أصبحنا حين نعرف أننا مدعوون لحضور مناسبة نلتزم الهدوء ونحاول قدر
الإمكان أن لانخطيء كي لانعاقب ونحرم من الرحلات فالحرمان من الرحلات كان من أشد العقاب
النفسي الذي نشعر به ...
في طفولتي كنت أعشق تلك الحفلات والمناسبات التي يقميها لنا الآخرون فبعض العائلات المعروفة
يقومون بدعوتنا لمزارعهم واستراحاتهم وحتى قصورهم ويقيمون لنا احتفالات يريدون بذلك الأجر
لوكن عندنا كبرت أصبحت أتحاشى تلك الاحتفالات كثيرا لأنني أصبحت أشعر أن تلك الأسر التي تقيم
لنا المناسبات لا تبحث عن الأجر بقدر ماتبحث عن الشهرة والسمعة فعائلة معروفة قامت بدعوتنا
لمزرعتهم ذهبنا إليها وجدنا أن تلك العائلة دعت الكثير من وجهاء المجتمع وأقامت الموائد
والمشروبات وبالغت في الإسراف وكنت أشعر أنه من باب التفاخر أمام المدعوين وليس لأجلنا
أو لأجل الخير فالخير له وجوه كثيرة كان بالإمكان كفالة يتيم بالسر من إحدى الدور الخيرية
وكان بالإمكان التبرع على المستحقين بتلك الأموال ...
فحاليا لا أذهب إلى من أشعر أنهم منافقين يراؤون بمايفعلون فأنا أصبحت في سن أميز فيه
بين من يفعل الخير لأجل الخير ومن يفعل الخير لأجل الغير ...
المهم أننا ذهبنا ذلك اليوم لمزرعة عائلة معروفة كانت مزرعة جميلة وكبيرة بها كل شيء
حوش سمك كبير بحجم غرفة وبحيرة للبط وأيضا كان يوجد بها دواجن وأرانب وحيوانات عديدة
وكذلك أنواع متعددة من الأشجار والفواكه والنخيل مزرعة كانت بمساحة حي من أحياء مدينة الرياض
فيها بيوت شعر ومسابح ومنزل جميل وطبعا كالعادة كان هناك ضيوف كي يرون كرم تلك العائلة وحبها
للخير حين تدعو أبناء الدار وتستقبلهم بمزرعتها الخاصة ...
وحين وصولنا جمعتنا الأم وكالعادة انهالت علينا بنفس الوصايا التي توصينا إياها في كل مناسبة
والتي نحفظها عن ظهر قلب لكننا للأسف لا نطبقها ...
أوصتنا أن لانسبب الفوضى وأن نجلس بأدب وأن لانطلب منهم أن يعطونا بل ننتظرهم هم يبادرون بالعطاء
وأن نشكرهم حين يقدمون لنا أي شيء وأن لانقوم بالهجوم المعتاد على المائدة وكأننا نعيش في مجاعة ...
للاسف لم نتقيد بماطلبته منا لا أعرف لم كنا نرى كل شيء لدى الآخرين جميلا ومختلفا
حتى لو كنا نملك مثله في الدار هناك طباخات يطهون لنا الطعام وحينما نخرج ونرى نفس الطعام في مكان
آخر نشعر أنه مختلف وألذ وكأننا لأول مرة نتذوقه وكان ذلك التصرف يزعج أمهاتنا وفي كل مرة نوبخ بسببه
لعبنا كثيرا ذلك اليوم وفعلنا كل مايحلو لنا لأننا نلعم ان الأم لن تستطيع ضربنا وتوبيخنا أمام الضيوف
لكن ما إن عدنا إلى الدار إلا وبدأ مسلسل التوبيخ لم ولم ولم ؟؟؟
فصرخت الأم علينا كثيرا ذلك اليوم وقالت : أنا وش قايلة لكم ؟؟؟
ماقلت ما أبغى إزعاج ماتفهمون إنتم ؟؟؟
وإلالازم تفشلونا بأي مكان تروحون له ؟؟؟
ويوم شفتوا الأكل كأنكم مجاعة ومحرومين مع إنكم تآكلون أكثر من غيركم
وكل شيء عندكم بس مايملى عينكم شي ؟؟؟
تعودتوا على قلة الأدب والشفاحة كأنكم ماعمركم شفتوا خير ؟؟؟
عيالنا اللي ماشافوا اللي شفتوه إذا رحنا بهم مكان قعدوا متأدبين لحد مانرجع وإنتم ماتعرفون الأدب ؟؟؟
الله يآخذ أمهاتكم اللي جابوكم وإحنا ابتلشنا بكم ....
اليوم معاقبين مافيه حديقة ولا فيديو ولا شي انطقوا كذا عشان تعرفون تتأدبون مرة ثانية
وفيه ناس بيكون عقابهم أكثر وهم اللي استهبلوا فلان وفلانة وفلان .....الخ
طبعا لايهمنا كل ماتقوله فالأهم أننا فعلنا مايحلو لنا ....