بعد 30 دقيقة...
وقفت سيارتها بجنب السيارة الغريبة واقفة قدام فلتهم، نزلت و هي مستغربة،
أول مرة تشوفها، مانها لأحد من بيت عمها و لا من بيت خالها، عيل لمن؟
ما إهتمت و مشت للداخل، مشت لباب الصالة و جت بتدخل بس تراجعت، يمكن
حريم جايين لعند أمها، ما حلوة تدخل عليهم كذي، لفت و مشت لباب مطبخ الخلفي،
دخلت و بعدها مشت للدرج بدون ما أحد ينتبه لها، قدرت تسمع أصواتهم بس ما قدرت
تشوفهم، أصوات غريبة، أكيد ما تعرفهم، ركبت لغرفتها و دخلت، فسخت شيلتها
و عبايتها و من ثم مشت للكبتات، أخذت فوطتها، فكت شعرها و بعدها صارت تمشي
للحمام، طلعت بعد فترة و هي لافة جسمها بفوطتها و الماي يتقطر من شعرها القصير
المبلل على أكتافها العارية، مشت للمعلقة و سحبت فوطة من عليها، صارت تنشف
شعرها فيه لشوي و بعدها رمته على سريرها و مشت لكبتاتها، أخذت لها بجامة،
لبستها بسرعة و بعدها مشت للسرير و رمت حالها عليه، غمضت عيونها بس فتحتهم
و هي تسمع الباب يندق و ينفتح.
جلست بإبتسامة و هي تشوفها تدخل
فاطمة و هي تمشي لها: شفت سيارتك عند الباب بس ما شفتك تدخلي!
حركت رأسها بالإيجاب: كانوا عندك ضيوف فدخلت من المطبخ!
فاطمة إبتسمت و جلست على السرير بمقابلها
بسمة و هي تبوس رأسها: كيفك اليوم يا مامي؟!
فاطمة ضحكت و ضربتها على كتفها بخفة: إذا أنتو بخير، أنا بخير!
بسمة: الحمد لله، سكتت شوي و بعدها كملت: من كانوا؟
فاطمة إبتسمت أكثر: ناس ما تعرفيهم بس إن شاء الله تتعرفي عليهم قريب!
رفعت حاجبها و هي مانها فاهمة عليها
فاطمة بنفس إبتسامتها: يريدوا القرب منا، جايين يخطبوك لولدهم!
فتحت عيونها بصدمة: يخطبوني أنا؟
فاطمة ضحكت و ضربتها على كتفها مرة ثانية: يخطبوك أنتي، إيش فيك
منصدمة كذي، يا بنتي هذي سنة الحياة!
إحمروا خدودها: لا، ماما.. أمم.. ما قصدي كذي.. يعني بس تفاجئت..
فاطمة و هي تمسح على شعرها بهدوء: يا بنتي أنتي كبرتي، هذي فرح أصغر
منك و تزوجت قبلك.. أنتي كم مرة جوا لك خطاب بس أنتي رفضتي بحجة دراستك
و هذا ألحين الدراسة و خلصتيها، تشتغلي و الحمد لله، تسوي كل اللي تريديه،
خلينا عاد نفرح فيك هالمرة..
نزلت رأسها بحياء: ماما أنا..
فاطمة: إسمعيني و لا تقاطعيني.. و هي تمسك يدها: إسمه فيصل، عمره 30 سنة،
مهندس و مكون شركة صغيرة يشتغل فيها مع غيره، يتيم و عنده أخوان أصغر منه،
أخت و أخ، خالته شافتك في عرس ولد خالك، حبتك و عشان كذي جت لتخطبك له،
شوفي يا بنتي أنا ما أقول لك وافقي عليه على طول بس بنفس الوقت لا ترفضيه بسرعة،
خذي وقتك و فكري زين، بصراحة أنا أشوف هالشاب ما ينرفض، ما أقول كذي لأن خالته
مدحته لي بس أقول كذي لأني أشوفها حرمة ما شاء الله زينة و أخلاقها طيبة، بس رأي
الأول و الأخير لك، فكري و ردي علي!
نزلت عيونها و هي ترمشهم بحياء: ماما أنا..
فاطمة إبتسمت و هي تشوف خدودها المحمرة: خذي وقتك يا بنتي، لا تردي ألحين!
حركت رأسها بالإيجاب: إن شاء الله!
طبعت بوسة هادية على رأسها و قامت: صلي لك كم ركعة يا بنتي، إستخيري من
ربك و إن شاء الله كله خير!
حركت رأسها بالإيجاب مرة ثانية و رفعت عيونها لها: إن شاء الله!
إبتسمت لها، طلعت و سكرت الباب وراها.
