للشيخ /صالح المغامسي حفظه الله هنا تأتي مسألة أثارها شيخ الإسلام بن تيمية رحمة الله تعالى عليه لما سُئل الفرق ما بين هذه الأيام العشر التي نحن بصدد الحديث عنها وعشر رمضان ؟ قال - رحمه الله - : إن أيام العشر ذي الحجة أفضل نهارُها ، لأن اليوم يُطلق أحياناً على اليوم والليلة ، فقال : نهارها أفضل ، وقال ليل العشر الأواخر من رمضان أفضل باعتبار ليلة القدر ، وأعتقد أن هذا القول على إجماله صحيح ، لكن يحتاج إلى نوعٍ من التصويب بمعنى أن ليست جميع ليالي شهر رمضان أفضل من عشر ذي الحجة . ليست جميعها ، إلا الليلة التي فيها ليلة القدر ، ومعلوم أن ليلة القدر ليلة واحدة ، فمثلاً لو كانت تلك العام يعني على القول بالتنقل ليلة إحدى وعشرين فلا يمكن أن نقول بعد ذلك إن بقية ليالي الشهر أفضل من عشر ذي الحجة ، وقد جاء النص الصريح " ما من أيام العمل الصالح فيهن " وبالاتفاق أن قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام " يدخل فيه اليوم والليلة ، طبعاً هذه الأيام تتفاوت ،يعني من مزايا الشرع بأن لكل امرئ بحسبه ، بمعنى أن الأيام هذه مطايا للعمل الصالح ، والناس يتفاوتون في العمل الصالح ، فنحن من دلائل سماحة شرعنا أنه لا يُخاطب فئة بعينه ، بمعنى قد يجد إنسان عنده صبر عن الطعام والشراب ، فالصيام في حقه يسير ، وقد يوجد أخرى لا يستطيع فلما قال صلى الله عليه وسلم : " العمل الصالح " فتح الأبواب للجميع ، |
فمن لم يقدر على الصيام قدُر على الذكر ، من لم يقدر على الذكر قدُر على الإطعام ( يعني الصدقات ) ، ومن لم يقدُر على الصدقات قدر على الصلاة في الليل ، ومن لم يقدر على هذا وهذا قدُر على بر الوالدين ، فكل عملً صالح أجتمع فيه أمران : الموافقة للشرع و الإخلاص في النية يسمى عمل صالح . هذا كله إذا قُدر أن يفعله المرء في هذه العشر العظام، كان الأجر أعظم. ومعلوم أن العبادة تفضُل أحياناً بزمانها، و تفضُل أحياناً بمكانها، وتفضُل أحياناً بفاعلها، وتعظُم أيما إعظام بنية صاحبها، فمثلاً الأنبياء - أو بطريق أوضح- نساء النبي صلى الله عليه وسلم جاء التهديد لهن { يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ } ) لأن مكانتها ليست كمكانة غيرها (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ) ، وفي نفس الوقت البر منهن والعمل الصالح منهن ليس كغيرهن ، وكذلك جاء في أهل الكتاب (يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) في سورة القصص ، لأنهم آمنوا بمن قبل وآمنوا بنبينا صلى الله عليه وسلم فهذا فضل العمل بصاحبه . وقد يفضلُ زماناً كحالنا الذي نتكلم فيه وهي العشر من ذي الحجة ، وقد يفضل مكاناً كالعبادة في إحدى المكتين مكة أو المدينة أو الصلاة في الروضة أو ما نص الشرع على أن العمل فيه ذا صبغةٍ وفضلاٍ وأجر كبير . |