قصص الصالحين في القرآن الكريم
خلق حواء
قال تعالى:-
: (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) [النساء: 1]
لم يستعرض خلق حواء كما أفرد لخلق آدم في سبع سور وكل سورة فيها إختلاف، ليس في القرآن شيء عن حواء.
ماذا فعلت الإسرائيليات؟
إذا وجدوا أنك تشتكي من شيء معين فهم يأخذوك ويصطادوك ويتلقفون من يريد سماع قصة، وينسجون حكاية حولها قال عليه الصلاة والسلام :-
"استوصوا بالنساء خيرا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا"
يجب أن نعرف مناسبة الحديث وسببه ولماذا قاله صلى الله عليه وسلم؟.
مناسبة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن الرسول صلى الله عليه وسلم يشجع الرجال على حُسن معاملة النساء ويضرب لهم مثلاً بطبيعة المرأة لا بخلقها فبدأ: "استوصوا بالنساء خيراً"
فإن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل مع أنهما من جنس واحد وهذه الطبيعة التي قد لا تعجب الرجل في المرأة
هي الميزة وهي قمة الإستقامة.
الحديث ليس له علاقة بالخِلقة؛ إنما تكلم المضمون العام
آيات الطلاق فيها توصيفات بديعة وفيها مضامين ليس لها علاقة بالطلاق ولكنها تبشر الصابر: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 2، 3]
ما علاقة هذه الآية بالطلاق؟
لكن إذا تدبرتها تجد أن الرجل المستعجل بالطلاق لو صبر يجعل الله تعالى له مخرجاً،
إذن مضمون سورة الطلاق هو مضمون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا ذهب رجل ليطلق امرأته يقول له الحديث إنتبه أنت لم تفهم، استوصي بالنساء خيراً المرأة خلِقت من ضلع.
الإسرائيليات دخلت هنا وأخذت هذه الجملة فقط وقالت:
أن آدم كان نائماً ثم أُخِذ منه ضلع خلقت منه حواء، من أين جاءوا بهذا الكلام؟
كلمة ضلع أصلها بعيد عن ضلع العظم الذي في جنب الإنسان، العرب قبل القرآن كانوا يسمون المنحني من الأرض ضلعاً هذا قبل القرآن وقبل محمد صلى الله عليه وسلم وقبل الحديث.
كلمة ضلع هي الميزة التي في العظم و غاية إستقامة الأعوج أنه أعوج حتى يقوم بمهمته ولولا اعوجاجه لسقط القلب في الحشى وهذا تدبير إلهي لذا قال تعالى: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) [الحجر: 29].
نفخ الروح هو آخر مرحلة في الخلق بعد تمام التسوية،
سوّى واستوى لا تطلق إلا على الشيء المنضبط الناضج المكتمل في مهامه الرسول صلى الله عليه وسلم
تدرّب على وحي السماء وتعلّم على وحي السماء فأصبحت مفردات كلماته عالية لغوية بليغة
فقال: فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه،
لغة الرسول صلى الله عليه وسلم مستقاة من الوحي وتأثير الوحي جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم بلغة القرآن.
القرآن كلام الله تعالى وقال سبحانه:
(خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبياء: 37]
فهل هناك مادة اسمها عجل خلق منها الإنسان؟
وفي آية أخرى:
(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ) [الروم: 54]
نحن لما سمعنا أنا خلقنا من تراب ذهب ذهننا إلى التراب الذي نعرفه لكن لما نسمع من ضعف فهل هناك مادة اسمها ضعف؟ أو عجل؟ هذه الكلمات كناية أو مجاز أو غيرها لكن نفهم من: (خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ) أنها كناية عن أن الإنسان بطبيعته يحب العجلة فكأنه مخلوق من مادة يوصَف بها، وكذلك كلمة: (من ضعف) وكذلك كلمة "من ضلع" من ضعف تساوي في الأداء من عجل تساوي عند الرسول صلى الله عليه وسلم "من ضلع".
أما بخصوص الآية في مطلع سورة النساء:
(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
من نفس واحدة أي: آدم النفس الواحدة خلق منها آدم باتفاق العلماء وخُلِق منها حواء فهي لم تخلق من آدم وإنما من النفس
بنصّ القرآن الكريم:
(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس: 82]
وكما خُلِق آدم خُلِقت حواء، لأن الله تبارك وتعالى يقول
: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[الذاريات: 49] يعني: كلمة شيء إذا كانت موجودة في أي وقت أو زمان أو أي شيء يجب أن يكون فيه زوجان ذكر وأنثى لأن الخلق مثنى. حواء خلقت فوراً مع خلق آدم بدليل: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) [الذاريات: 49].
إذن حواء خلقت إما مع آدم جنباً إلى جنب أو بعد إتمام خلق آدم وعلى أي حال فهي خلقت بنفس الكيفية ولا داعي لتكرار طريقة خلقها في القرآن.
لذلك حتى لا يحصل لبس عند محاولة فهم الآيات والأحاديث،
يجب على الشخص فهم أساليب العربية لذا قال تعالى
: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف: 2]
اللغة العربية شأنها كبير جداً ولغة القرآن الكريم أكبر، اللغة العربية تختلف عن باقي اللغات فالقواعد في اللغات الأخرى يمكن أن يدرسها الإنسان في شهر أو سنة أو أكثر لكن اللغة العربية فليس لدراستها مدة محددة فقد نموت ولا ننتهي من دراسة اللغة العربية وقواعدها كلها، واللغة العربية مسألة ولغة القرآن مسألة أخرى.
منقول بتصرف