( 16 )
بقية الرواية بقلم جيانا سون
لن أستطيع أن أجاري فارس في طريقة كتابته ، فهو يكتب بأسلوب سلس وأفكار مرتبة ... ويبدو بأنّ ذلك أبعد ما يكون عني خاصة في هذه الأيام !
لم أكن لأكمل هذه الرواية لو أنه متواجد الآن
لا أدري كيف أبداً ؟! لكني سأواصل من حيث انتهى
بعد أسبوع من حادثة اقتحام القلعة واحتفائنا بنجاة والديّ ... زارنا السيد جونكل ومعه فارس في كوخ جدتي ومع أنّ والدي قد عرض علينا الانتقال إلى منزل آخر داخل أحياء واشنطن إلا أننا رفضنا بشدة وقلنا : إنّ هذا الكوخ متسع ويقع في هذه المنطقة الهادئة والأهم من ذلك في كونه بمنأى عن إزعاجات المدن وضوضائها
كنت سعيدة جداً بزيارة فارس وجونكل لنا فنحن لم نرهما منذ تلك الليلة فبدأنا نتذكر تلك اللحظات المرعبة التي قضيناها داخل القلعة المهجورة
وهل يعقل أن تنسى تلك اللحظات القاسية ؟!
لقد انتابتني في الأيام الماضية كوابيس مزعجة وقد كنت أستيقظ عدة مرات في الليلة الواحدة وأنا أصرخ لكن وجود أمي إلى جانبي خفف عني كثيراً حتى بدأت أعود إلى وضعي الطبيعي بعد ذلك
وقد أخبرنا السيد فارس في تلك الجلسة بأنه قد تم قبوله في الجامعة وذلك بعد جهود واسعة بذلها الرائد جونكل وعلى مدار ثلاثة أيام ، فقد اتصل بالعديد من أقاربه ليحاولوا تسهيل إجراءات قبول فارس من جديد وقد تمّ ذلك ولله الحمد
لقد بدأت ألحظ على فارس تغيرات عديدة أثناء زيارته لنا ، كان قليل الكلام وكثير السرحان ... كنت أشعر وقتها بأنه مشوش الأفكار فقد كنت ألقي عليه السؤال لأكثر من مرة ثم يجيبني إجابة بعيدة عن فحوى السؤال
أعتقد بأنه كان بحاجة لفترة راحة تعيد له تركيزه وهدوءه اللذين فقدهما من كثرة المصاعب التي حدثت له
فيما بعد كنت أتعرف على أخبار فارس عن طريق والدي فهما يتقابلان في المدينة وكان أبي يبلغني تحياته وسلامه
أعتقد بأنه قرر التركيز على دراسته فقلل من فترات خروجه بما فيها الزيارات التي كان يأتي بها إلى بلدتنا !
ظللت أتابع أخبار فارس عن طريق والدي وقد مضت سنة كاملة منذ ليلتنا القاسية تلك !!
عرضت عليّ أمي بإشارة من والدي البدء في دراستي الجامعية لكني في الحقيقة غير راغبة بالدراسة حالياً ..
فأنا أريد أن أمكث هنا في هذا الكوخ الجميل وأصحو باكراً وأتمشى إلى جوار هذا النهر الفاتن وأحلب مع جدتي غنيماتها الجميلات !
الدراسة تقيدني كثيراً بل وتزعجني هكذا أشعر
أنا في راحة نفسية ولا أريد أن أقلق نفسي بكثرة البحوث والاختبارات وهلّم جر من هذه المنغصات ، لقد فرحت كثيراً عندما أنهيت المرحلة الثانوية ولا أريد أن أعود لمقاعد التعقيد من جديد
رضخ والداي لرغبتي فشكرتهما على تفهم قراري
وفي مساء يوم هادئ كنت أرتب غرفتي بينما سمعت نداءات أبي من الأسفل
جيانا ... جيانا تعال بنيتي !
نزلت سريعاً إلى الأسفل وجدت أبي وأمي وجدتي يرتشفون قهوتهم المسائية وهم يتهامسون ويبتسمون
سحبت مقعداً وجلست ثم تساءلت : أظنك قد ناديتني يا أبي ؟!
- نعم يا جيانا ... هناك أمر هام نحن نتناقش فيه الآن ونريد أن نسمع رأيكِ فيه فهو يخصكِ بالدرجة الأولى !!
- بدت عليّ علامات التضجر فقد عرفت بأنهم يحاولون إقناعي مرة أخرى لدخول الجامعة
فقلت لهم وأنا أهمّ بالمغادرة : لقد أخبرتكم برأي قبل ذلك وأرجو ألا تجبروني على هذا الأمر !
ضحك والدي وقال : لكنّ هذا غير صحيح يا بنيتي فنحن لا نتحدث عن موضوع الجامعة الذي يدور في ذهنكِ بل هو موضوع آخر !!
تعجبت وأبديت حيرتي : موضوع آخر ؟! وما هو هذا الموضوع ؟!