( الاخيــــــــــــــر )
الفصل الأخير بقلم الرائد جونكل
يبدو بأنّ ما اقترحته جدة جيانا ووافق عليه فارس رحمه الله قد حدث فعلاً ...
فها أنا ذا أضع الفصل الأخير لهذه الرواية العجيبة !
لم أتوقع في يوم من الأيام أن أمسك قلماً وأكتب مثل أولئك الأدباء الكبار ..
كان تعاملي مع القلم لتسجيل ملاحظات سريعة أو مكان مشتبه لرصده وجلّ ما أفعله التوقيع فقط
لقد قتل فارس ذلك البطل ! كما عرفتم من سرد جيانا لقصة مقتله
وقد طلبت من جيانا هذه الأوراق أثناء تتبعي للأصابع الخفية لمقتل فارس فقد كان المحققون حريصون على أي شيء - ولو كان صغيراً - لتزويدهم بالمعلومات
لم نشكّ في لحظة من اللحظات بأنّ الفاعل هم أولئك الشرذمة المجرمة !
لكننا لم نصل لأي تقدم في معرفة من بالتحديد الذي قتل فارس ؟!
لقد نفذت الجريمة بعناية فائقة فقد كان القاتل وسط النهر عندما أطلق نيرانه فأكمل إلى الضفة الأخرى سباحة ثم هرب من الجانب المقابل لموقع الحادث وقد أفلت لأنّ رجال البلدة أخذوا بضع دقائق قبل وصولهم
هكذا كان يتوقع المحققون أو هكذا صاغوا سيناريو الجريمة
ويبدو بأنّ توقعاتهم صائبة وتدور حول الحمى ولقد كنت أخشى وقوع حادثة أخرى تدور في مخيلتي ولقد حدثت فعلاً كما توقعت
كنت في مكتبي في مساء يوم أمس عندما رنّ هاتفي الشخصي رددت عليه
لقد كان أحد زملائي ويخبرني بجريمة قتل قد حدثت قريباً من مقرّ عملي وبالتحديد في العمارة التي يسكنها فارس
ارتعبت لسماع هذا النبأ لكن مما طمأنني بأنّ شقة فارس لا يوجد بها أحد فقد انتقلت جيانا عند والديها بعد مقتله فتوقعت بأنّ الحادثة وقعت لأحد الجيران
وعندما وصلت هناك وجدت إسعافاً واقفاً وقد خرج للتوّ رجال من البناية وهم يحملون جثة مغطاة بقماش أبيض ، وعندما دخلت إلى البناية تقابلت وجهاً لوجه مع المهندس سون وهو في حالة انهيار شديد ...
تساءلت : ما الذي حدث ؟
ارتمى عليّ وقال : لقد فعلوها !!
لقد قتلوا جيانا يا جونكل لقد قتلوا جيانا يا جونكل
ثم انخرط في بكاء متواصل
صدمت لسماع هذا النبأ
وحاولت تهدئته وأنا بي من الحزن أضعاف ما به
قال سون بصوت متهدج : إنهم يأخذوننا بالدور واحداً إثر واحد
قاتلهم الله ... لعنهم الله
،،،،،،،،،،،،،،،،
في هذه الأثناء حضر أحد جيران فارس وكنت أعرفه فأوكلت له مهمة الاعتناء بسون ريثما أعود ثم صعدت إلى الشقة بعد أن ناداني الضابط المسؤول
تساءلت : كيف جاءت إلى هنا ؟
قال لي : لقد أتت مع والدها هذا المساء يبدو بأنها تريد لملمت بعض الأغراض المتعلقة بها فوضعها والدها وذهب إلى البقالة لشراء بعض الحاجيات وعندما عاد وجدها تتشحط بدمائها
وهل ألقيتم القبض على القاتل ؟!
لقد انتحر وهو هناك في المطبخ
وجدت أحد رجال الشرطة واقفاً عند الجثة وقد غطوها بغطاء وجدوه قريباً
سألته : هل تمّ التعرف عليه ؟!
لا ، يا سيدي لكنه فتى لا يتجاوز الخامسة عشرة من عمره
كشفت الغطاء عن وجهه ثم تراجعت إلى الوراء من شدة الصدمة
شيء لا يصدق أبداً إنه :
جيمس ابن الدكتور وليم
ذلك الفتى البريء يفعل هذا الفعل الشنيع ومع من ؟
مع جيانا التي كان يحبها وتحبه !!
دخل الضابط ورآني وأنا في حالة اندهاش وحيرة
سألني هل عرفته ؟!
نعم ... نعم ...
ثم أدخل يده في جيبه وأخرج ورقة صغيرة ، ناولني إياها وقال : لقد وجدناها إلى جانب جثته
فتحت الورقة وإذا مكتوب فيها بخط جيمس الذي أعرفه جيداً :
( لقد قتلتها هي وزوجها انتقاماً لمقتل والدي ) !!
عندها عرفنا من الذي قتل فارس وقتل زوجته جيانا .... إنه جيمس ابن وليم !
يا له من أمر مرعب حقاً ...
لم أتخيل أن يكون هذا الصغير صاحب النظرات البريئة قاتلاً في يوم من الأيام !
هنا تذكرت عبارة الجدّة : ( أليسوا هم أفاعي ولا يلدوا إلا أفاعي ؟! )
كم هي حكيمة تلك العجوز !!
ندّت دمعة ساخنة من عيني وأنا أتذكر ضحكات فارس وجيانا في تلك الليلة السعيدة !
قاطعني الضابط وأنا مستغرق في خواطري وقال : معذرة يا سيد جونكل :
- هل عرفت من الذي دفع هذا الفتى لتنفيذ هاتين الجريمتين البشعتين ؟!!
- أجل
- ومن هم ؟!
- إنهم أولاد الأفاعي
- تركتُ الضابط مشدوهاً وهو يردد : أولاد الأفاعي !! أولاد الأفاعي ...
وهل هناك عصابة بهذا المسمى ؟!
نظرت إليه لحظة ... ثم غادرت المكان
وأنا هنا أسجل فصل هذه الرواية الأخير
فقد نسجناها نحن الثلاثة وقد مضى اثنان إلى ربهما وبقيت وحيداً لأقوم بنشرها وعلى نفقتي الخاصة
إكراماً لهذين الزوجين البطلين
فليرحمكما الله أيها الزوجان الشهيدان يا من ضحيتما بحياتكما فداء للحق ودفاعاً عن المظلومين !!
صديقكما المخلص للأبد ....
جونكل ،،،،
تمّت بحمد الله