البـــــــــــــ12ـــــــــارت
.
.
.
لماذا نحاول هذا السفر
و قد جرّدتني من البحر عيناك
و اشتعل الرمل فينا ..
لماذا نحاول؟
و الكلمات التي لم نقلها
تشرّدنا..
و كل البلاد مرايا
و كل المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر؟
هنا قتلوك
هنا قتلوني.
* محمود درويش
.
.
.
أغلق الباب بسرعة مصعُوق بِها وهو يوجه حديثه لبو سعود الواقف بجانبه من الجهة الأخرى ,
بو سعُود : المهم أنت الحين نام وأرتاحْ وبكرا تروح معي الشغل وبتشوف الوضع هناك وإن شاء الله يجوز لك
عبدالعزيز بتوتّر وبإقتضاب: إن شاء الله
ابو سعُود ذهب لمقرن الواقف أمام باب قصره ويجري مكالمات مُهمة لعمل الغدْ
عبدالعزيز دخل ويغلق الباب خلفه خشية أن يدخل أحدهم وَ رمى مفاتيحه وجواله على الكنبة وألتفت عليها وبحدة : وش تسوين هنا
رتيل ونفسيتها جدا سيئة وبصمتْ تشتت أنظارها
عبدالعزيز : أنا أسألك ماأسأل الجدار اللي وراك
رتيل بربكة حروفها تكلمت : أبغى أطلع
عبدالعزيز ويرى من الشباك وقوف بو سعود ومقرن مستمر : يوم دخلتي هنا كان فكرتي كيف بيكون منظرك قدامهم وكيف بيكون منظري زفت بعد !! وأصلا ماهو غريبة عليك تنبشين بأغراض غيرك
رتيل لم تبكِي قط أمام احدهم من النادر أن تسقط دموعها أمام أحدهُم . . كتلة الجليد ذابت الآن وبكتْ أمامه لم تبكِي لتوبيخه ولكن التراكمات التي خدشت قلبها وتركت أثر فيه جعلتها تبكِي أمام أول شخص يُربكها بحديثه
عبدالعزيز سكنت أنفاسِه وهو يراها تبكِي أمامها . . . رفع أوراق قد سقطت بالأرض : خلاص أهدِيْ حقك علينا
رتيل أخفضت رأسها لاتُريد أن يراها بهذا المنظر ولكن رأها ولا تستطيع إخفاء دمُوعها
عبدالعزيز أغلق الستاير ومازال أبو سعود ومقرن واقفين !!
عبدالعزيز دخل لغرفته المفتوحة على الصالة ورأى ورقة رسمه لها واضح أنها رأتها من الجزء المقطوع بطرفها
رتيل ألتفتت عليه وهو ينظر للصورة
عبدالعزيز قطّعها ورماها بالزبالة . .
بجهة أخرى رتيل سحبت منديلًا من على طاولته ومسحت دمُوعها وأنفها المحمّر لاتستطيع إخفاء حُمرته أبدًا
عبدالعزيز أدخل كفوفه بجيبه ورفع حاجبه بتهكم : نظفي الصالة وغرفتي دخلتك هذي ماهي ببلاش
رتيل فتحت عيونها على الآخر وهو يأمرها
عبدالعزيز : تنازلي عن هالدلع الليلة إذا ممكن
رتيل : أنا بطلع من هِنا بسرعة
عبدالعزيز : وأبوك ومقرن للحين واقفين وشكلهم ماهم متحركين يالله ماأبغى أنام بهالحوسة
رتيل : االحين أرسلك الشغالة
عبدالعزيز : أجل خلني أفتح الباب ويدخل أبوك بهالمنظر عشان ينحرك
رتيل أمالت فمّها ورتبت الأوراق التي على الطاولة
عبدالعزيز أبتسم بإنتصار على غصبها لشيء لاتُريده بالنسبة له إنجاز . . صعد للدور الثاني حتى لاتلتهم عيناه الذنبْ أكثرْ برؤيتها دُون حجابها !! وبنفسه يقول " عقب إيش ؟ ياكثر ماطلعت لي بهالمنظر بتوقف على ذي " لكن تعوّذ من شياطينه ومن الوقوع بالحرام !
كانت مكتبة كبيرة والكتبْ مرتبة بعناية يبدُو شغف بو سعُود للكتب أوصلته لمرحلة بناء هذه المكتبة الكبيرة والتي مآخذه 3 أرباع الدُور الثاني !
بدأ يبحث بكتاب يستمتع بِه هذه الليلة . . كلها كتُب إستخباراتية وجنائية . . تنهّد لاشيء يُشبع رغباته . . ألتفت للجهة الأخرى وَ كان على الطاولة كُتبْ يبدُو كانت آخر ماقرأ بو سعُود . . فتح الدرج الوحيد وشاهد ألبُوم الأكيد أنه ألبوم لصورهم . . تركه ووقف ولكن رغبته كانت أكبر بمشاهدة هذا الألبوم . . فتح الدرج مرة أخرى وماإن أخرج الألبوم حتى سقطت بعض الصور !
وتعلقتْ رُوحه بتلك الصورة . . أبوي وأنا ؟ هذي صورتِي ؟ كيف جات هِنا !! . . رفعها كان صغير جدًا لايتعدى الثلاث سنوات ! وضحكة والده في الصورة أدخلته بدوّامات من الحزن حتى أدمّعت عيناه وسقطت دمعة يتيمه من عينه اليسرى أستقرت على الصورة !
بكى ؟ منذ زمن بعيد لم يبكِي ؟ تجبّرت دمُوعه عليه ؟ وعندما بكى سقطت دمعة وحيدة وليتها خففتّ زادته حزنْ وضيقْ !
أحمّرت عيناه أبحر في هذه الصورة وترك الألبوم جانبًا وهو يتأمل والده وكأنه للتو يُبصِرْ ! للتو يرى والِده !
أتته فكرة مجنُونة أن يكُون هوَ بحلمْ وسيستيقظ على صوت هديل المُزعج ودعاء أمه وهمسات غادة الساخِرة له وعناق والِده . . هذا العناق يحتاجه وبشدة الآن !!
بحلم ؟ ليتني بحلم !! كذّب نفسه ودخل لمرحلة الجنُون بأنهم أحياء يُرزقون !
أبتسم وعيناه تلمع بدمُوعه لمجرد فكرة أنهم أحياء . . . دقق كثيرًا في الصورة وعيناه لاترمش أبدًا وأشبه وصف له أنه كان كفيفًا وأبصر . . . قرّبها من شفتيه وقبّل والِده ودخل في دقائِق سكون وشفتاه مُلتصقة بالصُورة , وعيونه تسقط الدمعات مُتباعدة ويتيمة جدًا . .
بشفقة على حالِه همس : اللهم إن كان ألمِي نهايته فرحْ فيارب عجّل بِه وأنت الكريمْ ذو العزة .
أدخل الصورة في جيبه وترك الألبوم دُون إهتمام ونزل للأسفل وبحث عنها بعينيه ولم يراها والباب مفتُوح . . رأى الورقة التي على الطاولة كتبت فيها * على فكرة مادخلت تطفّل بس كنت بشوف شيء يهمني أنا قبل لايهمّك ورسمك شنيع ولاعاد تفكّر ترسمني *
أبتسم بين حزنه هذه الأنثى تجد المبررات والحلول لنفسها دُون أن تشعر حتى بالذنب . . نظر للبيت وكان مرتّب جدًا ! تمتم : رتبت بذمة وضمير
,
هذا العاشق غائب عنها تشتاق لكلماته تشتاق له جدًا . . أرسلت رسالة وهي تعلم أنه يعمل شيئًا يجعل رسائِلها مُشارة بال*إكس* إيّ عدم وصولها للطرف الآخر !
" أظن بنكمّل أكثر من 6 شهُور ويمكن 7 أو 8 ماأدري بالضبط وأنا أجهلك , حركات المراهقين ماتعجبني لو سمحت يعني ياأما أعرف مين ورى كل هذا ياتنسى هالرقم "
أتاها الرد ووصلت رسالتها بسرعة جعلت نبضها يتسارع وهي تفتح الرسالة " تدرين وش أحلى شيء قريته ؟ "بنكمل" يعني أخيرًا ربطتي مصيري بمصيرك "
عبير أبتسمت حتى بانت أسنانها . . أخفت إبتسامتها بسرعة وكأنه الإبتسامة حرام " . . ردت " ماكان قصدي كِذا ! لاتتهرب من سؤالي "
ردّ " أيّ سؤال ؟ "
ردت " مين أنتْ ؟ حتى الخط بدُون إسم "
رد " بحثتي يعني ؟ إنسان مايهمّك أمره ! "
عبير " إلا يهمني أعرف صاحب هالهدايا والرسائل والرسّام اللي رسمني "
رد " رسمتك جلست عليها 3 شهُور وكل مرة أبدأ بالرسم أهيم بعيُونك وأنسى موضوع الرسم وأتأملك . .والتأمل بمخلوقات الله وعظمة خلقه أظن لي أجر "
أحمّر وجهها وأنفاسها المضطربة أعتلت وكأنها خاضت حرب للتوّ " منت محرم لي عشان نظرك لي يكُون حلال ولك فيه أجر "
لم تصل الرسالة وأتتها *لم يتم إرسال رسالتك* !!
