الحلقة 23
> لمن قلبي لغادة او مرح ؟<
ضحكت بصوت عال وقلت : ـ "ما هذا الهراء ،انا احب الجنية مرح وهل في قلبي متسع لغير غادة؟
...انا احب المغرورة مرح؟!!"... سألت نفسي: لماذا يظن اني احب الجنية مرح؟! ولكني احب واعشق غادة حتى الثمالة، مرح شيء اخر، انا لا احبها، انا احب غادة، فما مرح الا الوسيلة الوحيدة التي كانت امامي للوصول الى الجنية غادة وانقاذها. صحيح ربما أكون قد تعودت على رؤية مرح واشتاق احيانا لرؤيتها،لانها تذكرني بغادة، نعم غادة حبيبتي، إلا أنه لا يمكن ان اكون قد احببتها ...أأحب هذه الجنية الشريرة مرح... مستحيل"!!. وبعد دوامة التفكير، نظرت الى ذلك الشخص البشري ام الجني.الله اعلم ما يكون، وقلت له :
ـ" انت مخطىء، انا لا احب مرح، ولا يمكن ان احبها. صحيح اني عبثت معها، ولا انكر انها استطاعت اغرائي بجسدها الفاتن، ولكن هذا لا يعني اني احببتها. فانا من البشر والبشر خطاؤون".
ـ "انا ايضا من البشر، واقول لك يا ابن البشر انك قد وقعت في حبها، فلا تكابر" .
ـ "لا اعتقد انك من البشر، انت من الجن، واحساسي يقول لي انك لست من البشر ولو كنت من البشر لفهمت اني لا يمكن ان اكون قد احببت الجنية مرح اخت غادة ,انت لا تعرف كم احب غادة، فكيف احب اختها مرح؟ ولو كنت تعرف ما هو الحب لما قلت ما قلت" .
ورمقني بنظرة وقد احمرت وجنتاه من الغضب وخيل لي انه سيصفعني على وجهي وقال : ـ يا حسن يا حبيب قلبي يا "حمار"، انا شفت بحياتي حمير كثير، بس هذه اول مرة بشوف حمار مكابر مثلك ,انا قلت لك انت بتحب مرح وبتعشق مرح، انت مش مصدق عمرك لا تصدق، وانا شو مغلبني في هيك كلام فاضي، تحب مرح ولا تحب غادة ولا تحب القرد حتى، كل اللي بدي اقولك اياه قبل ما اروح:
إني فعلا يا حسن بشفق على حالك، فانت بمشكلة كبيرة، فقد تورطت مع مرح، ومرح لا ترحم احداً، ولن تتركك بحالك بسهولة، لا اقول ما اقول كي اخيفك، ولكن ولأسفي هذه هي الحقيقة ,مرح حارسة ابواب الشر، وحظك التعيس قد عرفك بها ,كل ما استطيع ان اقدمه لك هو ان أعرفك وأعلمك كيف تستطيع ان تنجو من مرح ,ان كنت تريد ذلك ولا اعدك بان ذلك سيكون سهلا. قلت له :
ـ "لماذا تصور لي الجنية مرح على انها شيء مخيف، ولماذا تخاف منها انت "؟ قال باستهزاء :
ـ "انا لا اخاف من مرح ولا اخاف من غيرها، وانا على استعداد للقائها ان وافقت هي على ذلك، ولا اظنها ستوافق على ذلك".
قلت له : ـ انت تريد ان تعلمني، وانا مثل "الطرطور" بينك وبينها، ولا ادري ماذا يريد احدكما من الاخر، تحدثني الجنية مرح عنك وكانك وحش كاسر، وانت تحدثني عنها وكانها اسطورة، وانا لا ادري من اصدق: انت ام هي، قل لي ارجوك: هل انت من الجن ام من البشر" ؟ نظر الي وقال: ـ "اسمع يا حسن انا من البشر، وسأعلمك شيئا لا اعرف ان كنت تعلمه من قبل... "اشخاص العالم الاخر"لا يستطيعون الظهور في كل مكان وكل زمان، ولا يستطيعون الظهور امام اكثر من شخص من البشر، وان حدث هذا فلا يكون لاكثرمن دقيقة، وانت كما تراني اجلس في بيتكم وبين اهلك، لهذا فأني من البشر فلا تكن سخيفاً. واردت ان اساله سؤالاً اخر، ولكنه اصر على الذهاب بعد ان قال لي:
ـ " ان اردتني ستعرف اين تجدني ".
اقتنعت وصدقت ما قاله، فعلا هو من البشر، وتصرفاته لا تشبه تصرفات الجن، رغم احساسي بانه غريب جدا في امور كثيرة تثير الرعب في داخلي . مرت ساعات وانا افكر بشخصه واحلل كل ما قاله، وما لم افطن اليه من كلامه، وابحث عن طرف خيط يقودني لحل هذا اللغز العجيب، من هو؟ بشر ,جن ,عفريت ,ماهي حكايته؟ بشر، هو نعم بشر، ياكل ويشرب، ويقود سيارة، له عنوان من السهل الوصول اليه ولكنه يتحدث عن عالم الجن بثقة ومعرفة بالخفايا وكانه احدهم. اتذكر حينما سألته عن الجنية غادة كيف اجاب: "انه لا يعرفها وربما تكون من الجيل الجديد"...يتحدث وكانه منهم بنفس اسلوبهم في الحديث، اعود واسال نفسي ما حكايته مع الجنية الثانية والتي وصفها بالداهية؟ وماذا كان يقصد بان مرح حارسة ابواب الشر، يا الله نسيت ان اساله ماذا يقصد بهذا ...اتذكر مرح واضحك وشر البلية ما يضحك، ماذا ستفعل بي بعد ان افشلت مخططها في القبض على هذا الانسان الغريب، لا بد انها ستنتقم مني شر انتقام. ولكن ما هي الطريقة التي ستنتقم مني بها؟ الله اعلم، والاعمار بيد الله، والانسان يموت مرة واحدة، الا الجبان، فأنه يموت الف مرة في اليوم. وأنا لست جباناً، ها انا انتظر، ومرت الساعات وانا انتظر الجنية مرح، ومرت ايام وانا انتظرها في كل لحظة، في نومي ويقظتي، حتى ان حياتي كلها توقفت على انتظار ، وما اصعب الانتظار!!، واصعب انتظار هو انتظار عقاب من المجهول، ومرت ثلاثة اسابيع وانا انتظر حتى نفذ صبري، وقررت ان اذهب الى ذلك الانسان الغريب لاساله عن اختفاء الجنية مرح,ذهبت الى حيث يتواجد ولم اجده، سالت عنه ولم اجد احدا يعرف اين هو، أومتى يذهب أومتى يعود، وانهم نادرا ما يرونه. قررت ان لا اتحرك من مكاني حتى يعود، والله اعلم ان كان هو الاخر يعود اولن يعود. انتصف الليل وانا في انتظار عودته، حتى لمحته ياتي من بعيد، وحينما اقترب رحب بي، وسالني عما اريد، فقلت له : ـ "ان الجنية مرح ومنذ لقائي الاخير بك لم تظهر وانا لم اعد احتمل الترقب والانتظار . ضحك وقال لي : ـ "مستعجل على قدرك ولا مش قادر على فراقها" .
قلت له : ـ "لا هذا ولا ذاك، ولكني أريد أن أعرف ماذا سيحدث في الغد، هل ستعود مرح ام انها لن تعود؟ هل ستقلب حياتي ام انها ستتركني وحالي؟ فكل شيء في حياتي اصبح يتوقف على ماذا ستفعل بي"...
قال لي : ـ "افهم شعورك جيدا، فما اصعب ان يعشق الانسان شيئاً من المجهول، او ينتظره او يكرهه او يخشاه، وانت يا حسن اقتحمت عالماً لا بداية له ولا نهاية، عالم يشبه عالمك في كل شيء ولا يشبه عالمك بشيء لقد اقتحمت عالماً لن تجد طريق الدخول اليه بسهولة، ولن تجد طريق الخروج منه بسهولة، وستبقى تحيا بين عالمين، جسدك في عالم وعقلك في عالم اخر ,فإن استطعت العودة الى عالمك، ستبدأ من جديد بالبحث عن العالم الاخر، وان وصلت العالم الاخر، ستفكر في كل لحظة انه سيختفي، وان اختفى ستعود للبحث من جديد، وهكذا ستسير الايام وتنتهي لتجد انك لم تحصل على شيء، لا في عالمك ولا في العالم اخر، فأنت ابن البشر، وحياتك بين البشر، فلا تنتظر شيئاً من المجهول، عد الى حياتك، الى واقعك، وانس كل شيء يربطك بالعالم الاخر، فان استطعت فقد نجوت".
قلت له : ـ "لا اعتقد... لااعتقد اني بعد كل هذا العذاب الذي ذقته أستطيع ان انسى، وحتى لو استطعت، فانا لا اريد ذلك، فلا قيمة لحياتي بدونها، فانا اعشقها واحبها اكثر من روحي، فهي روحي وان لم تعد لي فلا حياة لي بدونها،أفهل يحيا جسد بلا روح "؟ صرخ بي وقال :
ـ "حسن، عمن تتكلم عن مرح ام عن غادة؟ لا اريد منك جواباً.. فقط اجب نفسك بصدق يا حسن، وواجه الحقيقة ". وقع كلامه علي كالصاعقة، ولم استطع الاجابة، لم استطع ان احدد، لم استطع ان اقرر، لم افهم ما الذي يجري؟ فانااحب غادة حباً لا يوصف، وأحب في مرح اشياء كثيرة، ولكني لا ادري، ولا استطيع التركيز في شيء، يا الله ما هو الحب ...لم اجد اجابة واضحة، ولكني اجبته: ـ " انا احب غادة، ولا انكر اني اميل الى مرح قليلا، ولكن ربما كان ذلك بسبب انها تشبه غادة "... ابتسم باستهزاء وقال:
ـ "لقد اخترت طريقك يا حسن، طريق اللا نهاية، ولن استطيع اقناعك بالعدول عن هذا القرار، ولكني لو كنت مكانك لاخترت الابتعاد نهائيا والعودة لحياتي الطبيعية ...لا مانع لدي ان اساعدك قدر المستطاع ان كنت تريد انت ان تساعد نفسك، وان تقرر ما تريد، اما ان اردت ان تبحث عن الحب والغرام، فلا وقت لدي لاساعدك، فهذه سخافات، وستجد هذه الامور بين البشر اكثر مما ستجدها في هذا العالم .
قلت له مستغربا : ـ "ما الذي يمكن ان ابحث عنه في عالم الجن؟ كل ما اريده هو استعادة الجنية غادة، التي تزوجتها واصبحت زوجتي، لاعيش معها، لا اريد اكثر من هذا، لااريد ذهبا ولاكنوزا، اريد فقط حبيبتي غادة ".
يتبع >>>>>>> الحلقة 24