الحلقة 57
{زيارة اميرة الشمس وحقد ساريزعليها}
اريد ان اسأل و لا اريد ان اسأل ، الفضول أقوى واسأل ساريز :
- أليس من الغريب انه لا يسمح لاحد بالخروج ؟؟؟
فقالت :
- لم أفكر بذلك من قبل ولا اريد ان افكر، من يريد الخروج من هنا والى أين ومن أجل من؟ هل تفكر أنت ياحسن ؟
قلت :
- لا اريد ذلك واريد، فارتباطي بعائلتي وعالمي أقوى من كل المغريات التي أراها ...
بدى على ساريز الاستغراب وقالت :
- ماهي قصتك وكيف وصلت انت الى هنا أحكي لي ؟؟؟
قلت :
- قصتي اغرب من ماضي البشر وحاضر الجن ...
ورويتها بالكامل، وانتصف الليل ولم نشعر كيف مر الوقت، اشياء كثيرة لم تكن "ساريز" تعلم عنها في السابق، مثل بوابات الشر وغيرها من الأمور التي مرت على، وتيقنت انها ليست ملمة بأمور الجن خارج المملكة، حتى انها قالت لي بان قصتي غريبة، ولولا انها تشعر بالثقة تجاهي لما صدقتها ؟؟؟
أخذنا الحديث ولم نشعر بالوقت، وبحركة مفاجئة من ساريز أقتربت مني، ووضعت راسها على صدري كطفلة صغيرة وأنا احكي لها عما وصل اليه البشر حديثا بناء على طلبها، ويبدو انها استسلمت للنوم فاتكأت بظهري الى الخلف قليلاً دون ان اوقظها، ونمت انا ايضا. وكم شعرت بالراحة والحنان وهي على صدري.
أفقنا في الصباح ، وتناولنا الفطور وخرجنا للعمل معا ... وحرصت ان تبقيني الى جانبها، وحينما كانت تذهب كانت تأخذني معها، ولم تكن تأبه لنظرات الأخرين ...
انتهى يوم العمل وحضر مرافقي "همانا" وقبل ان ينطق بكلمة قالت له ساريز :
- سأريحك من "حسن" هذا الأسبوع، وسيبقى معي إلا إذا أراد عكس ذلك ....
أبتسمت انا علامة الرضى، واقتربت من همانا وقلت له :
- ارايت كم انا ملتزم بعملي ؟؟؟
ابتسم همانا واستدار، وذهب وبدت عليه السعادة، وربما لأنه تخلص مني ومن مسؤوليتي ...
ركبت بجانب ساريز وقالت لي :
- اليوم سنحتفل، فأنا سعيدة وأود أن أرقص وأحضن القمر ...
وتجولنا في المدينة معا، وعرفتني على الكثير من صديقاتها واصدقائها وتناولنا الغداء بجانب البحيرة وعدنا للبيت معا بعد ان اتفقنا ان نستريح لعدة ساعات ونخرج في المساء ....
أصرت ان استريح في غرفتها الخاصة ولم اكن لامانع، تركتني لوحدي وذهبت ....
كنت سعيداً بها، لم تغب عن فكري للحظة واحدة، غفت عيني وصورتها عالقة بها ... وصحوت على صوتها وهي توقظني ... فتحت عيوني ووجدتها فوق رأسي مبتسمة ... احسست بأنني وسط عائلتي وكأني اعرفها منذ زمن .
فاجئتني بانها تركتني انام وذهبت هي واحضرت كل مايمكن ان احتاجه من ثياب ... ألخ، تركتني من جديد، حلقت ذقني وأستبدلت ثيابي وشعرت بنشاط وحيويه كبيرة .
خرجت من الغرفة الى الصالة ووجدتها في انتظاري وللحظة شككت ان التي تقف امامي هي "ساريز" لولا ابتسامتها العذبة التي اكدت لي انها هي ... يالله ما اجملها، وكم هي انيقة وبارعة في اختيار ملابسها.
تعودت ان اراها في المرات السابقة بالبنطلون والقميص والحذاء والرباط، ولكن هذه المرة كانت في غاية الأناقة ترتدي فستانا أسود قصيرا اخفى كتفاً وأظهر اخر، ستر نهديها وابرزهما وزادهما زينة السلسلة المتدلية من العنق وشعرها الذي رفعته من حيث ستر الكتف وفردته من حيث كشف ....
ابتسمت وغمزتني بطرف عينها اليسرى وقالت :
- هيا .
