الحلقة 53
بانده (اميرة مدينة القمر)
أنفتح الباب، ودخلت امراة في غاية الاناقة، جميلة، ذات هيبة ووقار، أشعر انها صاحبة شخصية قوية حتى قبل ان تتكلم، جلست خلف المكتب الزجاجي المذهب، وقالت:
- اهلا وسهلا بكم ، واخيرا وصلتم ياكونته وحسن، كنت اتوقع وصولكم ابكر قليلا، ولكن يبدوا ان "بندارا الخبيثة " لم ترغب بمفارقتكم. لقد سمعت وعرفت عنكم الكثير مما اثار استفزازي واعجابي في نفس الوقت، اعرفكم على نفسي : انا اسمي بانده، أميرة "مدينة القمر" وهي اجدى مدن مملكة الشر الخمسة. لقد تابعت رحلتكم منذ اللحظة التي قرر بها "رموزنا" بان لا يبيدوكم امام "مخرج الشر" أو بوابة الشر كما تسمونها، في ذلك الوقت بالذات وامام مخرج الشر قام "رموزنا" باتخاذ قرار حينما علمنا به بعد ذلك. تفاجئنا حتى فهمنا ما المقصود منه ... لقد كان القرار ان يتم منحكم فرصة حقيقية للبحث عن ماتسمونه "قوة الشر" ومن لحظة دخولكم الأقواس بدأنا جميعا بالأطلاع على رحلتكم خطوة بخطوة، لم تكن هذه لعبة للتسلية وأضاعة الوقت، بل كانت تجربة فريدة ومثيرة وخطيرة، ولم تكونوا انتم فئران تجارب مثلما كنتم تدعون، ولم يكن احد يسير أموركم او يتدخل في كل صغيرة وكبيرة تخصكم، لقد قمتم بهذه المغامرة بمجهودكم الذاتي، ولم تتلقوا اية مساعدة، وكان ممكن ان "تنتهوا" لو انكم وقعتم في أخطاء .... صحيح انه تمت أزالة الكثير من العوائق من امامكم، والتي كان من المحال ان تتجاوزوها بمجهودكم الخرافي، ولكن الهدف من التجربة لم يكن ان تصلوا الى هنا، وانما كان الهدف دراسة طاقة تحملكم ودرجة تصميمكم على المواصلة. انا شخصيا لم اكن اتوقع ان بمقدوركم الوصول الى هنا، بل اعتقدت ان رحلتكم ستنتهي في المراحل الاولى، وكأن شئ لم يكن، ولكن ها انتم وصلتم الى مدينتي "مدينة القمر" .. طبعا قصدت من هذا الشرح ان تفهموا انه ليس من دوري ان امنعكم او اساعدكم بشئ، ولا توجد في مدينتي حواجز ولا مخاطر ولا متاهات والغاز، فكل شئ هنا مكشوف وواضح ..
أبتسمت الاميرة لمرح وقالت:
- كونته، أنت مجنونة بحق ولكن وبحق أكبر أنا معجبة بجنونك.
ردت مرح:
- الحقيقة ايتها الاميرة انك لطيفة، وللحقيقة فأني معجبة بأسلوبك اللطيف ..
أبتسمت الاميرة ومرح لذلك، وابتسمت انا ايضا بيني وبين نفسي قلت: "الله يستر من نهايتها فعلاقة مرح بالاميرة بندارا اميرة السراب ابتدأت بعداء وانتهت بمحبة وعلاقة مرح بأميرة القمر ابتدأت بمحبة وستنتهي بمصيبة ...
قلت للأميرة باندة:
- هل نحن حقا في مملكة الشر، ام اننا سنكتشف بأننا في مكان اخر ....
قالت :
- نعم انتم فعلا في احدى المدن المبنية على مملكة الشر، واسم المدينة مدينة القمر،
وسميت بهذا الاسم نسبة لقرب المسافة بينها وبين القمر، ولان القمر يرى في كل الاوقات من هذه المدينة، وانا أميرة هذه المدينة فعلا ومنذ سنوات طويلة.
قلت لها:
- بما انك صريحة وكل شئ مكشوف، هل "قوة الشر" التي نبحث عنها موجودة هنا.
قالت وهي تضحك:
- "اولا قولوالي ماهي قوة الشر التي تبحثون عنها؟ قولي لي انت يامرح"
أبتسمت مرح وقالت:
- بصراحة، انا ايضا لا أعرف ماهي او ماهو وصفها، كل ما أعرفه انها موجودة، وهي القوة التي ان امتلكها احد سيطر على كل شئ.
ضحكت الاميرة وقالت:
- اقسم انك مجنونة، اكل مافعلت من مغامرة ومخاطرة من اجل شئ لا تعرفينه، ولانك سمعت عنه، ماذا كنت ستفعلين لو انك كنت تعرفينه.
قالت مرح:
- اذاً قولي لي انت ماهي قوة الشر التي احاطوها بكل هذه السرية والتعقيدات منذ الاف السنين ...
قالت باندة :
- اتصدقينني ان قلت لك اني اميرة هذه المدينة منذ سنوات طويلة وقد ولدت وعشت في هذه المدينة، ولم اسمع بشئ اسمه "قوة الشر" الا حينما سمعت بقصتك أنت، وحتى هذه اللحظة لا ادري مالمقصود من هذه التسمية.
قالت مرح :
- " أداً اشرحي لي، لماذا سموا مدينتك بمملكة الشر؟؟
قالت باندا :
- اولا اسم مدينتي هو "مدينة القمر" وهي احدى المدن الخمسة التي بنيت على مملكة الشر وتسمية مملكة الشر هي تسمية قديمة، يعود تاريخها الى ماقبل عشرات الاف السنين.
قالت مرح :
- "وما سر هذه التسمية يابندا" ....
ردت :
- لا احد يعلم القصة بالظبط، ولكنهم يقولون انها مجرد تسمية، وهناك فصة يتم تداولها منذ الاف السنين، لا احد يعرف صحتها، حيث يقولون انه ذات زمان كان في هذا المكان مملكة كبيرة حكمها ملك شرير، اشعل الحروب واراد ان يحكم كل شئ بالقوة وبعد ذلك تم تدميره، ودمرت مملكته بالكامل ولم يبقى لها أي أثر، وعلى انقاضها تم بناء خمسة مدن، ولكنها مجرد فصة من عشرات القصص التي تروى ولا يوجد اي شئ يثبتها او يؤكد صحتها.
ضحكت مرح وقالت:
- قصة جميلة ياباندا ولكن اليس من الغريب ان الدخول الى هذه المملكة هو ضرب من المستحيل، ومالاقيناه يؤكد ذلك، وانت قلتِ انك تابعتي رحلتنا بالدخول عبركل البوابات، ومن خلال الكم الهائل من الحراسات، ولا ننسى يابانده اني انا كنت اقوم بحراسة احدى بوابات الشر، فلماذا كل هذا؟ لماذا ان لم يكن هناك فعلا "قوة ما" يخشون ان يقوم احد بالسيطرة عليها؟
فقالت باندة:
اولا، انا لا انفي انه توجد اسرارا هنا وفي كل مكان، ممنوع علينا ان نعرفها، او نسأل عنها، وهذا امر نتفهمه جيداً ... ولكن هذا لا يعني ان هذه الأسرار تتعلق بما نسميه "قوة الشر" وخوفهم من ان يسيطر عليها احد، لأنه في المدن الخمسة فوق مملكة الشر اعداد لا تحصى من الكونيين، وايضا البشر، ويدخل هذه المدن دائما اشخاص جدد من كل مكان لم يدخلوها من قبل، ولم يشعر احد يوما ان هناك شيئا يخافون ان يصل اليه احد، وانت ياكونته ... تعلمين جيدا انهم لو ارادوا القضاء عليك لفعلوا ذلك بسهولة، وماتركوك لتصلي الى هنا ... وشئ واحد لا تفهمينه انت، وربما لا تفهمه كل الحارسات ايضا، ان ابواب الشر المتصلة مع عالم البشر هي ليست مداخل وانما مخارج، أي انه لا خوف من ان يدخلها أحد، لأن دخولها مستحيل، الخوف هو ان يخرج منها احد، هذه البوابات صممت كمخارج، أي انه ممنوع الخروج منها، وكل هذه الحراسات التي تحدثت عنها من اجل منع محاولة للخروج من مملكة الى عالم البشر، وليس من اجل منع دخول احد من عالم البشر الى المملكة ... ومداخل المملكة هي بالمئات، وايا كان يستطيع الدخول الى مدن مملكة الشر بسهولة وببساطة ودون مخاطرة وعناء، إذا عرف مكان المداخل، واشخاص كثيرون من الكونيين والبشر دخلوا الى هنا بالصدفة ودون قصد، اطفال صغار ايضا دخلوا الى هنا بالصدفة ولكن المستحيل هو ان يخرج احد من هنا ومن اجل الخروج يجب ان يغامر بالخروج من احدى بوابات الشر، ويمر عبر كل تلك الحراسات والعقبات التي لم ينجح احد بتجاوزها، وانتم رأيتم جزء بسيط منها ... افهمت الان لماذا اقول عنك مجنونة، لأن المخاطرة التي قمتم بها ماكان لها أي داعي من اجل الدخول الى هنا، ولو ان كل ماقمتم به كان من اجل الخروج من هنا الى عالم البشر، لكان الأمر طبيعياً ...
ابتسمت مرح وقالت :
- باندة أتصدقيني ان قلت لك انِ أصدق كل كلمة تقولينها برغم اني لم أتعود ان اصدق أي شئ بسهولة.
أبتسمت باندة وقالت:
- "شكرا لك لانك صدقتيني" ...
لم أتمالك نفسي وخرجت عن صمتي وقات لمرح :
- أتعنين ما تقولين وهل فعلا ما قالته صحيحا ....
توقعت ان تنفي مرح ذلك بغمزة من عينها، او باشارة ما من وراء الأميرة، لكن مرح فاجأتني وقالت:
- نعم متأكدة من ان ماقالته الأميرة صحيح مئة بالمئة، لا اقول هذا من اجل خطة في راسي، أو لأي هدف، ولكن هذه هي الحقيقة ... صدقني ياحسن .....
قلت:
- انا لا أصدق ولا اريد ان اصدق، اكل الجنون الذي قمنا به كان بلا داع؟ طفل صغير كان بأمكانه دخول المملكة بلا عناء؟؟! .. انتم الجن كذابون مخادعون ... لا يمكن هذا .. قولي لي يامرح ارجوك ... قولي لي انك تخدعينها كما فعلت مع الاميرة بندارا ... ادئنا الى هنا من اجل لا شئ ...
قالت مرح:
- انا لم اقل اننا اتينا الى هنا عبثا، ولم اقل ان ماقمنا به كان عبثا، كل ماقلته ان ماقالته الاميرة باندة صحيح حول مداخل ومخارج الشر ...
- أذا هناك "قوة شر"؟؟؟
- أحساسي يقول لي انه هناك شئ ما، بغض النظر ان اختلفت تسميته، واحساسي أيضا يقول ان هناك سر منعهم كل هذا الوقت من ايذائنا، وايضا انا متأكدة ان باندة ليست جزء من اللعبة ..
انفرجت اساريري لكلمات مرح الواثقة، فأنا أثق بقدرة مرح اكثر من اي شئ اخر.
امتعضت الاميرة باندة من كلمات مرح الاخيرة بشكل واضح وبدى على ملامحها الأمتعاض والانزعاج، ولاحظت مرح ذلك وقالت لها
- لماذا انتِ منزعجة يا باندة ؟؟
قالت :
- بصراحة لا أدري إلا انه ينتابني احساس بان شيئاً سيئاً سيحدث بسببك لا ادري ما هو، ولكن هذا ما اشعر به واتمنى ان أكون مخطئة ...
قالت مرح :
- وانا ايضا ارجو ان تكوني مخطئة، لأني لا اتمنى ان اكون السبب في حدوث سوء أي كان، والأن ايتها الأميرة، ألا توجد قوانين وتعاليم معينة علي ان أعرفها ..
ضحكت باندة وقالت:
- كلا ياكونته ...
قاطعتها مرح وهي تضحك وقالت :
- اتفقنا باندة ان تناديني بأسم مرح ..
ابتسمت باندة وقالت :
- لماذا تحبين هذا الاسم وتتضايقين من اسمك الحقيقي ..
فقالت مرح :
- انه أسم "الدلع" الذي تعودوا ان ينادوني به منذ كنت صغيرة ...
فقالت باندة :
- اتفقنا، سأناديك مرح ... يامرح، ولكن هل بالمعنى المقصود للاسم بلغة الكونيين ام بلغة البشر
قالت مرح :
- لا ارجوك ، بلغة البشر، وايضا ارجوك ان لا تخبري "حسن" بمعنى الاسم بلغتنا حتى لا يشمت بي، ويستمتع بمناداتي به ليل نهار ...
وضحكتا معا ... أما انا فقد اصريت إلا ان أفهم معناه، ولكن يبدو ان الجن يتفقون مع بعضهم البعض بسرعة ولا يبوحون بالاسرار ...
قلت :
- بسيطة يا"مرح" بلغتكم، ان لم تخبريني فسأناديك باسم "كونته" ...
