بسم الله الرحمن الرحيم
هذا النداء الرباني الجميل . . وكأنه يحمل بين طياته العديد من الرسائل . . الرسالة الأولى : أن تحمَّل أيها السائرُ على درب التقوي مشاق المسير رغم قلة الرفقاء، واشتداد المغريات التي سرعان ما تمنح أصحابها متعها العاجلة!! وأنت لا زلت تواجه صراعاً داخلياً مع رغبات نفسك وشهواتها . . وصراعاً خارجياً بسخرية الغافلين منك واستهزائهم بك . . ولا ترى في الأمد القريب ثواباً عاجلاً!! لكن ما أشد فرحتك . . حين ينادى عليك يوم القيامة بعد طول عناء . . وقد ذهبت لذة الغافلين، ولم يبق لهم سوى حسرة النادمين!! أن يا عبد الله . . صدقت وصبرت بل وصابرت . . وتحملت مشاق الطريق . . فتعال إلى وعد ربك : تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا الرسالة الثانية : ها أنا امنحك الزاد لمواصة الطريق . . فاجعل الجنة تزهو دائماً بين عينيك . . واسحق ببهجتها جميع بهارج الشهوات والغفلات من نفسك؛ فبسحقك لآثارها . . ستُفقد الشيطان أهم عوامل إغوائك . . وحين تواصل بهذا الزاد الطريق إلىَّ حتى يسلمك الناس إلى قبرك . . سأجعل لك نافذة في قبرك . . كي تتطلع من خلالها على عاقبتك . . فتأنس فيه . . حتى تحط بقدميك يوم القيامة أولى خطواتك لأعتاب وعدي لك . . فتعلم حيينها كم كان وعداً ثرياً . . تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا الرسالة الثالثة : هناك في الأفق البعيد فرح كبير . . لا حزن بعده أبداً!! . . ولا شقاء يتبعه مطلقاً!! بل نعيم يتبعه نعيم . . فهناك رضى الرحمن عمَّن تحمل ألم مقاومة الشهوة . . وهناك فرحة الرحمن بمن آثر خوفه ومرضاته على متع الحياة الفانية . . هناك يكشف الله الحجب . . فتتهلل الوجوه وتكبر الألسنة . . فرحاً برؤية وجه الله الكريم . . بعدما يسألهم سبحانه يا عبادي: هل رضيتم عني؟! حيينها فقط . . ستعلم الأفئدة معنى ذلك الوعد . . تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا
فاللهم اجعلنا جميعاً ممن كان في دنياك عبداً نقياً
كي يحق لنا نيل وعدك
تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا