لم أتذوّق طعم الموُت..لكني تذوّقت طعم غيابك فمارست الموت في الغياب كما يمارسون الغياب في الموت غيابكْْ كأس سمّ أحتسيه كل ليلة فيبلّل الطرقات في أعماقي ويمتزج بدم قلبي فتموت كل الأشياء فيّ إلاّ انتََ غيابكْْ وسادة جمر أتوسّدها كل ليلة أضع رأسي في أحشائها فيتصاعد دخان ذاكرتي فتفور وتثور وتختنق رائحة التفاصيل المشتعلهُ غيابكْْ مدينة حزن أشدّ الرحال إليها كل ليلة أدخلها بلا أوراق رسمية وأتجوّل في شوارعها وأشعل شموع الأمل في طرقاتها وأتقصّى آثار خطاك علّ الدرب ينتهي يوما إليك غيابكْْ خنجر مميت يحمل بصماتك بوضوح ويسافر كل ليلة إليّ ويتجوّل في داخلي يتخبّط كالمجنون الأعمى فيّ ثم يستقر في آخر الليل هنا وهنا قلبيٍٍ غيابكْْ حكاية مؤلمة بطلها الأول العذاب وبطلها الثاني الضياع وبطلها الثالث البكاء وبطلها الرابع الوداع وللفراق دور البطولة في الجزء الأخير غيابكْْ جنين ميّت توقّف نموّه فيّ وتغيرّ لونه منذ زمن ولوّث مساحات النقاء فيّ ومازلت أتحسّسه بلهفة وأحنو عليه وأناغيه بصوت الرحمة غيابكْْ خيانة العقل للقلب وخيانة اليوم للأمس وخيانة اليقظة للحلم وخيانة الحزن للفرح وخيانة الواقع للخيال وخيانة الضياع للأستقرار وخيانة الموت للحياة غيابكْْ انتصار اليأس على الأمل وانتصار الحزن على الفرح وانتصار القسوة على الرحمة وانتصار الخوف على الأمان وانتصار الشرّ على الخير غيابكْْ رعب لا يستقر وموج لا يهدأ وسفن لا تصل ومعاناة لا تنتهي ومأساة تتكرّر كالنبض فيّ وحالة مرضية شفاؤها الموت غيابكْْ شهقة دهشة لا تتوقّف وسؤال ذهول ليست له إجابة ودرب شوك ليست له نهاية وحكاية رعب ليست له خاتمة وعمر بلا أيام وأيام بلا لحظات ولحظات بلا تفاصيل غيابكْْ شيء من الذهول وحالة من اللاوعي وإحساس بالوحده وإحساس باليتم وإحساس بالضياع يمتدّ بي ما بين الأرض والسماء غيابكْْ مواسم الذبول وحصاد النهايات وأولى قطرات البكاء وأولى دروس الوداع وأولى خطوات الضياع وآخر خيوط الشمس غيابكْْ ذاكرتي التي علّقت بطرف ثوبك عند الرحيل فنسيت بعدها كل التفاصيل وأضعت بعدها كل شي أحياناً يتحوّل غيابهم إلى حالة من الذهول والهذيان تتلبّسنا كلما بحثنا عنهم ولم نجدهمْْ مما قرآت ورآق لي |