السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
عن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام عرضت له مخالصة فنزل عن بعيره ونزع موفيه فأمسكها بيده وخالص الماء ومعه بعيره فقال له أبو عبيدة قد صنعت اليوم صنيعاً عظيماً عند أهل الأرض صنعت كذا وكذا قال فصك صدره وقال أوه لو غيرك يقولها أبو عبيدة..إنكم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس فأعزكم الله بالإسلام فمهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله . وفي رواية نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة من غيره أذلنا الله. نعم نحن قوم أعزنا الله بالانتساب والانتماء لهذا الدين العظيم:[ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا] . نحن قوم أعزنا الله بدين الإسلام [وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ]. أعزنا الله بتوحيده وحده لا شريك له[وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا] . أعزنا الله بإتباع شرعه وشريعته [فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] {النساء:65} أعزنا الله بطاعته وأكرمنا بعبادته وشرفنا بالعبودية له أعزنا الله بنبذ الجاهلية وشعاراتها وأحكامها وأرجاسها ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) . أعزنا الله بالتحاكم إلى الشرع والرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي ). أعزنا الله بالتزام آداب هذا الدين وأخلاقه ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) . أعزنا الله فحفظ نساءنا وأكرم المرأة فكنا ـــ الرجال كانت مهينة وأحياها بعد ما كانت مؤودة وأعزها بالقرار والحجاب والعفاف والحشمة والبعد عن التبرج والسفور ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن الجاهلية الأولى ) ( وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ) . أعزنا الله بمحمد رسولاً نبياً خاتم النبيين وأفضل المرسلين الرحيم الرءوف بأمته ما ترك خيراً ألا ودلها عليه ولا شراً إلا حذرها منه ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) . أيها الأخوة: لقد بلغت الأمة ذرى المجد والعلياء والعز والشرف بهذا الدين حتى عمت أرجائها مشارق الأرض ومغاربها يهابها الأعداء ودخل الناس دين أفواجا. أعزها الله بالتمسك بالدين القويم والمنهج السليم. واليوم لما ابتغت العزة من غير هذا الدين أذلها الله ابتغيت القوة من غير الإيمان والإسلام ونظر المسلمون إلى القوة المادية أنها كل شيء فخسروا كل شيء..نظرنا إلى الحياة أنها حياة الحضارات الزائفة والمظاهر والشكليات ورأينا التقدم بالتفسخ والعري واقتراف المحرمات . رأينا الحرية هو بنزع الأخلاق والآداب والتحرر من تعاليم الإسلام . رأينا أن العلم والثقافة هو ما عند الكفار من ظواهر الحياة الدنيا وغفلنا عن علم الآخرة . رأيناأن تقدمنا وازدهار حياتنا هو بقطع الصلة عن ديننا وعن كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم زهدنا بالميراث الحق من هدى القرآن ونوره والاستضاءة بهدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وبحثنا عن زبالة الأفكار وصديد الأقوال لم نرفع رأساً بهدى الله الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم روضينا أن نرتضع من قيء الجاهلية وفسادها ، تناسينا رابطة الدين وأخوة الإيمان ، وبحثنا عن روابط الجنس والعرق والتراب والطين . لم نرفع بالإسلام رأساً وإنما أردنا أن نعتز بعروبتنا وثقافة العرب ومجد العرب . وهل للعرب مجد غير عز الإسلام أم هي طغيان أبي جهل وأبي بن خلف . أردنا أن تكون نساءنا كنساء الغرب والشرق كاسيات عاريات مائلات مميلات ، تبرج وسفور واختلاط ، نزع للحجاب وخضوع بالقول ، وإظهار للمفاتن . كل ذلك عنوان للتطور والحضارة والتقدم والازدهار. لم نرتض بألبسة الإسلام حتى رأينا أن عنوان كرامتنا أن نأخذ ما يلبسه عدونا من لباس ومن شعار. وانظر إلى الشباب والشابات والنساء والرجال لتعرف أننا أمة رضيت بالشهوات واللذائذ ورضيت أن تكون في مؤخرة الركب والأكل من فتات الموائد وتوغلت الانهزامية في قلوبنا وتعمقت في نفوسنا حتى رأينا أن لا قوة ولا نصر إلا مع الكفار فتعلقت نفوسنا بهم. رأينا أن نمو الثروات وارتفاع الاقتصاد هو بالربا والغش في المعاملات وأكل أموال الناس بالباطل . رأينا أن المادة هي كل شيء في حياتنا فهي الرابطة التي تربط بين المجتمع وعلى قدرها تكون قيمة صاحبها ومكانته عند الناس. فما هي النتيجة اليوم ( أذلنا الله ). ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ) رواه أبو داوود عن ابن عمر وهو صحيح. ( الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا ) . أيها الأخوة: إن المسلم هو الذي ينظر إلى الآخرة ومصيرها ويوقن أن المسلم في هذه الحياة يتشرف بعبوديته لله فيلتزم بهذا الدين ليكون له شرف الدنيا والآخرة ليكون له عز الدنيا وكرامة الآخرة فلا يعتز إلا بالإسلام وهدي سيد الأنام عليه الصلاة والسلام ولا يتشرف إلا بالاهتداء بالقرآن والسنة ويرى أن طريق الإسلام هو خير الطرق وأفضلها وأسعدها وأكرمها وهو الصراط المستقيم الموصل إلى الجنة . وأن تلك الدعوات والأبواق التي تدعونا إلى التخلي عن ديننا وعقيدتنا وأن نتنازل عن تعاليم الإسلام إنما هي سبل الشيطان[وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] {الأنعام:153}. وفي الآخرة يقول الله تبارك وتعالى:[لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلِفُ اللهُ المِيعَادَ]{الزُّمر:20}. وقال تعالى:[وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ]{البقرة:25}. ويأتي ذكر الفرق في القرآن [لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي البِلَادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المِهَادُ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ] . وقال تعالى:[إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ] {محمد:12}. |
م/ن