خرجنا وتجولنا في طرقات المدينة حتى وصلنا الى البرج العملاق العظيم وسرنا حتى دخلنا من احد ابوابه وقالت لي :
- ما رأيك ان نصعد الى قمته، فأبتسمت وقلت :
- سنحتاج الى عام لنصل ؟؟؟
فقالت :
- تعال لنجرب ....
ودخلنا احد الغرف الزجاجية التي تشبه المصعد واغلقت الباب وقالت :
- الأن سترى .
ومن ثم فتحت الباب وقالت :
- تفضل .
خرجت ولم افهم في نفس اللحظة لماذا دخلنا ولكن حينما خرجنا، فوجئت باننا في قمة البرج واخذت ساريز تضحك وأخذت أنظر حولي لأتأكد من اني لا أحلم وخاصة ان الغرفة لم تتحرك ولم نمكث فيها إلا لحظات، اردت ان اسأل ولكنها قاطعتني قبل ان افعل واعدةُ انها ستشرح بعد ان نجلس . دخلنا في قاعة احتاج لأكثر من ساعة لأصل الى نهايتها، سقفها بالكامل من الزجاج وكأنه علق في الهواء، ولا أرى اعمدة يتكئ عليها، مضاءة بنور القمر فقط وكأن القمر قريب لا يبعد سوى عدة أمتار، وكان واضحاً ان نوع زجاج السقف يساعد على تقريب القمر، جدران القاعة من زجاج أو انه لا يوجد لها جدران فالغيوم تحيط بها من كل الجوانب وكأنها بنيت في وسط السحاب مليئة بالزهور والورود والآشجار ونوافير الماء وبركة مائية ضخمة، وشلال ماء يصب في وسطها حديقة كاملة معلقة فوق السحاب . القاعة مليئة بالشبان والفتيات من كافة الأعمار والكل سعيد ولا احد يأبه بالاخر . أخذت ساريز تتجول بي في وسط الحديقة او القاعة او أعجوبة الزمان، واثناء تجولنا عرفتني على الكثير من الأشخاص الجالسين هنا وهناك والذين كانوا يلوحون لها بأيديهم أحيانا وبالمناداة على اسمها احيانا ... كانوا جميعا ظرفاء ... سرنا حتى وصلنا احد اطراف القاعة وقالت :
- هنا سنجلس، فهذا هو ركي المفضل.
جلسنا على مقاعد تجمع بين الراحة والجمال وللحق فأن كل الروعة التي اراها في قمة البرج لم تشغل تفكيري عن طريقة الصعود الى قمة البرج وسألتها عن ذلك فقالت :
- انها تكنولوجيا هذا العالم ياحسن، وتعتمد على قوة الطبيعة، نحن صعدنا الى هنا من خلال "مصعد زمني" ومهمة المصعد ان يلغي الجاذبية ويخترق الزمن بالأعتماد على قوة النور، ويسير بسرعة النور، ولهذا لا تشعر بتحركه.
وأخذت تشرح لي وتفسر، وانا اهز راسي كعادتي حتى قالت لي اخيرا :
- فهمت ....
قلت :
- نعم لقد فهمت، أنه لشئ رائع ...
وطبعاً انا لم افهم شئ ولكني خفت ان قلت لم افهم ان تعود وتشرح لي من جديد حتى افهم، وربما اني لن افهم، وعليه فستمضي كل ليلتنا بالحديث عن هذا الموضوع .. وما لم اتوقعه قد حدث، وبدأ توافد أصدقاء ساريز حيث تجلس، كان واضحا من كلامهم وأعتذار بعضهم على التأخير بأنها هي التي دعتهم ... في البداية كنت مرتبكاً قليلاً، ولكن بعد ان عرفتهم علي بأني صديقها – ولم يكونوا فضوليين بالسؤال عن التفاصيل – اندمجنا معاً وكان الجو رائع بلغ عددهم حوالي الثلاثين من النساء والرجال معاً ...
ذهب أحدهم وأحضر الات موسيقية ليست كتلك التي عرفتها بعالمي ... وعزفوا وغنوا ورقصوا وكم كنت مرتبكاً ومحرجاً، وخاصة أني لا أجيد الرقص. ولكن ساريز قدرت موقفي ولم تحرجني في بادئ الأمر. واستغلت فرصة انشغال الأخرين واقتربت مني وقالت :
- الأن ستقوم معي بهدوء لأعلمك كيف "ترقص" لا تأبه بوجود الأخرين، وتصرف على طبيعتك كما انت وان كنت لا تعرف كيف فأنك ستتعلم ......
لم أتحرك في بادئ الامر، وحاولت التهرب منها ومن هذا الموقف المربك كما ان اصرارها لم يترك لي المجال، فراقصتها "كالأهبل" ، وبدأت تعلمني خطوة خطوة حتى زال ارتباكي ووجدت متعة لا مثيل لها، وفجأة علا صراخهم وهتافهم وتصفيقهم ليملأ اجواء القاعة، اخذت ابحث عن السبب ووجدته مع اقتراب فتاة تجر امامها عربة مذهبة ومزينة زفي وسطها زجاجة كبيرة ... جرتها حتى أوصلتها حيث تجلس، واقتربت ساريز من الفتاة وهمست بأذنها وهزت الفتاة رأسها وذهبت، وأخذ احدهم يملأ الاكواب من الزجاجة وعيوني تراقب كل صغيرة وكبيرة ... ما لفت أنتباهي هو عودة الفتاة من جديد وقد أحضرت بيدها كوبا مليئا بشراب مشابه للذي في الزجاجة ... ناولته لساريز وهي حريصة على ان لا يراها احد، اقتربت ساريز من الأكواب ووضعته بجانبها، ونظرت حتى انتهوا من ملء الاكواب وحملت كوبين بيديها وقالت :
- سنشرب نخب صديقي وزميلي حسن ترحيبا به بيننا، واقتربوا جميعا وتناولوا الأكواب، وفي نفس اللحظة اقتربت هي مني وناولتني الكوب ولم تلاحظ هي اني عرفت ان هذا الكوب يختلف عن الأكواب الأخرى ... أخذته من يدها ورفعته مثلهم وانا ابتسم وارتشفت منه رشفة صغيرة ووضعته على الطاولة بهدوء وقد أعتراني القلق والخوف من جديد لما حدث ... وعاد الجميع الى الرقص وللهو من جديد . جلست ساريز بالقرب مني وامسكت بيدي وقالت :
- مابك ياحسن لماذا انت مهموم هكذا، لقد أعددت هذا الأحتفال من أجلك !!!!
قلت لها :
- كلا لاشئ، فقط مرهق قليلاً .....
- اتحب ان نعود الى البيت ؟؟
- كلا لا اريد، فقط اريد ان افهم ماذا يحدث هنا ؟؟
- مابك ياحسن هل ضايقك احد ؟؟؟
- بصراحة مامر علي من تجارب يجعلني اشك في كل شئ حتى في هذا الكوب الذي سأشرب منه، وأشرت بيدي للكوب الذي امامي ...... فطنت ساريز للذي المح اليه وضحكت وقالت :
- ان كان هذا مايزعجك فمعك حق، أنا سأشربه .
ورفعته وشربته دفعة واحدة .... وتابعت حديثها ......
- لم اكن اريدك ان تشرب من المشروب الذي شربنا منه، ولهذا احضرت لك شرابا عاديا . والسبب ياصديقي العزيز ان هذا المشروب يسكر من يشربه للمرة الأولى، ولو كنا لوحدنا لما مانعت من ان تشربه، ولكن ان اردت ان تشرب منه فتفضل ولست المسؤولة عما سيحدث ....
أقنعني كلامها، وعدت معها لأجمل سهرات العمر إلا ان فضولي اللعين لم يتركني بحالي، ودفعني لأمد يدي الى احد الأكواب وارتشفت منه عدة رشفات لم تسكرني بل انعشتني ...
في هذه الأثناء وقف احدهم واخذ يصفق ويهتف ساريز .... ساريز ..... واخذوا جميعهم يهتفون ساريز ..... ساريز ...... ساريز، واخذت انا ايضا اهتف معهم ساريز ..... ساريز، وعادوا جميعهم الى مقاعدهم وهم يهتفون عدت انا ايضا وانا اهتف . إلا ان ساريز بقيت واقفة مكانها وهي تبتسم خجلة، وعاد العزف من جديد وبدأت ساريز تتمايل على انغام الموسيقى برقصة لم أرى مثلها في حياتي ....
كل جزء من جسدها يتمايل ويرقص امامي ... أ صابعها .... ذراعاها .. ساقاها ... خصرها ... نهداها ... شعرها ... عيونها .. شفاها ... رموشها ... عنقها، تتمايل بحركات متناسقة وسط الغيم بفستانها الاسود القصير .. ثملت ... سكرت، فقدت صوابي، ليس من الشراب وانما مما ارى، مازالت تتمايل على انغام الموسيقى ومازلت افقد وعيي اكثر فاكثر .....
