لغة الحجارة
أبتاه ما زالت جراحي تنزفُ .... والليل أعمى والمدافع تقصفُ
بيني وبين مطامحي ألف يد .... هذي تريق دمي وهذي تغرفُ
ليل التخاذل سيطرت ظلماته .... والقلب بالهمّ الثقيل مغلفُ
وتثائب الصمت الطويل ومقلتي .... ترنو الى الافق البعيد وتذرفُ
وأمام باب الدار يرقبني الردى .... وعلى النوافذ ما يخيف ويرجفُ
من أين أخرج يا أبي والى متى .... أحيا على خدر الوعود وأضعفُ
نشقى وتجار الحروب قلوبهم .... بلقاء من شربوا دمي تتشرفُ
ويسومنا الاعداء شر عذابهم .... فإلى متى لعدوّنا نتلطف ؟
ها نحن يا أبتي نعيد لقومنا .... شرف الدفاع عن الحمى ونشرّفُ
طال انتظار صغاركم فتحركوا .... لما رأو أن الكبار توقفوا
وتلفتوا نحو السلاح فما رأوا .... إلا الحصى من حولهم تتلهف
عزفوا بها لحن البطولة والحصى .... في كف من يأبى المذلة تعزف
هذي الحجارة يا أبي لغة لنا .... لما رأينا أننا لا ننصف
لما رأينا أن حاخاماتهم .... يتلاعبون بنا فيرضى الأسقف
لما رأينا أن أمتنا على .... أرض الخلاف قطارها متوقف
ماذا نؤمل يا أبي من فاسق .... يلهو ومن متدين يتطرف ؟
جيش الحجارة يا أبي متقدم .... والمعتدي بسلاحه متخلف
أنا لا أتوق الى الفناء وإنما .... موت الكريم على الشهادة أشرف
بيني وبين حصى بلادي موعد .... ما كان يعرفه العدو المرجف
يتعوذ الرشاش من طلقاتها .... ويفر منها المستبد الأجوف
لغة الحجارة يا أبي ، رسمت لنا .... وعد الإباء ووعدها لا يخلف
وغدت تنادينا نداء صادقا .... وفؤادها من ضعفنا يتألف
لا تألفوا هذا الركون الى العدا .... فالمرء مشدود الى ما يألف
هزوا سيوف الحق في زمن على .... كتفيه من ظلم العدا ما يجحف
عفواً أبي فقصائدي مجروحة .... تشكو معانيها وتبكي الأحرف
وقلوبنا مشحونة باليأس في .... زمن يداس به الضعيف ويجرف
يتطلع الاقصى اليّ وحوله .... عين تراقبه وسمع مرهف
ويد مجمدة على الرشاش لم .... تغسل بماء منذ ساء الموقف
في وجه صاحبها نفور صارخ .... وعلامة للغدر ليست توصف
هذا هو الاقصى وطائر مجده .... يشدوا بألحان الهدى ويرفرف
تتحلق الاعوام في ساحاته .... حِلَقاً تسبّح للإله وتهتف
ويقبّل التاريخ ظاهر كفه .... وبثوبه جسد العلا يتلحف
واليوم يرقبنا بطرف ساهر .... ويداه من هول المصيبة ترجف
ما زال يدعو يا أبي وفؤاده .... من كل معنى للتخاذل يأنف
يا أمة ما زلت أنشد مجدها .... شعراً يطاوعني صداه ويسعف
المجد مجدك إنما أزرى به .... راع يتيه وعالم يتزلّف
وشبيبة هجرت مبادئ دينها .... وغدت لأفكار العدا تتلقّف
يا زورق أحلام في بحر الأسى .... هذي يدي رغم القيود تجدف
وبوارج الأعداء تختزن الردى .... ربّانها متطاول متعجرف
واجهت يا أبتي الخطوب وعدتي .... قلب عصاميّ وحسٌ مرهف
وتوجهٌ لله يجعل هامتي .... أعلى ، وإن جار الطغاة وأسرفوا
أبتاه لن يحمي حمى أوطاننا .... إلا حسام لا يُفلّ ومصحفُ
تحياااتي...