قالت مرح :
- ما اجمل اسم كونته حينما تلفظه انت، نادني به كما تشاء، ولا تحلم ان اخبرك بمعنى مرح بلغتنا ....
ووجهت كلامها الى باندة :
- ولان أيتها الاميرة هل هناك اشياء ممنوعة واشياء مسموحة يجب ان نعرفها ....
قالت الاميرة :
- كلا يامرح، لاتوجد ممنوعات، وهنا لا وجود لصديقتك باندارا وتعاليمها، ولا يوجد سراب، انت على ارض الواقع ....
قالت مرح :
- اذا اسمحي لي، فسأذهب لعدة ساعات ....
قالت :
- لك ماشئت ...
التفتت مرح إلي وقالت :
- حسن انتظرني وسأعود بسرعة ؟؟؟
اعتراني الغضب وقلت :
- الن تأخذيني معك؟
ردت مرح :
لا يحسن، الافضل ان تبقى وسأعود بأسرع وقت ممكن .
فتأفأفت وقلت :
- شو يامرح، هل دوري انتهى ولم تعودي بحاجة الي، هل هذا هو عهدك الذي عاهدتني به منذ البداية؟ ابتسمت ... واقتربت مني. هذه الجنية الخبيثة تعرف جيداً انني لا استطيع مقاومة نظرة من عيونها، وخاصة حينما تقوم بتسبيلهما .. قالت بغنج ودلال :
- حسن انت بتجنن، لما بتحرد مثل الصغار، وانت بتعرف منيح بأني لم اكذب عليك منذ البداية، وسأحافظ على عهدي معك، ولكن ان جئت معي فستعطل حركتي، وما استطيع حركتي ، وما استطيع القيام به بساعة لوحدي ومن خلال قدرتي على التحرك والتنقل السريع، سيأخذ منا نحن الاثنين معاً الف ساعة، وانت تفهم ماذا أقصد، سأذهب بسرعة وسأعود بسرعة.
واقتربت مني وهمست بأذني :
- وبعدين أنت ليش زعلان يا ابو النسوان، ما انا تاركتك مع باندة الامورة، ولا تنسى انها احلى من بندارا، وباندة اميرة عن جد، مش مثل باندارا اللي طلعت أميرة بالكذب . وباين انو عندها من الآسرار اللي انت بتحبها كثير.
- اردت ان اضحك لخفة دم مرح، ولكني تمالكت نفسي حتى احافظ على "كشرتي" وأشارت بيدها وقالت :
- باي حسن ...
واختفت كلمح البصر، ومثلما كانت تفعل بالسابق في بداية معرفتي بها ....
كانت الأميرة باندة تراقب مايحدث وتبتسم، وشعرت بأحراج من تصرفي وتأثري لذهاب مرح ...
قالت الأميرة باندة بصوت ناعم وبكلمات بالكاد تخرج من بين شفتيها لتصل الى أذني :
- اتحبها يا حسن؟؟
فاجائتني بهذا السؤال، ولم أدرِ بماذا أجيب ... وقلت :
- بصراحة ، لقد أعتدت عليها كثيراً فهي معي منذ فترة طويلة، وقد مررنا معا بأقسى الظروف ولم تفارقني ولو للحظة، ولهذا حينما شعرت انها ستذهب احسست بفراغ كبير ....
قالت الأميرة :
- " أتحبها ياحسن" ؟؟؟
قلت :
- ربما تعودت عليها !!!
ابتسمت وقالت :
- ربما .........
واردت ان اخرج من هذا الحوار ، فسألتها :
- هل انت ايتها الاميرة المسؤولة عن هذه المدينة ؟؟؟
- كلا، هناك مسؤول اخر عن هذه المدينة، وانا اميرة المدينة، ولا توجد لي سلطة تنفيذية على أي شئ، ومهمتي رمزية تنحصر في الشكليات واستقبال الضيوف والاحتفالات ...الخ
سألتها :
- وكيف اصبحت اميرة ؟؟؟
- انه لقب رمزي وقد حصلت عليه بالوراثة
- وهل لكل مدينة اميرة مثلك ؟؟؟
ضحكت وقالت :
- نعم لكل مدينة اميرة، وهو تقليد متعارف عليه منذ عشرات الاف السنين.
- اذاً ابوك ملك هذه المدينة؟
- كلا والدي ليس ملك ولا يوجد عندنا ملوك
- أذاً انتِ ابنة مسؤول المدينة ؟
- كلا، لست ابنة مسؤول المدينة.
