك معروفا هممتَ به إن اهتمامك بالمعروف معروفو لا ألومك إن لم يُمضه قدرٌ فالشيء بالقدر المجلوب مصروف شاعر قديم
الواجب على المرء أنْ يشكر النعمة ، و يحمد المعروف على حسب وسعه و طاقته ، إنْ قدر بالضِّعف ، و إلا فبالمثل ، و إلا فبالمعرفة بوقوع النعمة عنده ، في بذل الجزاء له بالشكر و قوله له:جزاك الله خيراً"
أبو حاتم ابن حبان
تروي الكتب أن إنساناً يمتطي جواده في الصحراء ، و في أيام الحر الشديدة رأى رجلاً ينتعل الرمال الحارة و كأنه الجمر فدعاه
لركوب الفرس ، إذا بهذا الإنسان أحد لصوص الخيل ما إن أعتلى الفرس حتى دفع صاحبها إلى الأرض ، و عدا بالفرس لا يلوي على شيء ، ماذا قال صاحب الفرس ؟ يا هذا لقد وهبت لك هذه الفرس و لن أسأل عنها بعد اليوم ، و لكن إياك أن يشيع الخبر في الصحراء فتذهب منها المروءة و بذهاب المروءة يذهب أجمل ما فيها"
دخل سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه على مجلس فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام سيدنا علي بن أبي طالب رضى الله عنه وقف للصديق و أجلسه مكانه ، فتبسم النبي عليه الصلاة و السلام و قال: لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل
سيدنا الصديق رضى الله و تعالى عقب وفاة النبي عليه الصلاة و السلام وقف مع سيدنا عمر و قال: يا عمر مد يدك لأبايعك ، صعق سيدنا عمر قال : أي أرض تقلني ، و أي سماء تظلني ، إذا كنت أميراً على قومٍ فيهم أبو بكر ؟!!
قال الصديق : يا عمر أنت أقوى مني.
قال : يا أبا بكر أنت أفضل مني.
ثم قال عمر رضى الله عنه : يا أبا بكر قوتي إلى فضلك
رضى الله عنكم و أرضاكم يا سادتنا و جمعنا بكم فى الجنة
المصدر بيت عطاء الخير
بحث وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي