الـتـواضـع ..
قال كنت في مجلس فيه عدد من الوجهاء ..
فتحدث أحد من رآه استغنى ! وقال في أثناء حديثه :
.. ومررت بأحد العمال .. فمدّ يده ليصافحني ..
فترددت ثم مددت يدي وصافحته ..
ثم قال : مع أني لا أعطي يدي لأي أحد ..
ما شاء الله يقول : لا أعطي يدي لأي أحد ..
أما رسول الله صل الله عليه وسلم ..
فكانت الأمه المملوكة الضعيفة .. تلقاه في وسط الطريق .. فتشتكي
إليه من ظلم أهلها .. أو كثرة شغلها ..
فيجعل يده في يدها .. فينطلق معها إلى أهلها ليشفع لها ..
وكان يقول : لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ..
كم سمعنا الناس يرددون : يا أخي .. فلان متكبر .. فلان "شايف نفسه " ..
وتسأله : لماذا لم تستعن بجارك في كذا ؟
فيقول : فلان متكبر علينا .. ما يعطينا وجه !!
كم هم مبغوضون أولئك الذين يتكبرون على الناس .. ويعاملونهم باستعلاء ..
كم هو منبوذ .. ذاك الذي يطغى أن رآه استغنى ..
ذاك الذي يصعر خده للناس ويمشي في الأرض مرحاً ..
ذاك الذي يتكبر على العمال .. والخدام .. والفقراء ..
يتكبر عن محادثتهم .. ومصافحتهم .. ومجالستهم ..
لما دخل عليه الصلاة والسلام مكة فاتحاً .. جعل يمر بطرقات مكة التي طالما أوذي فيها ..
واستُهزئ به
..
كم سمع في طرقاتها .. يا مجنون .. ساحر .. كاهن .. كذاب ..
وهو اليوم يدخلها قائداً عزيزاً .. ممكناً .. قد أذل الله أهلها بين يديه ..
فكيف كان شعوره وهو داخل ؟
قال عبد الله بن أبي بكر :
لما وصل رسول الله إلى ذي طوى ..
وقف على راحلته معتجراً بقطعة برد حمراء ..
وأن رسول الله ليضع رأسه تواضعاً لله ..
حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح .. حتى
إن عثنونه ( طرف لحيته ) ليكاد يمس واسطة الرحل ..
وقال أنس : دخل رسول الله مكة يوم الفتح وذقنه على راحلته متخشعاً ..
وقال ابن مسعود : أقبل رجل إلى رسول الله فكلمه في شيء .. فأخذته الرعدة ..
فقال : هون عليك .. فإنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد .. ( اللحم الـمجفف )
..
وكان يقول : أجلس كما يجلس العبد .. وآكل كما يأكل العبد ..
نعم ..
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر
على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكُ كالدخان يعلو بنفسه
على طبقات الجوّ وهو رفيع
سبحان الله بحمده عدد
خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
استغفر الله لذنبي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
باختصار ..
من تواضع لله رفعه .. وما زاد الله عبداً بالتواضع إلا عزا