,
منصُور أنتبه لسكُون جناحه وكانه خالِي منها . . دخل الغرفة ولم يجدَها . . طرق باب الحمام : نجلا ؟ . . لارد , فتحه ولم يجده
فتح جواله ليتصل عليها ولكن صوت فتح الباب قاطعه
نجلاء وضعت الأكياس على الطاولة وأول ماألتفتت عليه شهقت بخوف لم تعلم بوجوده
منصور : وين كنتي ؟
نجلاء بإرتباك : آآآ رحت مع البنات
منصُور بحدة : وين ؟
نجلاء تشتت أنظارها : السوق
منصُور بعصبية : ومافيه حمار وراك تستأذنين منه
نجلاء أرتجفت من صرخته : دقيت عليك ومارديت
منصور وبنبرة غاضبة : تنثبرين هنا مو تروحين من كيفك
نجلاء تتجرأ لترد عليه : طيب يعني وين رحت كلها سوق وبعدين مع خواتك
منصُور ويكاد يُجّن : يعني ماتشوفين نفسك غلطانة
نجلاء : لأ ماغلطت
منصور يعض شفته : ماأبغى أمد إيدي عليك بس لاتحديني أذبحك الحين
نجلاء بخوف أبتعدت للخلف قليلاً
منصُور : إذا تحاولين تستفزيني بهالأشياء صدقيني محد بيخسر غيرك لاتجربين تعانديني
نجلاء : أكبر همّي أستفزك ! لآتعطي نفسك أكبر من حجمك هذا !! ولآيهمني أصلا وش تفكر ولا وش بتسوي ! لأنك بالنهاية أنت مُجرد زُوج وإسم بعد لاأنت حبيب ولا بقريبْ
منصُور بصمت يحاول يستوعب ردّها عليه !
نجلاء وتشعر بالإنجاز على هالكلمات التي خرجت منها : تصبح على خير . . . وقلبها يرقص رُعبًا من سكُوته الذي لايُوحي بالخير
لم تكمل في دائِرة أفكارها من مسكته المؤلمة لخصرِها : مين اللي مجرد زوج ؟
نجلاء : أتركنِي مالك حق تضربْني !!
منصُور ويغرز أصابعه أكثر بخصرها ليؤلمها أكثر : لي حق أكسّر راسك بعد
نجلاء وتضع كفوفها على يديه لتبعدها عنها ولكن لم تُجدي نفعًا : قاعد تعوّرني . . . وأطلقت آآه وهو يزيد بألمها
منصُور : حطي عينك بعيني وقولي الكلام اللي قبل شوي بشوف نجلا الجديدة وتمردها
نجلاء نزلت دمُوعها : لاتذلني على حبك كذا !! ماتحس حجججر حرام عليك ماأستاهل كل هذا
منصُور ترك خصرها لتسقط متألمة
نجلاء تبكِيْ بقوة وأردفت : مالي جلسة معك لارجعت منصور حبيبي ذيك الساعة أرجع لك . . وقفت وأطلقت آه لما داهمها ألم شديد
منصُور : مالك بيت الا هنا
نجلاء وتأتيها القوة مرة أخرى : ماراح تجبرني
منصُور : أنا قادِر أجبرك ولاتتحديني
نجلاء بضعف : أنت ليه كذا ؟
منصُور توجه للطاولة وهو يأخذ مفتاحه
نجلاء : طبعا بتروح لربعك وتسهر وتتركني !! كافي إلى هنا وكافي ياتعطيني مبررات لكل هاللي يصير ياتطلقني
منصور ألتفت عليها بصدمة من كلمتها الأخيرة
نجلاء غطت عيونها بكفوفها وهي تبكِيْ
منصُور بحدة : الطلاق عندك سهل ؟ كلمة وقضينا !!
نجلاء بكائها هو الرد
منصور : ماراح أطلق ولا راح أبرر ولا راح تطلعين من هنا . . وبشوف وش بتسوين ؟ . . وخرجْ تارِكها تبكِيْ وتُرثي حالها
,