ضلت تشوف على الباب المسكر لشوي و بعدها إبتسمت لنفسها بحياء و إنسدحت،
غمضت عيونها و إسمه يردد نفسه في مسامعها، معقولة يكون الإسم اللي بيرتبط
إسمها معاه، معقولة يكون الشخص اللي بترتبط فيه لبقية حياتها؟ إبتسمت أكثر
لنفسها، تقلبت و دفنت رأسها في مخدتها.
***************************
كان ماسك يدها و يمشي في الممر هادي، كم من ممرضة يمشوا و يتكلموا بهمس
و كم من مريض يتمشى في الممر، زاد من مسكته على يدها و هو يشوف غرفته
اللي صارت تقترب، ما يعرف إيش يتوقع منها، ما يعرف كيف بتتصرف، أمس
ما سكتت و لا لـ ثانية، ضلت تبكي طول الليل و اليوم هادية، هادية كثير و ما نزلت
دمعة منها، مانه قادر يفهمها، مانه قادر يعرف هي بإيش تحس، وقف قدام باب
غرفته و إلتفت لها: ليلى!
رفعت عيونها له
عبدالله: لا تبكي، مانه ناقص دموعك، اللي فيه يكـ..
قاطعته و بهدوء: ما راح أبكي!
ضل يشوف عليها لشوي و بعدها حرك رأسه بالإيجاب: عيل خلينا ندخل!
إلتفتت للباب و ما تكلمت.
أخذ نفس، دق على الباب و من ثم فتحه.
كان جالس على السرير، ممدد رجوله و مرجع ظهره لوراء، ينتظره لأنه وعده أنه
بيجي له اليوم ليأخذه لبيته، ما يتحمل المستشفيات، يكره ريحتها، يكره كل شيء فيها،
تمرضه أكثر، يحس نفسه إذا ضل هنا بيموت قبل وقته، وقع الترخيص على مسؤوليته،
المستشفى ما راح تتحمل إذا صار له أي شيء في وقتها، ما ينكر أن الآلام صارت
تزيد يوم وراء يوم، صار يرجع في اليوم أكثر من عشر مرات، جسمه متكسر، كل
مجهود، كل حركة صارت تعوره بس ما يريد يموت هنا و هو على هالسرير الأبيض،
ما يريد يموت لحاله، لما يكون في بيته يحس فيهم، يحس فيها، يسمع ضحكتها،
يحس بريحتها، يحس فيها حوالينه، يحس بـقـربـهـا..!
سمع الباب يندق فرفع عيونه له، شافه يدخل فإبتسم له: و أخير.. سكت، إختفت
إبتسامته و هو يشوفها تدخل وراه، تدخل و عيونها عليه، نزل عيونه عنها بتوتر
بس رفعهم لها مرة ثانية.
عبدالله و هو يمشي له: كيفك اليوم؟
رد و عيونه متعلقة بعيونها: بـ .. بخير!
عبدالله لف لها و من ثم له، أخذ نفس و سحب كرسي لها، جلسها و ضل ساكت
يمرر نظره ما بينهم، ما يعرف إيش المفروض يسويه، ما يقدر يخليها معاه لحاله
لأنه ما عاد إللا أبو لبناتها بس بنفس الوقت لازم يعطيها فرصة لتكلمه لأنها بوجوده
يمكن ما بتنطق بحرف، حك جبينه: أمم.. أنا بكون عند الباب! طلع من الغرفة
و حط الباب مفتوح.
إلتفت للباب المفتوح و من ثم لها، ما قدر يفهم نظراتها بس أربكته، نزل عيونه عنها: ليلى..
قاطعته و بهدوء غير اللي تحس فيه: ليش ما خبرتني؟
رفع عيونه لها و هي تكلمت: طارق، ليش خبيت علي، ليش ما خبرتني؟!
نزل عيونه عنها مرة ثانية: ليلى أنا..، و هو يأخذ نفس: أنا ما كنت أريدك
تشوفيني كذي..، و هو يحرك رأسه بالنفي: ما كنت أريد صورتي و أنا في هالحالة
تطبع في بالك، ما كنت أريدك تتذكريني كذي، ما كنت أريدك تشوفيني ضعيف كـ..
قاطعته و هي تحاول تمسك دموعها بقدر الإمكان: طارق أنا كنت زوجتك.. زوجتك..
إيش فيها إذا ضعفت قدامي؟ ما أنا دوم ضعفت قدامك، ما أنا بكيت قدامك، إذا أنت
قدرت توقف بجنبي في وقتها ليش أنا ما أقدر؟!
رفع عيونه لها: ليلى أنتي مانك فاهمة علـ..
قاطعته مرة ثانية: بلا فاهمة.. فاهمة يا طارق.. أنت أناني.. حرمتني من حقي..
حرمتني أوقف بجنبك و أقويك.. حرمتني لأنك كنت خائف على صورتك..
قاطعها: ليلى..
حركت رأسها بالنفي تمنعه من أنه يتكلم: لا طارق، لا.. من عطاك الحق لتقرر
بنفسك.. ما كانت حياتك و بس.. حياتي و حياة بناتي.. حياتنا مرتبطة بحياتك..
كل شيء مرتبط بحياتك.. كل شيء..، نزلت دمعتها فـ لفت عنه بسرعة تمسحها،
أخذت نفس تهدي حالها و بعدها رجعت لفت له: أنا راح أجيب البنات بأقرب وقت
و راح نعمل التحاليل.. إذا طلعت أنسجة أي وحدة متطابقة فـ راح نعمل العمليـ..
قاطعها بنبرة حادة شوي: ما أسمح لك تحطي نفسك أو تحطي بناتي تحت العملية..
قامت و هي تقاطعه بسرعة و بصوت عالي: أنـت مـن لـتـمـنـعـنـي؟ مـانه خـيـارك
لـحـالـك!!
عدل جلسته بتعب و بنفس نبرته: ليلى لا تجني، أنتي ليش تهتمي.. أنا ما لك إللا
شخص غريب.. و هم.. هم صغار ما راح يتحملوا الألم..
قاطعته مرة ثانية و دموعها ترجع: طارق أنت ليش ما تفهم؟.. إذا كانت أنسجتي
تتطابق فـ أنا ما راح أحرم بناتي من أبوهم.. إعتبرني متبرعة غريبة.. لوجه الله ..
و هم.. صغار راح يكبروا و ينسوا الألم.. الأيام بتنسيهم كل شيء.. بس كيف
راح يقدروا ينسوا أبوهم.. ما راح يقدروا.. ما بينسوا.. ألم الفقد أكبر.. أكبر بكثير
من عملية تصير و تعدي..
طارق قطب حواجبه، أخذ نفس يحاول يرجع أنفاسه المتقطعة لطبيعتها بس
فشل: لـ.ـيـلى..
ليلى و هي تحرك رأسها بالنفي و بحزم: و لا شيء راح تقوله بيغير رأي،
أنا راح أجيب البنات و بسوي التحاليل..
طارق بضيق: مـ.ـن متى.. و أنتي.. عنيـ.ـدة كذي؟
ليلى و هي ترفع عيونها لعيونه: من لما أنت صرت أناني كذي!
طارق قطب حواجبه أكثر: ليلـ.. سكت و هو يكبَّس على عمره من الألم اللي صار
فجأة يحس فيه، حط يد على صدره و يد على مفرش السرير يشد عليه و كأنه
بهالطريقة بـ يخفف الألم!
نزلت دموعها و صارت تحرق خدودها: و أنا.. و أنا ما أريد أشوفك كذي
يا طارق..
رفع عيونه لها و هو بنفس حالته
ليلى و هي تكمل: ما أريد صورتك هذي تطبع نفسها في بالي.. ما كذي..
أنا ما راح أخليك تموت يا طارق.. ما ألحين و ما كذي.. لفت عنه و طلعت
من الغرفة بسرعة تكتم شهقاتها.
سمع كل كلمة دارت بينهم، ما بعد عن الغرفة كثير، مشى خطوتين و إستند بالجدار،
لف يشوف عليها و بعدها مشى لها بسرعة، و هو يمسكها من يدها: ليلى أنتي بخير؟
حركت رأسها بالإيجاب و هي تمسح دموعها: أنا.. أنا بخير.. بخير..، حطت يدها
على فمها بسرعة تمنع شهقتها بس ما قدرت فشهقت، دفنت رأسها في صدره
و صارت تبكي أكثر.
حاوطها من أكتافها: أششش.. هدي حالك.. خلاص.. خلاص!
بعد ساعة...
وقف يشوف عليه و هو يعدل جلسته على سريره، سند ظهره بظهر السرير
و رفع عيونه له.
عبدالله و هو يأخذ نفس: إذا إحتجت لأي شيء إتصل فيني بجيك على طول!
إبتسم له بهدوء: لا تخاف، ماني محتاج لشيء!
سكت شوي يشوف عليه و بعدها تكلم: بس أنا أشوفك محتاج لها!
نزل رأسه: عبدالله لا تعيد لي..
عبدالله و هو يقاطعه: طارق، راح أعيد لك هالكلام لين ما تقتنع فيه، أنت محتاج
لها، محتاج لهم، ما راح تقدر لحالك، ما راح تقدر كذي، رفضت بالأول و أنت تقول
أنك ما تريدها تعرف بس هذا هي عرفت ألحين، عرفت و مستحيل تتركك لحالك
لو إيش ما يصير..، جلس على طرف السرير و حط يد على كتفه: رجعها لك،
رجعها لبيتك، راح تكون بجنبك، معاك، لا تتركها تتعذب و هي بعيدة عنك.. ما كذي..
غمض عيونه، تنهد بس ما تكلم
عبدالله و هو يكمل: ترضاها تجي لك و أنت ما يربطك فيها أي شيء، ما تكون
لها إللا رجال غريب في وقت مضى كان زوجها، أنا ما أرضاها بس ما راح
أقدر أوقفها..
طارق و هو يفتح عيونه: عبدالله أنا ما أقدر أرجعها.. ما أقدر أرجعها بس لأموت..
عبدالله و هو يقاطعه: بسك عاد، لا تضلك على نفس هالكلمتين، ما هي قالت أنها
بتسوي التحاليل، هيا و هالا بـ يسووا التحاليل، إن شاء الله بتتطابق أنسجتكم
و تسووا العملية..
طارق: بس أنا ما أريدهم يسووا هالعملية..
قاطعه مرة ثانية: مثل ما قالت مانه قرارك لحالك، طارق إسمعها مني هالمرة،
لا تزيد على عذابك عذاب، يكفيك هالمرض لا تزيد على نفسك ببعدها ألحين،
ما وقت عنادك، رجعها لك!
طارق و هو يمسح على وجهه بيدينه بقلة حيلة: إيش لو ما تطابقت.. الأنسجة..
بعدين إيش؟
عبدالله و هو يزيد من مسكته على كتفه: على الأقل ما بتكون لحالك، ما بتكون
وحيد كذي!
أخذ نفس طويل و زفر: بترضى؟
إبتسم: هذا سؤال بالله عليك؟ أكيد بترضى!
أخذ نفس ثاني و إبتسم: عيل أخطبها.. أخطبها منك ألحين!
إبتسم له أكثر: و أبشرك بموافقتها، راح أجيب لكم الشيخ بأقرب فرصة
و إن شاء الله تملك عليها على خير!
إبتسم: إن شاء الله!
***************************
بريطانيا...
مدينة بريستول...
فتحت عيونها و هي تحس بالدنيا متظلمة حوالينها، جلست و صارت تضغط على
عيونها، في إضاءة بس قليلة و شكلها جاية من باب البلكون المفتوح، ما تعرف
متى غفت، كل اللي تتذكره أنها كانت جالسة على السرير، تقرأ كتاب بملل، ضغطت
على عيونها أكثر بس بلا فايدة، الصورة مانها راضية تتوضح، قامت و مدت يدينها
للقدام، تعرف أن الغرفة ما فيها شيء غير السرير بس تعودت على هالحركة، مشت
كم من خطوة للقدام حتى حست بالجدار، صارت تتحسه لين وصلت لمكابس الليتات،
فتحتها و بعدها غمضت عيونها بسرعة، غمضتها و هي تحس بالصداع اللي سببتها
الإضاءة المفاجئة، ضلت على نفس حالتها لكم من ثانية و بعدها رمشت عيونها بهدوء
و فتحتهم، أخذت نفس و هي تحط يدينها على عيونها: الحمد لله!
بعدت يدينها عن عيونها و بعدها مشت لشنطتها، أخذت جلبابها من على شنطتها
و لبسته، مشت للبلكون و طلعت، مشت للدرابزين و حطت يدينها عليها، رفعت
عيونها للسماء و هي تشوفها مغيمة، نزلت عيونها و لمت يدينها لصدرها و هي
تحس بالبرد، لفت و جت بتدخل بس لمحتها، وقفت و إلتفتت لها، شافتها واقفة بنص
البلكون و تشوف عليها، صغيرة شقراء، شعرها لين أكتافها، عيونها زرقاء زجاجية،
جميلة جداً، ما تشبهه أبداً، أكيد تشبه أمها، ضلت تشوف عليها لشوي و بعدها إقتربت
من الدرابزين اللي تفصل ما بين بلكونهم، إبتسمت و أشرت لها تجي لها: تعالي،
هيا إقتربي!
ضلت تشوف عليها بدون أي حركة
فرح و بنفس إبتسامتها: هيا، عزيزتي، إقتربي لن أؤذيك، هيا!
ما تحركت من مكانها
فرح جلست على ركبها و حطت يدينها على الدرابزين: حسناً، إبقي أينما أنتي،
لنتعرف على بعضنا من هنا، و هي تأشر على نفسها: أنا فرح، ما إسمك؟
ما ردت كعادتها
فرح: إسمك ميساء، أليس كذالك؟
قطبت حواجبها بس ما تكلمت
فرح و هي تقطب حواجبها بدورها: أخطأت بإسمك؟ إذاً ما إسمك؟
حركت رأسها بالنفي
فرح و هي تبتسم: ألن تعرفيني بإسمك؟
حركت رأسها بالنفي مرة ثانية
فرح: و لن تصادقيني؟
ضلت تشوف عليها و بعدها حركت رأسها بالإيجاب
فرح إبتسمت و مدت يدها لها: إذاً لـ نتصافح حتى نتصادق!
نزلت عيونها ليدها و من ثم رفعتهم لها
فرح مدت يدها لها أكثر و ضلت بنفس إبتسامتها
نزلت عيونها ليدها مرة ثانية و بعدها تقدمت بخطوة مترددة لها، رفعتهم لها
و بعدها تقدمت بخطوة ثانية و ثالثة، رفعت يدها و جت بتصافحها بس تراجعت
بسرعة و هي مرتبكة.
فرح إستغربت منها و إلتفتت لوراء مكان ما كانت تشوف، شافته واقف بجنب
الباب يشوف عليهم، إلتفتت لها، وقفت و من ثم لفت له: من متى و أنت هنا؟
عماد: توني بس.. و هو ينزل عيونه لـ مايسي: يبة كان يقصدها هي؟
فرح إلتفتت لها و حركت رأسها بالإيجاب: أعتقد، و هي تلتفت له: أختك!
عماد و هو يقترب من درابزين: أختي؟!
فرح حركت رأسها بالإيجاب
عماد حك جبينه و هو ما يعرف إيش يقول لها، بإيش يبدأ: أمم.. ميسـ..
: مايسي!
إلتفتوا له
طلع للبلكون و شافهم، رفع عيونه لهم و من ثم نزلهم لـ مايسي و مشى لها
بسرعة، حملها و رفع عيونه لـ عماد: لا تحاول أن تتقرب منها هكذا مرة أخرى،
لن أسمح لك بأنـ..
عماد قاطعه بسرعة: لا تقلق، لن أؤذيها، أنا لا أريد أي شيء يربطني بكما،
فأنتما لا أحد بنسبة لي!
ماكس فتح فمه ليرد عليه بس عماد كان الأسرع، مسك يد فرح، سحبها معاه
للداخل و سكر باب البلكون.
ماكس، هو الآخر لف بعصبية و دخل مع مايسي بسرعة، سكر باب البلكون، قفله
و سكر الستائر، نزل مايسي و من ثم نزل عيونه لها و بنبرة حادة: لـن تـخـرجـي
لـلشـرفـة مـرة أخـرى!
نزلت رأسها و لفت عنه، مشت للسرير، ركبت و إنسدحت، تقلبت بحيث عطته
ظهرها و من ثم غمضت عيونها.
قطب حواجبه على حركتها و زفر بقهر، مرر يدينه في شعره بقلة حيلة و مشى لها،
جلس على طرف السرير، حط يده على كتفها و قلبها له، طبع بوسة هادية على
خدها و بهدوء: أنا آسف لم أكن أقصد أن أصرخ عليك هكذا و لكن..، و هو يأخذ
نفس: و لكن خفت عليك منهما.. سيؤذيانك.. مسكها من يدينها و جلسها و هو
يحاوط وجهها الصغير بحنان: مايسي حبيبتي، أنا أحبك و لا أريد أن يؤذيك أي
أحد.. ابتعدي عنهما.. ما كمل لأنها إقتربت منه و دفنت رأسها في صدره، أخذ
نفس، حاوطها له و صار يمسح على رأسها بهدوء.
عند عماد و فرح...
إرتبكت من لمسته فأول ما دخلت الغرفة سحبت يدها منه
إلتفت لها و بصوت عالي: مـا راح تــكلـمـيـهـا مـرة ثـانـيـة، نـحـن مـا لـنـا دخـل
لا فـيـهـا و لا فـيـه، يـفـكـر أنـي بـتـقـرب مـنـهـم؟ يـحـلـم! مـانـي مـتـقـبـلـهـم
لـو إيـش مـا يـصـيـر!
فرح و هي تقطب حواجبها و بهدوء غير اللي تحس فيه: بس عماد الغلط
ما منهم من عمي..
عماد بنفس حالته: مـا يـهـمـنـي! لف و طلع من غرفتها بسرعة.
ضلت تشوف على الباب لكم من ثانية و بعدها رمشت عيونها و نزلتهم ليدها، بلعت
ريقها و هي تكلم حالها: أصعب مما تصورت! أخذت نفس تهدي حالها و بعدها
مشت للباب و سكرته.
***************************
مسقط...
جلست على طاولة العشاء و عيونها على كرسيها الفاضي، رفعت عيونها لأمها
و شافتها تأكل بهدوء، رفعتهم لأبوها و شافته يأكل بدوره، تنهدت و نزلتهم
لصحنها، سمعت خظوات من وراها فـ لفت بسرعة و هي تتمنى تشوفها بس
طلعت الخدامة.
ماريسا بتوتر: ماما ما يفتح باب و ما يرد، أنا دقيت حاله.. من صبح أدق بس
ما في رد .. ماما في شيء!
أزهار و هي تقوم بسرعة و بتوتر: أنتي إيش تقولي؟
ماريسا و هي ترفع عيونها لهاشم و سميرة و من ثم تنزلهم: أنا.. أنا سمعت
ماما يكلم هذاك الرجل.. ماما قال خذني معاك.. أنا..، و هي تنزل عيونها
عنهم بخوف: ماما يمكن هرب!!
سميرة بصدمة: إيــش؟!؟!
ماريسا رجعت بخطوة لوراء: أنا ما أعرف.. يمكن.. ليش ما يفتح باب؟!
هاشم قام من على الطاولة بسرعة و صار يمشي للدرج بأسرع ما يمكن
و سميرة قامت تلحقه.
وقفت تشوف عليهم و هي مانها قادرة تستوعب اللي يصير، معقولة تسويها؟
تسويها فيهم؟ إلتفتت لـ ماريسا و مشت لها بسرعة: ماريسا متى سمعتيها تكلمه؟
متى صار كل هذا؟
ماريسا بخوف: ماما أنا آسف.. أنا ما في دخل.. ماما أساور سوى تلفون
حاله و كلمه..
أزهار و هي تمرر يدها على وجهها بإرتباك: يا رب خير، يا رب إسترنا..
سترك يا ر.. ما قدرت تكمل و هي تسمع صراخه، رفعت عيونها للدرج و بعدها
صارت تركض بسرعة، ركبت الدرج لغرفتها و وقفت عند الباب بخوف تشوف
عليهم، وجهه محمر، ماسكها من أكتافها، يهزها و يصرخ.
هاشم بصراخ: بــنــتــك الحــقــيــرة هــربــت.. هــربــت و أنــتــي مــا تــدري
عــنــهــا.. لــيــش؟ ويــن كــنــتــي عــنــهــا؟ ويــن كــنــتــي عــنــهــا؟
لــيــش مــا تــدري عــنــها؟! لــيــش؟!
سميرة و هي تحاول تفك نفسها منه: هـاشم إتـركـنـي.. إتـركـنـي..
هاشم بنفس حالته: مــا عــرفــتــي تــربــي.. مــا عــرفــتــي تـربــيــهــا
الــواطــيــة.. كــله بــســبــبــك.. كــلــه بــســبـ..
سميرة و هي تقاطعه و بنفس صراخه: إذا أنــا مــا عــرفــت أربــي عــيــل
أنــت ويــنــك عــنــهــا؟ أنــت الــســبــب.. لــوم حــالــك.. أنــت الــســبــ..
ما سكتها إللا كف طيحها على الأرض.
هاشم و هو ينزل لها و يسحبها من شعرها: تــلــومــيــنــي؟! تــلــومــيــنــي
أنــا؟ ألــحــيــن بــراويــك تــربــيــتــي يــا حــقــيــرة.. ما خلص جملته إللا
و هو طايح فيها ضرب.
وقفت و هي ترتجف من اللي تشوفه، مانها قادرة تستوعب و كأنه جمد تفكيرها،
تسمع صراخه، تسمع سبه لها، تسمع بكائها و تسمع توسلاتها له بس مانها قادرة
تفهم، تحس نفسها في كابوس، كابوس..، و هي تنزل عيونها لسميرة، كابوس
يتحقق، شهقت بقوة و هي توها تنتبه لحالها، ركضت لهم بسرعة، مسكت أبوها
من أكتافه و هي تحاول تبعده عنها: بابا.. بابا بس.. بس.. ما غلطتها..
ما دخلها.. فكها.. خليها.. بابا لا..
هاشم و هو يدفعها عنه بقوة: بــعـــدي!! و هو يلف لسميرة و بنفس حالته
: هــذي الــكــلــبــة أنــا بــربــيــهــا!
إصدمت بالجدار من كتفها بقوة، قطبت حواجبها بألم بس عدلت وقفتها بسرعة
و ركضت له، حاولت تبعده عنها مرة ثانية بس هو مانه راضي يبعد، ضلت تحاول
و تحاول كثير بس بلا فائدة بالأخير ما عرفت إيش تسوي غير أنها تحاوط سميرة
لها لتغطيها عن ضرباته و هو ما حس بحاله إللا و هو يطلع كل حرته فيها!
بعد نص ساعة...
جلس على السرير و هو يحط يدينه على رأسه و يحاول يلتقط أنفاسه، رفع عيونه
لها و هو يشوفها مرمية على الأرض، مكورة على نفسها و تشهق، نزل عيونه عنها
و من ثم رفعهم لسميرة و هو يشوفها مستندة بالجدار، منزلة رأسها و تبكي بصمت،
نزل رأسه و هو يغمض عيونه و يزفر بقهر، فتحهم و تكلم: سودت وجوهنا..
سودت وجوهنا.. سيرتنا بتكون على كل لسان.. الكل بـ يتشمت فينا.. كل بيقول
بنت هاشم الحقيرة هربت مع حبيبها.. هربت و ما همها.. الله لا يبارك فيها من بنت..
الله يأخذها.. الله يأخذها..
سميرة و هي تمسح دموعها: بكرة.. بكرة الملكة.. إيش بنقول لهم.. إيش بنرد
عليهم.. قدمنا الملكة.. قدمناها بس لـ كذي..
هاشم أخذ نفس و زفر بقوة: سودت وجوهنا بين الكل.. سودت وجوهنا الكلبة..
و هو يحرك رأسه بقلة حيلة: ما أعرف إيش أقول لـ عبدالرزاق.. إيش أقول للرجال..
إيــش.. سكت و هو يسمع شهقاتها المتقطعة، رفع عيونه لها و ضل يشوف عليها لكم
من دقيقة بدون أي كلمة، نزل عيونه عنها بس رفعهم لها مرة ثانية: ما في إللا كذي..
ما في إللا نعرضها عليهم!
سميرة رفعت عيونها لها و ما تكلمت
هاشم و هو يقوم بسرعة: لازم أكلم عبدالرزاق، لازم أكلمه ألحين..، و صار
يمشي للباب.
سميرة: بيرضى فيها؟
عبدالرزاق و هو يلتفت لها: ما عنده إللا يرضى، ما يقدر يرفضني، ما يقدر!
قالها و بعد لف و طلع من الغرفة بسرعة.
مررت يدها على وجهها و هي تأخذ نفس تهدي حالها، أخذت نفس ثاني و بعدها
قامت و صارت تمشي للباب، وقفت تشوف عليها لشوي و بعدها لفت عنها و طلعت.
سمعت خطواتها تبتعد بس ما قدرت توقفها، كان خاطرها تناديها بس ما قدرت
تنطقها، كل جسمها يحرقها، يحرقها و كأنها مرمية بالنار، سحبت يدينها لها
و بالزور قدرت تسويها، مانها قادرة تحرك نفسها، كل جسمها صار يتخدر، يتخدر
بس حرقتها باقية، شعور غريب، ألم غريب، مانها قادرة تتحمله، مانها قادرة تسوي
شيء غير أنها تبكي..، و هي تغمض عيونها، تبكي و تستسلم له، ما تعرف كم
مر عليها و هي بنفس حالتها، ما صحت إللا و هي تحس بيدين تقومها، تأوهت
و هي تتعور من مسكتها.
ماريسا و هي تحارب دموعها: يللا ماما.. يللا نروح غرفتك..، قومتها بهدوء،
مسكت يدها و حطته على أكتافها و من ثم مسكتها من خصرها و صارت تمشي
معاها لغرفتها، بكل خطوة تأخذها، تسمع تأوهاتها و شهقاتها المتقطعة، ما قدرت
تتحمل فطاحت دموعها، أخذتها للغرفة و جلستها على السرير، جت بتمددها بس
هي تكلمت.
أزهار و هي تغمض عيونها بقوة و من بين شهقاتها: مـ.ـاريـ.ـسـ.ـا خـ.ـذ..
خـ.ـذيـ.ـني.. لـ.. لـ.ـحمـ.ـام.. خـ.ـذيـ.ـنـي..
ماريسا: ماما..
أزهار و بنفس حالتها: خـ.ـذ.. خـ.ـذيـ.ـني.. لـ.. لـ.ـحمـ.ـام.. خـ.ـذيـ.ـنـي..
ماريسا حركت رأسها بالإيجاب و قومتها مرة ثانية، مشت للحمام، فتحت لها الباب
و دخلتها.
فكت نفسها منها و بعدها صارت تغصب نفسها لتمشي، تمشي للبانيو، جت بتطيح
بس ماريسا مسكتها بسرعة، أخذتها للبانيو و جلستها فيه.
أزهار: إفـ.ـتـ.ـحي الـ.ـماي.. بـ.ـارد.. إفـتـ.ـحيـ.ـه..
فتحت الماي لها و هي تشوفها تنزل رأسها و تشهق أكثر.
بعد فترة...
حطت الروب على جسمها بهدوء و طلعتها من الحمام، أخذتها لسريرها و جلستها،
مشت لكبتاتها و فتحتها، أخذت لها أخف بجامة قدرت تحصلها و من ثم مشت لها،
لبستها البجامة و بعدها مددتها على السرير، جلست على الطرف و صارت تمسح
على رأسها بهدوء.
يوم الثاني...
الصبح – ساعة 10:30 ...
حط الكمة على رأسه و المصر على كتفه، رفع عيونه للمراية يشوف عليها
و تكلم: خبريها و خليها تكون جاهزة، أنا بجيب الشيخ و برجع، جهزي أغراضها،
بعد صلاة العشاء بتمشي معاهم!
سميرة حركت رأسها بالإيجاب و تكلمت: رضوا؟
هاشم و هو يلف لها: قلت لك ما يقدروا يرفضوا، و هو يمشي لها: لا تخبري أي
أحد أن الملكة لأزهار، خليها بغرفتها و لا تطلعيها.. خلي الكل يفكر أن هذي ملكة
أساور، أول ما بتمشي معاه بنخبرهم!
سميرة حركت رأسها بالإيجاب مرة ثانية، سكتت شوي و بتردد: عبدالله..
قاطعها بسرعة: ما في داعي يعرف، ما ألحين، لما يحضر الملكة بالمسجد بيكتشف
لحاله، ما راح يقدر يسوي شيء في وقتها فلا تأكلي همه! و هو يمشي للباب: يللا
أنا رايح! قالها و بعدها طلع من الجناح.
أخذت نفس و بعدها مشت للباب، طلعت و صارت تمشي لغرفتها، لفت لممر الغرف
و هي تفكر في هاليوم، ما تعرف كيف بيعدي، كيف بتمر ساعاته، الملكة عائلية،
محد بـ يحضرها غير الأهل، أم بسمة و سعاد، كيف تقدر تخبي عليهم، أي عذر
بتطلع لهم؟ تقول لهم أن بنتها فضحتهم، سودت وجوههم و هربت مع حبيبها؟
تقول لهم أنهم عرضوا عليهم أزهار ليتداركوا هالموقف، و يهربوا من الفشيلة؟
ما تخبرهم ألحين بس بعدين بيرجعوا لها، بيرجعوا لها بأسئلتهم، إيش ترد عليهم
في وقتها؟ وقفت قدام باب غرفتها و حطت يدها على المقبض، ما تعرف، ما راح
يكون عندها أي جواب، غمضت عيونها و أخذت نفس تهدي حالها، ما فيها تفكر
في هالشيء ألحين، ما ألحين، هاليوم يمر و بعدها يصير اللي يصير، الملكة تتم
و بعدها ما يهمها، فتحت عيونها و من ثم فتحت الباب و دخلت.
شافتها فقامت من على السرير و نزلت رأسها: مدام..
قاطعتها و هي تنزل عيونها لأزهار النائمة: روحي جهزي شنطتها، اليوم هي
بتملك بدل أختها، و هي ترفع عيونها لـ ماريسا: يللا بسرعة!
ماريسا حركت رأسها بالإيجاب و صارت تمشي لكبتاتها.
سميرة إقتربت من عند سريرها و صارت تقومها.
بعد ساعتين...
نزلت دموعها و هي تغصب نفسها لتنطقها، حست بمسكتها تزيد على يدها
فقطبت حواجبها بقوة، ما تقدر تتحمل لمستها، ما تقدر تتحمل لمسة أي أحد،
لين ألحين كل جسمها يعورها، لين ألحين تتألم و تتألم كثير، رفعت عيونها لها
و هي تحاول تكتم شهقتها: ماما.. أنتي.. أنتي تعوريني..
سميرة شدت على يدها أكثر، تكلمت بنبرة حادة بس محد سمعها غيرها: ردي
بسرعة!
نزلت عيونها و هي تحاول تسحب يدها منها، يربطوها فيه كذي، يغصبوها عليه
كذي، ليش رضى فيها؟ ليش وافق عليها؟ ما تريده، ما تريد هالزواج يصير بس
مانه خيارها، هم ما جايين ليطلبوا منها توافق، هم جايين ليأمروها توافق،
توافق لتطلعهم من هالمصيبة، مصيبتهم هم!
الشيخ اللي كان واقف بطرف الثاني من باب غرفتها المفتوح شوي، إلتفت
لـ هاشم و من ثم للباب، ينتظر ردها، لما ما سمعها عاد كلامه لآخر مرة: أزهار،
يا بنتي، أنتي موافقة؟
رفعت عيونها لليد اللي كل شوي صارت تشد على يدها أكثر، رفعتهم للباب
و هي تحس بالعبرة اللي صارت تخنقها: مـ.. مـ.ـوافقة!
الشيخ من وراء الباب: مبروك يا بنتي، موفقة إن شاء الله!
سمعوه يكلم هاشم و بعدها سمعوا صوت ضحكاتهم و خطواتهم تبتعد لين إختفت.
سميرة فكت يدها، دفعتها و بنبرة حادة: بنات عمك بعد شوي يمكن يجوا، راح
يركبوا لعندك، ما تفتحي فمك عن ملكتك، ما لازم يعرفوا، ما ألحين، إذا سألوك
عن أختك تخبريهم رايحة الصالون، فتحتي فمك بأي كلمة ثانية بذبحك، فاهمة؟!
ما نطقت بحرف، نزلت رأسها و صارت تبكي بصمت!
يتبع...