| | |
| درجات الاحسان قال ابن القيم رحمه الله : " الإحسان على ثلاث درجات : الدرجة الأولى الإحسان في القصد – أي : في النية بتهذيبه ( أي : بتهذيب الإحسان ) علماً ، و إبرامه عزماً ، و تصفيته حالاً . الدرجة الثانية الإحسان في الأحوال ، و هو أن تراعيها غيرة ، و تسترها تظرفاً ، و تصحِّحها تحقيقاً . و المراد بمراعاة الأحوال : حفظها و صونها غيرة عليها أن تحول ، فإنها تمرُّ مرَّ السحاب . و تكون المراعاة أيضاً بدوام الوفاء و تجنب الجفاء . الدرجة الثالثة الإحسان في الوقت .و هو أن لا تزيل المشاهدة أبداً ، و ألا تخلط بهمتك احداً ، و تجعل هجرتك إلى الحق سرمداً " و المعنى أن تتعلَّق همَّتُك بالحق و حْدَهُ ، و ألا تتعلق بأحد غيره سبحانه وتعالى . و الإحسان في صورته العليا صفةُ رب العالمين ؛ فالله عز وجل موصوفٌ بالإحسان ؛ لأن الإساءة – و هي ضدُّ الإحسان – تنتج ‘ن الإساءة ، و العجز ، و القصور .. وما إلى ذلك من أوصافٍ مستحيلةٍ على الله تعالى .. و الله تحدث عن خلقه ، و عن صُنْعِه للكون ؛ فقال : " صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ " [ النمل :88] و قال الله عز و جل : " مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِنْ فُطُورٍ " [ الملك :3] ثم قال الله : " الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ " [ السجدة :7] و قوله أحْسَنَ من الإحسان . و الله سبحانه و تعالى عندما خلق آدم ، و خلق الخلق من البشر ، و أناط بهم رسالة الحياة ، كلَّفهم لكي يكونوا ربانيين ، وأن يحسنوا العمل ، و أن يبلغوا به درجة الكمال ، و إذا غلبتهم طباعهم الضعيفة و لم يصلوا إلى هذا الشأن من الربانية أمرهم أن يكرروا المحاولات ؛ قال تعالى : " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " [ العنكبوت:69] . فالإحسان في كل شئ ؛ حتى مع الحيوان كما تقدم ؛ وكما في " صحيح مسلم " من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : ثنتان حفظتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إِنَّ الَلّهَ تَعَالَىْ كُتِبَ الْإِحْسَانِ عَلَىَ كُلِّ شَئٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوَا الْقِتْلَةَ ، وَ إِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوَا الذِّبْحَةَ ، وَ لْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ، وَ لِيُرِحْ ذَبِيْحَتَهُ" وَ لِذَلِكَ لَمَّا مَرَّ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَىَ رَجُلٍ وَاضِعٍ رِجْلَهُ عَلَىَ صَفْحَةِ شَاةٍ ؛ عَلَىَ عُنُقِهَا ، وَ هُوَ يُحَدّ الْشَّفْرَةَ – أَيُّ الْسِّكِّيْنِ لِيَذْبَحَهَا ، وَ قَدْ طَرَحَهَا ارْضَا – وَ هِىَ تَلْحَظْ إِلَيْهِ بِبَصَرِهَا ، قَالَ : " أَفَلَا قَبْلَ هَذَا ؟ " أَيُّ : هَلْا كُنْتُ حَدَّدَتْ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تَطْرَحُهَا ارْضَا ، وَ تُرَاهَا بِهَذِهِ الْصُّوَرَةِ تَنْظُرُ إِلَيْكَ ؟ " أَتُرِيْدُ أَنْ تُمِيْتَهَا مَوْتَتَيْنِ ، هَلْا حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا ؟ | |
| | |