الحمد لله وحده نحمده ونشكره ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
أشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
ومن تبعهم بالإحسان الى يوم الدين
ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا, إنك أنت العليم الخبير
ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل لي
عقدة لساني يفقهوا قولي
أما بعد..
فإن أصدق الحديت كتاب الله تعالى وخير الهدي, هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما
وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
فاللهم أجرنا وقنا عذابها برحمتك يا ارحم الراحميــن
بسم الله الرحمن الرحيم " ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "
صدق الله العظيم
الحمد للّه الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه وترتيبه،
وأدب نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم فأحسن تأديبه، وبعد:
فإن مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين، بها تُنال الدرجات،
وتُرفع المقامات. وقد خص اللّه جل وعلا نبيه محمداً صلى اللّه عليه وسلم بآية
جمعت له محامد الأخلاق ومحاسن الآداب فقال جل وعلا: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].
الأمانة خلق جليل من أخلاق الإسلام....فلمن الأمانة !!!!
أخلاق المسلم والمسلمة
الأمـانـة
فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، ودخل المسجد الحرام فطاف حول الكعبة،
وبعد أن انتهى من طوافه دعا عثمان بن طلحة
-حامل مفتاح الكعبة- فأخذ منه المفتاح،
وتم فتح الكعبة، فدخلها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام على باب الكعبة
فقال: (لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده...).
ثم جلس في المسجد فقام علي بن أبي طالب
وقال: يا رسول الله، اجعل لنا الحجابة مع السقاية.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أين عثمان بن طلحة؟) فجاءوا به،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم برٍّ ووفاء)
[سيرة ابن هشام].
ونزل في هذا قول الله تعالى : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها "
[النساء: 58].
وهكذا رفض النبي صلى الله عليه وسلم
إعطاء المفتاح لعلي ليقوم بخدمة الحجيج وسقايتهم،
وأعطاه
عثمان بن طلحة امتثالا لأمر الله بردِّ الأمانات إلى أهلها.
ما هي الأمـانة..؟؟
الأمانة هي أداء الحقوق، والمحافظة عليها، فالمسلم يعطي كل ذي حق حقه؛
يؤدي حق الله في العبادة، ويحفظ جوارحه عن الحرام، ويرد الودائع... إلخ.
وهي خلق جليل من أخلاق الإسلام، وأساس من أسسه،
فهي فريضة عظيمة حملها الإنسان، بينما رفضت السماوات
والأرض والجبال أن يحملنها لعظمها وثقلها،
يقول تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال
فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولاً}
[الأحزاب: 72].
وقد أمرنا الله بأداء الأمانات،
فقال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}
[النساء: 58].
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم الأمانة دليلا على إيمان المرء وحسن خلقه،
فقال صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له) [أحمد].
أنـواع الأمـانة:
الأمانة لها أنواع كثيرة، منها:
الأمانة في العبادة: فمن الأمانة أن يلتزم المسلم بالتكاليف،
فيؤدي فروض الدين كما ينبغي، ويحافظ على الصلاة والصيام وبر الوالدين،
وغير ذلك من الفروض التي يجب علينا أن نؤديها بأمانة لله رب العالمين.
الأمانة في حفظ الجوارح: وعلى المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات،
يجب عليه أن يحافظ عليها، ولا يستعملها فيما يغضب الله - سبحانه -؛
فالعين أمانة يجب عليه أن يغضها عن الحرام، والأذن أمانة
يجب عليه أن يجنِّبَها سماع الحرام، واليد أمانة، والرجل أمانة...
وهكذا.
الأمانة في الودائع:
ومن الأمانة حفظ الودائع وأداؤها لأصحابها عندما يطلبونها كما هي،
مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين،
فقد كانوا يتركون ودائعهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم ليحفظها لهم؛
فقد عُرِفَ الرسول صلى الله عليه وسلم بصدقه وأمانته بين أهل مكة،
فكانوا يلقبونه قبل البعثة بالصادق الأمين، وحينما
هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، ترك علي بن أبي
طالب -رضي الله عنه- ليعطي المشركين الودائع والأمانات التي تركوها عنده.
الأمـانة في العمل:
ومن الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه على خير وجه،
فالعامل يتقن عمله ويؤديه بإجادة وأمانة، والطالب يؤدي ما عليه من واجبات،
ويجتهد في تحصيل علومه ودراسته، ويخفف عن والديه الأعباء،
وهكذا يؤدي كل امرئٍ واجبه بجد واجتهاد.
الأمانة في الكلام: ومن الأمانة أن يلتزم المسلم بالكلمة الجادة،
فيعرف قدر الكلمة وأهميتها؛ فالكلمة قد تُدخل صاحبها الجنة وتجعله من أهل التقوى،
" ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة
طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء "
[إبراهيم: 24].
وقد ينطق الإنسان بكلمة الكفر فيصير من أهل النار، وضرب الله -سبحانه-
مثلا لهذه الكلمة بالشجرة الخبيثة،
فقال: " ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار "
[إبراهيم: 26].
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية الكلمة وأثرها،
فقال: (إن الرجل لَيتَكَلَّمُ بالكلمة من رضوان الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغتْ،
يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه،
وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغتْ،
يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه) [مالك].
والمسلم يتخير الكلام الطيب ويتقرب به إلى الله - سبحانه -،
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والكلمة الطيبة صدقة) [مسلم].
المسئولية أمانة: كل إنسان مسئول عن شيء يعتبر أمانة في عنقه،
سواء أكان حاكمًا أم والدًا أم ابنًا، وسواء أكان رجلا أم امرأة فهو
راعٍ ومسئول عن رعيته،
قال صلى الله عليه وسلم: (ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته،
فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته،
والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم،
والمرأة راعية على بيت بعلها (زوجها) وولده وهي مسئولة عنهم،
والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه،
ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)
[متفق عليه].