الحلقة الثالثة عشر
(بحث عن علاج )
وهمت غادة بالذهاب ولكني ناديت عليها : ـ غادة ... والتفت الي.. ـ "ما بك يا حسن، يجب ان اذهب الان ..." ـ غادة انا قلق عليك يا غادة .. ـ لا تخف يا حسن وان اردت ان تطمئن علي وتراني فانا قد علمتك الطريقة.. اغمض عينيك، وركز تفكيرك بي وعندها تستطيع ان تراني مهما كنت بعيدة، ولكني احذرك يا حسن، اياك ان تفقد السيطرة وتنسى نفسك بالتركيز. والان يا حسن ساذهب.. واختفت غادة كلمح البصر سائرة نحو مصيرها المجهول، وانا لا ادري هل ستعود ام لا تعود، وعدت انا الى غرفة امي وايقظت اختي من نومها وقلت لها لاطمئنها ... ـ غادة حضرت ورات امي وقالت لي بان ما حصل لها لم يكن بسبب الجن او غيرهم ،وان ايا من الجن لم يقترب منها .. ونظرت الي اختي باستغراب، وقالت: ـ اذا لماذا لم تساعدها وتشفيها . فقلت لها : ـ انها لم تستطع، ومن اجلها ستعود الى عالم الجن لتعرف الطريقة التي تتم بها معالجة امي، وقد وعدتني بانها ستعود بسرعة... ـ حسن ماذا تقول؟ كيف لم تستطع ,اليست جنية، وهي تستطيع ان تعمل كل شيء، اليس كذلك يا حسن . فضحكت ...وقلت لها: ـ انا ايضا في البداية كنت اظن مثلك بان الجن يستطيعون ان يفعلوا أي شيء، ولكن هذا غير صحيح ,فهم ايضا يختلفون من حيث المعرفة مثلنا نحن بني البشر، فهناك من الجن من هو ملم بالطب، وهناك من هو ملم بامور اخرى. فان كانت غادة جنية، فهذا لا يعني بانها ملمة بالطب والعلاج كاطباء الجن او اطباء البشر، وايضا اريد ان اخبرك بان غادة صغيرة، وبالمقارنة بمعدل الاعمار التي يعمرها الجن فهي ما زالت طفلة. ونظرت الى اختي وقالت : ـ" والله ما انا فاهمة اشي من اللي انت بتقولوا ,المهم انها ترجع وتساعد امي وانا خليت الجن الك وما بدي افكر فيهم مثلك ,لان عقلي مش مستوعب البشر تيستوعب الجن وبلاويهم.." وضحكت اختي وقالت : ـ "حسن شو رايك تسال مرتك الجنية "غادة" اذا الها اخو بلكي اتجوزتوا وصرنا عيله واحدة.." واخذت تضحك وانا اضحك معها وتوجهت الى غرفتي لانام قليلا. وفي اليوم التالي سارت الامور كالمعتاد ،واشتياقي لغادة قد زاد، فقررت ان اراها، وانا اعلم بان هذا ليس بالامر السهل، وانما احتاج الامر الى تصميم واراده وقوة تركيز سترهقني، ولكني صممت واغلقت باب غرفتي حتى لا يزعجني احد، وحتى اوفر الهدوء الذي سيساعدني في عملية التركيز لاستطيع ان اراها، وجلست على الارض، وبدات استرخي وأطرد كل الافكار الاخرى من رأسي ولا افكر الا في غادة، أغمضت عيوني وبدأت ابذل قصارى جهدي بالتفكير فيها، واحاول ان اتخيل اين هي ، أكثر من ساعة وانا احاول ان اكمل عملية الاتصال بها، وشعرت باني فقدت كل حواسي بما يجري حولي او باي شيء اخر، وبدأت ارى غادة بوضوح، اراها تجلس في زاوية في مكان ما، وحولها كمية ضخمة من الاشكال التي تشبه شكل الكتب، ولكن دون صفحات، والتي يشع منها النور، تمسك بواحد وتمسح بيدها عليه ليشع منه نور، وتعيده وتمسك باخر، وتعيده بلمح البصر، اراها منشغلة، ولا اظن انها تراني مثلما اراها. انظر حولها وارى الالاف بل الملايين، لا ادري كم من الكتب او ما يشبه الكتب المرتبة، ولا ادري على ماذا ترتكز وكانها صفت فوق خيوط من نور، وادركت بان غادة موجودة في مكتبه الجن، او ما يشابه هذا المصطلح، اعود باتجاه غادة واراها ما زالت منهمكة في عملها المكتبي كالمحرك السريع،ارى خيطاً من النور يتحرك بشكل دائري حول غادة، شعور غريب بالخوف ينتابني ولا ادري سببه. ولكن هذا الشعور يدفعني لاصرخ بجنون:
غادة..غادة.. وبدأت أشعر باني اسقط من قمة جبل الى وادٍ فسيح، دون ان ادري ما حدث بعد ذلك ولكني افقت على غادة وهي تمسح بيدها على جبيني وانا ما ازال ارتعش واتصبب عرقا ولا استطيع الحراك. الا انه عندما مسحت غادة بيدها على جزء من جسمي، بدات استعيد قوتي ونشاطي من جديد. مالت غاده وقالت : ـ "يا مجنون، انت تظن انها دقائق، ولكنك تقوم بذلك منذ اكثر من عشر ساعات متواصلة .ولو لم تشعر بأنك يجب ان تصرخ فربما استمريت بذلك لايام او اكثر ". ـ غاده انا كنت اراك بوضوح، وكاني كنت معك ولكني اشعر بانك كنت لا ترينني ... ـ" هذا صحيح يا حسن ,انا لم اكن اراك لاني كنت منشغلة بالبحث عن الطريقة التي تتم بها معالجة امك. ولم اشعر بك الا بعد ان صرخت ولكن قل لي يا حسن :لماذا صرخت واخذت تنادي علي؟؟؟". ـ لا ادري يا غادة ولكني شعرت بان هناك خطرا يحيط بك بعد ان رايت شيئا كالشعاع يلتف حولك.. حضنتني غادة واخذت تقبلني بقوة. واخذت تبكي وتبكي.. ـ "حبيبي حسن ..شعورك هذا صحيح، وحاستك هي التي انقذتني، ولولا حاستك لوقعت في ايدي "الكاتو" ، ولو ان دائرة الشعاع التي كانت تلتف حولي اكتملت لما استطعت الخروج منها . وانا بالفعل مندهشة كيف استطعت ان ترى مصيدة الكاتو التي نعجز نحن عن رؤيتها او الاحساس بها ,وهذا يعني بأنك وبحواسك يا حسن استطعت ان تحطم اسطورة مصيدة "الكاتو".. واخذت غادة تبتسم وملامح الفرح تبدو على وجهها .. ـ اتعلم يا حسن ماذا يعني هذا ,اتعلم ان هذا يعني بان حواس البشر اذا تم التحكم بها والسيطرة عليها، فأنها تفوق قوة "الكاتو" ,نعم يا حسن انت تستطيع هزيمة "الكاتو" ..نعم يا حبيبي ما دمت استطعت ان تكتشف مصيدة الكاتو التي لم يستطع احد من عالمي ان يكتشفها، اتعلم ماذا يعني ذلك: اني استطيع ان اعود لمساعدتك لاكتشاف اسرار كثيرة دون ان يستطيعوا الامساك بي". واخذت تقبلني فرحة مسرورة ولم ارها هكذا ابدا،وحقا في ذلك الوقت لم افهم ماذا تقصد، او لمَ هذا الفرح ولكن المهم انها فرحة وسعيدة، فمنذ مدة لم ارها فرحة او تضحك من أعماق قلبها، فقلت لها: ـ يا غادة، انا بصراحة لم افهم ما الذي تقصدين قوله . ـ "حسن حبيبي، سأعلمك كل شيء فانا الان فقط اشعر بان الصمود بوجه "الكاتو" ليس مستحيلا. ولك ان تفخر بانك تمتلك قوة تفوق قوة "الكاتو" .نعم يا حسن سأعلمك كل شيء وسأساعدك لتفهم كل شيء اكثر ـ غادة حبيبتي المهم هل وجدت طريقة لمساعدة امي ؟؟؟ ـ "نعم يا حبيبي فقد بحثت في آلاف الالواح، حتى وجدت لوحاً كتب فيه عن مثل هذه الحالة، فما اصاب امك هو مرض لا دخل له بالجسد والمادة، اي ان علاجه لا يتم بالمواد أي الادوية، بمعنى اننا يجب ان نقوم بالاتصال "بدماغها "والسيطرة عليه حتى نستطيع ان نعيدها الى حالتها الطبيعية ,وهذا يتم من خلال مسح مجموعة من الاحداث الموجودة في الذاكرة والتي تسببت بفقدان امك السيطرة على دماغها، والحل الثاني هو ان نتركها على حالها هذا حتى تستطيع العودة الى الواقع ولكن هذا قــد يستمر سنــوات اواشهر أو أيام ،فلا احـد يستطيع ان يحـكم ..". ـ غادة ولكن كيف سنفعل هذا ؟؟ ـ" اسمع يا حسن ..هذا امر صعب ويحتاج منا مجهودا كبيرا لعدة أسباب .. أولاً: من المحال الاتصال بدماغ امك وهي في حالتها هذه، ولكننا نستطيع ان ننتهز الفرصة حينما تعود امك الى طبيعتها ولو لدقيقة واحدة، وعندها اقوم انا بالاتصال بدماغها واعادتها الى الماضي حتى لحظة اصابتها بهذا المرض، وعندها امسح من ذاكرتها الفترة التي اصيبت فيها بهذا المرض، أي ان هذه المدة الزمنية لن تكون في حياتها لاني سألغيها عندها، ولن تستطيع ان تتذكرها، ولكن المشكلة التي ستواجهك انت، هي انه حينما ستفيق امك قد تتعرض لصدمة لانها لن تستطيع ان تفهم كيف مرت الايام بهذه السرعة، او حينما ستعلم بانها كانت مريضة كل هذه المدة فعقلها لن يستوعب ذلك، وهذا قد يؤدي بان تصاب بالجنون. وهنا ياتي دورك انت بان تحاول ان تجعلها تستوعب تدريجيا بانها كانت في غيبوبة منذ مدة. واتفقنا انا وغادة ان نقوم بذلك على طريقتها، وذهبنا الى غرفة امي وطلبت من اختي ان لا تسمح لاحد بالدخول، وتفهمت اختي الموقف دون ان اشرح لها . وجلسنا بجانب امي ساعات طويلة حتى استيقظت امي وفتحت عينيها، فامسكت بيدها فورا وبدات اتحدث معها، ولكن لم انجح، فقد عادت واغلقتها ,وانتظرت عدة ساعات اخرى، فاستيقظت امي من جديد وفتحت عيونها، وامسكت بيدها واخذت اقول لها
يتبع ....... الحلقة الرابعة عشر