أقتبـــاســـات من كتـــاب ذاكـــــرة الجســــد
كيف أنت.. يسألني جار ويمضي للصلاة. فيجيبه حال لساني بكلمات مقتضبة، ويمضي في السؤال عنك.
كيف أنا؟
أنا ما فعلته بي سيدتي.. فكيف أنت ياامرأة كساها حنيني جنوناً، وإذا بها تأخذ تدريجياً، ملامح مدينة وتضاريس وطن.
وإذا بي أسكنها في غفلة من الزمن، وكأني أسكن غرف ذاكرتي المغلقة من سنين.
كيف حالك؟
يا شجرة توت تلبس الحداد وراثياً كل موسم. يا قسنطينية الأثواب..
يا قسنطينية الحب.. والأفراح والأحزان والأحباب. أجيبي أين تكونين الآن؟.
__________
فالجوع إلى الحنان، شعور مخيف وموجع، يظل ينخر فيك من الداخل ويلازمك حتى يأتي عليك بطريقة أو بأخرى.
__________
كانت تلك أول مرة سمعت فيها اسمكِ.. سمعته وأنا في لحظة نزيف بين الموت والحياة، فتعلقت في غيبوبتي بحروفه، كما يتعلق محموم في لحظة هذيان بكلمة..
كما يتعلق رسول بوصية يخاف أن تضيع منه.. كما يتعلق غريب بحبال الحلم.
بين ألف الألم وميم المتعة كان اسمك. تشطره حاء الحرقة.. ولام التحذير.
__________
قصة فرعية، كتبت مسبقاً وحولت مسار حياتي بعد عمر بأكمله، بحكم شيء قد يكون اسمه القدر، وقد يكون العشق الجنوني..
ذاك الذي يفاجئنا من حيث لا نتوقع، متجاهلاً كل مبادئنا وقيمنا السابقة.
والذي يأتي هكذا متأخراً.. في تلك اللحظة التي لا نعود ننتظر فيها شيئاً؛ وإذا به يقلب فينا كل شيء.
__________
لست من الحماقة لأقول إنني أحببتك من النظرة الأولى. يمكنني أن أقول إنني أحببتك، ما قبل النظرة الأولى.
كان فيك شيء ما أعرفه. شيء ما يشدني إلى ملامحك المحببة إلي مسبقاً، وكأنني أحببت يوماً امرأة تشبهك. أو كأنني كنت مستعداً منذ الأزل لأحب امرأة تشبهك تماماً.
__________
الفن هو كل ما يهزنا.. وليس بالضرورة كل ما نفهمه!
__________
وحده المثقف يعيد النظر في نفسه كل يوم، ويعيد النظر في علاقته مع العالم ومع الأشياء كلما تغير شيء في حياته.
__________
كان في عينيك دعوة لشيء ما..
كان فيهما وعد غامض بقصة ما..
كان فيهما شيء من الغرق اللذيذ المحبب.. وربما نظرة اعتذار مسبقة عن كل ما سيحل بي من كوارث بعد ذلك بسببهما.
__________
فلا أجمل من أن تلتقي بضدك، فذلك وحده قادر على أن يجعلك تكتشف نفسك.
__________
كانت تقول: "ينبغي ألا نقتل علاقتنا بالعادة"، ولهذا أجهدت نفسي حتى لا أتعود عليها، وأن اكتفي بأن أكون سعيداً عندما تأتي، وأن أنسى أنها مرت من هنا عندما ترحل.
جاء عيد الحب إذن..
فيا عيدي وفجيعتي، وحبي وكراهيتي، ونسياني وذاكرتي، كل عيد وأنت كل هذا..
للحب عيد إذن.. يحتفل به المحبون والعشاق، ويتبادلون فيه البطاقات والأشواق، فأين عيد النسيان سيدتي؟
__________
نغادر الوطن، محملين بحقائب نحشر فيها ما في خزائننا من عمر. ما في أدراجنا من أوراق..
نحشر ألبوم صورنا، كتباً أحببناها، وهدايا لها ذكرى..
نحشر وجوه من أحببنا.. عيون من أحبونا.. رسائل كتبت لنا.. وأخرى كنا كتبناها..
آخر نظرة لجارة عجوز قد لا نراها، قبلة على خد صغير سيكبر بعدنا، دمعة على وطن قد لا نعود إليه.
نحمل الوطن أثاثاً لغربتنا، ننسى عندما يضعها الوطن عند بابه، عندما يغلق قلبه في وجهنا، دون أن يلقي نظرة على حقائبنا، دون أن يستوقفه دمعنا.. ننسى أن نسأله من سيؤثثه بعدنا.
وعندما نعود إليه.. نعود بحقائب الحنين.. وحفنة أحلام فقط..
اقتبــاسات من كتـــاب فــوضى الحــواس
*عجيبة هي الحياة بمنطقها المعاكس.أنت تركض خلف الأشياء
لاهثاً فتهرب الأشياء منك.وما تكاد تجلس وتقنع نفسك بأنها
لاتستحق كل هذا الركض حتى تأتيك هي لاهثة .
وعندها لاتدري أيجب أن تدير لها ظهرك أم تفتح لها ذراعيك
وتتلقى هذه الهبة التي رمتها السماء إليك والتي قد تكون فيها
سعادتك..أو هلاكك؟
ذلك أنك لا يمكن أن لا تتذكر كل مرة تلك المقولة الجميلة
لأوسكار وايد:
"ثمة مصيبتان في الحياة:الأولى أن لا تحصل على ما تريده
والثانية أن تحصل عليه."
*كل إنسان عفيف يحمل داخله قدراً كافياً من القذارة قد تطفو يوماً فتغرق حسناته تماماً
كم أن في أعماق كل إنسان سيء شعلة صغيرة للخير ستضيء داخله يوماً في اللحظة التي يتوقعها الأقل.
