بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الملك شهريار
يُروى أنّه في قديم الزمان كانت هناك مملكة كبيرة امتّدت من بلاد فارس حتّى عبرت حدود الهند والصين، وكان يحكمها ملك عادل وطيب الأخلاق، حيث تمتّعت البلاد في حكمه بالازدهار والرفعة، وكان لهذا الملك ولدان متحابّان تجمعهما علاقة أخوة قوية؛ شهريار الابن الأكبر والذي تولّى حكم البلاد بعد وفاة أبيه، وأخوه الأصغر شاه زمان والذي سلّمه شهريار حكم بلاد العجم، واستمرّ الأخوان كلٌّ في بلاده يُدير شؤونها لمدّة 20 عاماً.[٣]
كره شهريار للنساء
في يوم من الأيام فاض الشوق بشهريار لرؤية أخيه، فبعث وزيراً من حاشيته إلى أخيه شاه زمان داعياً إيّاه لزيارته، ليخرج شاه زمان بحاشيته وخدمه ووزرائه ملبّياً دعوة أخيه، وفي منتصف الطريق أدرك شاه زمان أنّه نسي شيئاً مهمّاً، فعاد أدراجه إلى القصر ليلاً، ليتفاجأ بخيانة زوجته له مع عبد من عبيده، فاستشاط غضباً واستلّ سيفه وقتلهما جزاءً على الخيانة، ليعود ويُكمل رحلته لرؤية أخيه شهريار والذي بدوره استقبله بالاحتفالات والترحيب الشديد.[١][٢][٣] مع مرور الأيام لاحظ الملك شهريار حزن أخيه الشديد، وما حلّ به من ضيق الحال والنفس وامتناعه عن الطعام والشراب، فظنّ شهريار أنّ ذلك بسبب فراقه لبلاده وزوجته، وللترويح عنه عرض شهريار عليه السفر معه وقضاء الوقت في الصيد، فرفض وآثر البقاء في القصر، وفي يومٍ كان يتأمّل فيه حديقة القصر بغياب أخيه، تفاجأ شاه زمان برؤية زوجة أخيه هي الأخرى تخون شهريار مع عبدٍ من عبيده فضاق ذرعاً، وعند عودة أخيه شهريار أفشى له سِرّه، وقصّ عليه ما بدر من زوجته في غيابه، وما كان من شهريار إلّا أن قطع رأسها بسبب خيانتها.[١][٢][٣] كَرِه شهريار النساء ظنّاً منه أنّهنّ جميعاً خائنات، فقرر الانتقام لنفسه، وأصبح يتزوّج كلّ ليلة بفتاة جديدة ليقتلها في صباح اليوم التالي، حتّى أتى يوم على شهريار لم يجد فتاةً ليتزوجها فقد قتل منهنّ من قتل، والبعض الأخريات هرَبنَ من ظلمه واستبداده، ولم يبقَ سوى شهرزاد وهي ابنة الوزير الكبرى، والتي كانت تتميز بحُسنها وفطنتها وثقافتها العالية، فعندما عَلمت شهرزاد بالحال التي آل إليها الملك قرّرت أن تضع حدّاً له، واستأذنت والدها الوزير بأن تتزوّج من الملك شهريار والذي بدوره رفض خشيةً عليها أن تقع ضحيةً لشهريار كباقي زوجاته، حتّى أقنعته بذكائها وبموقفها الإنساني وغايتها في إنقاذ شعبها من قسوة وبطش شهريار.[١][٢][٣] كيف تمكنت شهرزاد من شهريار؟
وافق شهريار الملك على طلب الوزير بالزواج من ابنته شهرزاد، وحلَّت ليلة الزفاف، وكأمنية أخيرة طلبت شهرزاد من الملك أن تروي لأختها الصغرى دنيازاد قصةً قبل أن تُفارق الحياة، ثمّ بدأت شهرزاد تروي الحكايات المشوقة للملك وكان يستمع باهتمام، وسار الأمر كما خططت شهرزاد، وبذكائها بدأت تروي له كلّ يوم قصةً حتّى يتملّكه الفضول لمعرفة باقي الأحداث، فتتوقف وتُكملها في اليوم التالي، فيمتنع عن قتلها؛ ليستمع لباقي القصة، واستغرق الأمر منها ألف قصة بألف ليلة وليلة، حتّى وقع شهريار في حُبّها وأنجبت منه ولداً وتوقف عن قتل النساء وعاد إلى رُشده.[١][٢][٣]
بحث وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي