بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المجيب
- الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ﴾ هود: ٦١.
- المعنى:
المجيب هو الذي يجيب دعاء الداعين، ويغيث الملهوفين، ويعطي السائلين، ويجيب المضطرين، قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ البقرة: ١٨٦، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ﴾ الصافات: ٧٥.
لذلك أمرنا الله تعالى بالدعاء، ووعد سبحانه بالإجابة، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ غافر: ٦٠.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إني لا أحمل همَّ الإجابة، وإنما أحمل همَّ الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه " (اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية)، لأن الداعي لا بد أن يُعطيه الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذن نُكْثِرُ! قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ) رواه أحمد في مسنده، وصحَّحه شعيب الأرناؤوط.
قال الحافظ ابن حجر: "كل داعٍ يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة: فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه". (فتح الباري)
وكما أن الله يجيب دعوة المؤمنين، فإنه تعالى يجيب دعوة الكافرين لحكمة، قال تعالى: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ العنكبوت: ٦٥.
قال السمعاني: "فإن قيل: وهل يجوز أن يجيب الله دعوة الكافر؛ حيث أجاب دعوة اللعين؟ قيل: يجوز على طريق الاستدراج والمكر والإملاء، لا على سبيل الكرامة". (تفسير السمعاني)
قال الإمام ابن تيمية: "وأما إجابة السائلين فعام، فإن الله يجيب دعوة المضطر، ودعوة المظلوم وإن كان كافراً". (مجموع الفتاوى)
وقال ابن القيم: "فليس كل من أجاب الله دعاءه يكون راضياً عنه، ولا محباً له، ولا راضياً بفعله، فإنه يجيب البَر والفاجر والمؤمن والكافر". (إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان)
- مقتضى اسم الله المجيب وأثره:
يقتضي اسم الله المجيب الإقبال على الله بالدعاء والسؤال بإخلاص، واليقين بأن الله تعالى لا بد وأن يستجيب كما وعد، وأن إجابته للدعاء قد تكون معجّلة، وقد تكون مدّخرة له في الآخرة، وقد تكون لصرْفِ سوءٍ أو شرٍ، ففي جميع الأحوال خيرٌ وعطاءٌ وبركة.
فلا بد للمسلم أن يكثر من الدعاء، لأن الله وعد بالإجابة، بل إن مجرد الدعاء عبادة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الدعاء هو العبادة)، ثم قرأ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ غافر: ٦٠. رواه أصحاب السنن، وصحَّحه النووي في (الأذكار) وابن حجر في (الفتح).