*مأساة الحب الكبير أنه يموت دائماً صغيراً بسبب الأمر الذي نتوقعه الأقل.
*أينتهي الحب عندما نبدأ بالضحك من الأشياء التي بمينا بسببها يوماً؟
*الكتابة.... إنها وهمنا الكبير بأن الآخرين لن ينسونا....
كاتبة تخفي خلف روايتها أبًا لطالما طبع حياتها بشخصيته الفذّة وتاريخه النضاليّ.
ما من شك في أنّ مسيرة حياته التي تحكي تاريخ الجزائر وجدت صدى واسعًا عبر مؤلِّفاتها.
كان والدها "محمد الشريف" من هواة الأدب الفرنسي. وقارئًا ذا ميول كلاسيكيّ لأمثال ..
قال نزار عن "ذاكرة الجسد" :
وعن الكاتبة "أحلام روايتها دوختني. وأنا نادرا ما أدوخ أمام رواية من
الروايات، وسبب الدوخة ان النص الذي قرأته يشبهني الى درجة التطابق فهو مجنون
ومتوتر واقتحامي ومتوحش وانساني وشهواني وخارج على القانون مثلي.
ولو ان أحدا طلب مني أن أوقع اسمي تحت هذه الرواية الاستثنائية المغتسلة
بأمطار الشعر.. لما ترددت لحظة واحدة ويتابع نزار قباني قائلا:
"هل كانت أحلام ي روايتها ( تكتبني ) دون أن تدري
لقد كانت مثلي تهجم على الورقة البيضاء بجمالية لا حد لها وشراسة لا حد لها ..
وجنون لا حد له .. الرواية قصيدة مكتوبة على كل البحور بحر الحب
وبحر الجنس وبحر الايديولوجيا
وبحر الثورة الجزائرية بمناضليها، ومرتزقيها وأبطالها وقاتليها وسارقيها
هذه الرواية لا تختصر "ذاكرة الجسد" فحسب ولكنها تختصر تاريخ الوجع الجزائري
والحزن الجزائري والجاهلية الجزائرية التي آن لها أن تنتهي..."
وعندما قلتُ لصديق العمر سهيل إدريس رأيي في رواية أحلام* قال لي:
" لا ترفع صوتك عالياً.. لأن أحلام إذا سمعت كلامك الجميل عنها فسوف تجنّ...
أجبته: دعها تُجن .. لأن الأعمال الإبداعية الكبرى لا يكتبها إلا مجانين "
نزار قباني
لندن
20/8/1995 بين صوتك وصمتك .. من أجمل ما قالت أحلام مستغانمي بين صوتك وصمتك .. من أجمل ما قالت أحلام مستغانمي بين صوتك.. و صمتك لا شيء كان يوحي يومها بأنّك ستأتي أنت القادم بتوقيت هزّة أرضيّة كيف لم تتنبأ بقدومك الأرصاد الجويّة و لا أسعفتني في التهيّؤ لك خبرتي العريقة في توجّس الكوارث العشقيّة *** لا شيء كان يوحي يومها بأنّك ستأتي مباغتاً جاء حبّك كزلزال مربكاً كضيف غير متوقّع فاضحا كحالة ضوئيّة مذهلاً، متألّقاً، ممتعاً مدهشاً.. كلقاء العشّاق متأخّراً.. متأخراً كالذوات أنت الذي من فرط ما تأخّرت كأنّك لم تأت لم جئتني إن كنت ستعبر كإعصار و ترحل؟ *** أكثر من حبّك.. أحبّها عاصفة حبّك التي تمرّ على عجل و تخلّف داخلي كلّ هذه الفوضى أكثر من حبّك أحبّ اشتعالي المفاجئ بك أكثر من انبهارك بي أحبّ اندهاش الحبّ بنا في ليلة، لا شيء كان يوحي فيها أنّنا سنلتقي *** و أذكر تلك الليلة، ذهبنا حيث ظننّا أنّ الصبر يذهب بنا إلى طاولة ساهرة في مقهى بعد أن قرّرنا أن نواجه جالسين زلزال الحبّ المباغت أذكر.. على ضوء خافت كنّا نبذّر الوقت ليلاً بارتشاف قهوة خوف إيذاء الفراشات الليليّة و هي تقترب أكثر من قنديل الشهوة دون توقّف كنا نحتسي كلمات لا تنتهي عن حبّ لم يبدأ نذيب في فناجين البوح.. سكّر الرغبة *** ذلك المساء لم نختر أن نكون أوفياء و ثمّة أشياء لا اسم لها اختارتنا و مدينة لم تكن لنا و كنّا لها لليلة حاصرتنا بذاكرة الأمكنة و بذعر الوقت الهارب بنا و بحمّى اللحظات المسروقة *** ذلك المساء.. قلبنا منطق الأشياء لم ندّع الوفاء لكن.. مررنا دون قصد بمحاذاة الخيانة كم سعدنا يومها و كم الحبّ اشتهانا يومها، أكثر مما قلت لي أحببتُ بوحك غير المكتمل و ذلك التعاقب الشهي لكلام بيننا لم يُقل و فوضى الحواس بين صوتك.. و صمتك *** ليلتها أكثر مما فعله بي حبّك كان حبّي لحقائب كانت جاهزة قبلك و طائرة تتربص بي لتأخذني صباحاً هناك حيث يمكنني أن أقاصصك الآن بالغياب أنت الذي عاقبتني يوماً بمجيئك في ذلك اليوم الذي.. لا شيء كان يوحي فيه أنّك ستأتي و كلّ شيء كان يجزم.. أنّني سأرحل! " |
|
|