غمزتني بطرف عينها، ونظرت الي وعضت على شفتها السفلى، ولم اع شيئا بعدها ...
عاد الي وعيي، وفتحت عيوني وجدت نفسي بسرير ساريز ورأسها على صدري تغط في نوم عميق .... بدأت أتذكر ما حدث .....
لم أذكر إلا الصورة الأخيرة التي علقت بذاكرتي وساريز تنظر الي وترقص ... ماذا حدث بعدها ... لا أدري .. من النافذة أري الشمس أدركت أننا في ظهيرة اليوم الثاني .. أحرك رأسي وذراعي بهدوء حتى لا أوقظ ساريز ... دق قلبي حينما رايت علامات زرقاء وحمراء على كتف وعنق ساريز وفستانها الأسود الجميل الملقى على ارض الغرفة وكان واضحا عليه انه لم يعد يصلح لشئ . انظر خلسه الى جسد ساريز الملتصق بي والى وجهها، ما اراه لا يشير بأن النهاية كانت سيئة .... اطمأنيت اكثر حينما لمحت علامة زرقاء على كتفي انا ايضا ... تتململ ساريز مستيقظة ، أغمضت عيوني فورا متظاهر بالنوم، لأني لم اجرؤ على مواجهة عيونها ... اشعر انها استيقظت، احس بأنها تنظر الي، أشعر بقبلة ناعمة لامست شفتي ... بقيت مغلقا عيوني متظاهرا بالنوم ... مرت دقائق حتى تجرأت وفتحت طرف عيني لارى ماذا يدور حولي فلم اجدها في الغرفة ... فتحت عيني وتنفست الصعداء .. انفتح الباب، ودخلت ساريز تلف جسدها بمنشفة زرقاء وشعرها مازال مبلولاً .. جلست بجانبي على السرير، ابتسمت وقالت :
- هيا كفاك كسلا، ما تستحم حتى اكون قد جهزت الأفطار ....
خرجت من الغرفة، أستحميت وارتديت ملابسي ولحقت بها الى المطبخ، وخرجنا معا وجلسنا على الشرفة ... وبدأنا بتناول الافطار، ولم اجرؤ ان افتح الموضوع، ولاحظت ارتباكي واخذت تضحك، فتجرأت وسألتها :
- ماذا حدث بالأمس ياساريز ؟؟؟
فقالت :
- لا شئ ابدا، فقط قليل من الفضائح، وقليل من الفوضى، وقليل من الأحراج، حتى أستطعت ان اوصلك الى البيت، وبعدها قليل من الشراسة، قليل من الأضاءة، وكثير من الجنون ...
وضحكنا معاً وقلت لها :
- ألن نذهب الى العمل ...
قالت :
- لا أعتقد انني سأذهب الى العمل هكذا .
واشارت بأصبعها الى العلامات التي ظهرت على عنقها وقلت لها :
- انا اسف ياساريز إن سببت لك أي احراج ....
فقالت وهي تضحك :
- بصراحة ، في أول الأمر كنت أروع مجنون خلقه الله ...
"ضحكت اكثر" ، لقد فاجئتني وفاجأت الجميع حينما وقفت واقتربت مني وانا ارقص وقبلتني قبلة طويلة ولم تأبه لوجود أحد ... كنت فخورة وسعيدة بجنونك رغم ان الموقف كان محرجا، ولكن بعدها حينما بدأت ترقص معي ادركت فورا انك شربت من المشروب الذي حذرتك من شربه، وايقنت ان الأمر لن يتوقف عند هذه القبلة المجنونة ، وغمزت صديقتي وزوجها فساعدوني على الخروج من هذه الورطة واعدتك الى البيت، وعما حدث بعد ذلك فلا تسأل لأن جنونك ساوى جنوني ...
ضحكنا كثيرا وتحدثنا اكثر وأثناء حديثنا صرخت ساريز فجأة وقالت :
- صحيح نسيت ان اخبرك . غدا ستشهد المدينة يوما لا مثيل له، وساصحبك معي، فغدا يوم اللقاء المشهود حيث تستقبل الأميرة باندة، أميرة الشمس المغروؤة للمرة الأولى.