- اذا ابنة احد الكبار؟
ضحكت وقالت :
- اليس من الأسهل لك ان تسألني ابنة من انتِ ؟
- بصراحة آه، ابنة من؟
- انا ابنة العالم (سنداد) .....
وضحكت الأميرة حتى سقطت دموعها من الضحك وقالت :
- انا لا الوم كونته انو هربت منك !!
- إذا سمحتِ قولي مرح ولا تقولي كونته .....
ضحكت الأميرة وقالت :
- "حاضر" والان ما رايك ان تحكي لي انت عن عالم البشر ....
- ولكنكم انتم عالم الجن تعلمون كل شئ عنا ...
فقالت وهي تضحك :
- يبدو انك لا تميز بين الكونيين وسكان هذه المدينة، على العموم هذا ليس مهما، ولكني ولدت في هذه المدينة وتربيت بها ولم اخرج منها ، ولن اخرج منها مثلي مثل أغلبية سكانها، فلا احد يخرج من مدن مملكة الشر إلا اشخاص محدودين، ولهذا فانا لا اعرف عن عالم البشر، وحتى عن عالم الكونيين إلا القليل مما نسمعه ونقراه، ربما مشوق لي ان اسمع عنه منك ...
- سأحكي لك عن عالم البشر، ولكن ولكن بعد ذلك تجيبيني عن كل اسئلتي ...
- كلا، فأنا بهذه الحالة سأخسر، وخاصة ان اسئلتك لا اول لها ولا اخر، ولكني سأعطيك مقابل كل سؤال اوجهه لك عن عالمك، خمسة اسئلة تسألها ؟
- موافق ....
وبدأت احكي للأميرة باندة عن عالم البشر، وعن لغاتهم، وعن طريقة عملهم، وحياتهم وحروبهم وسلامهم وزواجهم وطلاقهم وقوانينهم . وكانت وهي تصغي الي بأهتمام شديد ودون ملل، وتسأل اسئلة كثيرة حتى في الأمور التافهة، ومر الوقت بسرعة، حتى مللت انا وهي لم يصبها الملل، وكانت تصغي كطفلة صغيرة تروي لها جدتها حكاية.
أحضرت الطعام وانتظرتني حتى انتهيت لاكمل لها حكاية البشر. تعبت واصابني النعاس، وطلبت منها ان ترحمني وتدعني استريح قليلاً ، فوافقت على ان توقظني هي بنفسها بعد عدة ساعات ،،،فوافقت وطلبت من احد مرافقيها ان يصحبني الى غرفة في القصر، من كبرها وفخامتها كادت تنسني تعبي ونعاسي .. ونمت وما كدت ان انام حتى مرت الساعات، وجاء من يوقظني ولكني أبيت ان أفيق، ويبدو انهم تركوني انا ساعة اخرى او اكثر.
أغتسلت وخرجت من الغرفة لاجد من ينتظرني بخارجها ويرافقني الى حيث تجلس الأميرة باندة على أرجوحة في الحديقة.
جلست معها وعدت من جديد، أحكي لها عن البشر، وكانت تسألني اسئلة كثيرة حتى انا لا اعرف لها اجوبة، ولكني كنت اخترع لها أجوبة من خيالي وتقتنع بها، ويمر الوقت وتسأل وأقع في تناقضات اختراعاتي وتستغرب وهي تسأل :
- ألم تقل لي حينما سألتك .......
واخترع لها قصة جديدة لتغطي على كذبي، حت اني اخترعت لها شعوبا جديدة وعادات جديدة ولغات جديدة وصورت لها البشر من الرقي والمثالية والمحبة والتأخي والسلام والذكاء والعلم ... ألخ ولو رويت ما رويت لها لمجنون من البشر لتأكد اني مجنون اكثر منه ... ولكن المصيبة الكبرى انها لا تمل وعلى كل كلمة تعلق وتسأل عن كل شئ وكأني ملم بكل شؤون البشر ....
وأحترت كيف أتخلص من هذه الورطة ولكن دون جدوى فاخذت اجاريها، وفجأة سمعت ضحكة عالية ردت الي الروح
... مرح المجنونة عادت وظهرت كلمح البصر ويبدو انها علمت بطريقة ما بكذبي واختراعاتي او انها تضحك على ورطتي .... جلست بجانب باندة على الأرجوحة واخذت تدفعها بقدميها لتتراقص امامي وقالت لي :
أكمل ياحسن شرحك عن عالم البشر الرائع المثالي المتكامل .....
التفتت الى الأميرة باندة وقالت لها
يتبع>>>>>>>الحلقة 54