- وما المثير في هذا الموضوع ؟؟؟
- أنت لاتعرف قصة اميرتنا مع اميرة مدينة الشمس ... فــ اميرة الشمس تكره الأميرة بانده بجنون وهي ايضا تكره كل الأميرات ولكن ليس بالمستوى الذي تكره به بانده . فاميرة الشمس مغرورة متكبرة وشريرة. لا احد يحبها او يحب مدينتها، فهي مدينة مشؤومة وكل سكان المدن يتمنون لو ان مدينة الشمس لم تكن موجودة بالأصل، مع ان مدينة الشمس توفر لسكانها كل شئ واكثر من اي مدينة أخرى فكل سكانها يسكنون القصور ولهم حرية لا حدود لها لايتوفر مثلها في المدن الأخرى ورغم انها تخضع للنظام الأعلى الذي يحكم المدن الأربعة الأخرى إلا انها مستقلة بقوانينها الداخلية التي تختلف عن كل المدن ... نحن جميعا نتعجب احيانا لماذا بنيت مدينة الشمس القذرة، ولماذا لا يتدخل النظام بما يجري داخلها، ولماذا تركوا المجال لأميرة الشمس أن تتصرف كما يحلو لها. والتفسير الوحيج لهذا، ان بقاء المدن الأربعة مرتبطة ببقاء مدينة الشمس او بمعنى اخر ان صح التعبير فهي "مزبلة المدن الأربعة" انا أسفة حينما اصفها بهذا الوصف، فهي بنظر الجميع احدى مدن المملكة الخمسة ويجب احترامها واحترام حرية من يريد ان يسكن بها ... انا شخصيا افضل الموت على ان افكر بمجرد زيارتها. ربما احيانا اجد نفسي باني على خطأ وخاصة انها تخضع للنظام الأعلى ولا احد يجبر احد ان يذهب إليها وكل من يذهب للسكن فيها فهو يريد ذلك، فمن يجد نفسه لا يستطيع ان يحترم القوانين، فافضل لنا جميعا ان يذهب اليها وهكذا تبقى المدن الاربعة نظيفة ..
أثار فضولي كره ساريز وحقدها على مدينة الشمس واميرتها، وقلت لها :
- انك تتحدثين عن مدينة الشمس بكره وحقد كبيرين ......
فتأفأفت ساريز وقالت :
- ماذا اشرح لك ياحسن لأشرح، ربما لأني اؤمن بوجود الخالق لهذا الكون، وأكره ما يحدث بها اكثر، وربما لأني من البشر، وربما لأني احب الأميرة بانده كثيرا ... حسن انت لا تعرف ماذا تفعل أميرة الشمس، اتعلم لو انها لا تخاف من "النظام" الذي هو أقوى منها وقادر على تدميرها لفعلت بنا العجب .. فهي لا تحترم القوانين الخارجية وتسير عليها خوفا وليس أحتراما، وهي دائما ترسل رسلها الى المدن الأربعة، وان اعجبها احد تبدأ بأغرائه بالقصور والراحة والمتعة لتأخذه الى مدينتها، والقانون يسمح بذلك مادام ذلك تم بأرادة الشخص، والعجيب في الأمر أنه نادرا مايخرج احد من مدينة الشمس ليعود ويسكن بالمدن الأربعة الأخرى، فهي تسيطر عليهم بطريقة غريبة، وتسلبهم حريتهم.
انفعلت ساريز وهي تتحدث وظهرت اثار الدموع في عينيها ... وأكملت :
- انا اكرهها ... انا أكرهها ... لقد أخذت مني أعز صديقاتي ... انها لعينة ياحسن، انا حزينة على الأميرة بانده، فهي مضطرة لأستقبالها وتقديم الأحترام لها لأن القانون يلزمها بأحترامها، وكل أميرة لها الحرية بزيارة أي مدينة، ويجب ان تلقى الأحترام والذي يليق بها، وحتى لو حدث العكس وزارت الأميرة بانده مدينة الشمس فستلاقي الأحترام من قِبل اميرة الشمس على الرغم من كرهها لها ... مسكينة اميرتنا بانده غداً ستلاقي ألد أعدائها ... موقف صعب. كلنا حزينون من اجلها ولكننا غداً سنقف جميعا بجانب أميرتنا لتعلم تلك المغرورة مدى حبنا واحترامنا لأميرتنا ...
وسألت ساريز :
- وما سر هذا العداء والكره بين بانده واميرة الشمس، ولماذا هذا الموقف من هذه الزيارة ؟؟؟
فردت ساريز
يتبع>>>>>>>>>>>الحلقة 58