الانترنت صعد بالعقلاء المثقفين الى القمم وهوى بالاغبياء الى الى القاع
بعد سنوات من التعتيم و الجهل المطبق الذي سعت إليه النظم الاستبدادية التي حكمت الأمة منذ حوالي نصف قرن أو أكثر
و بعد أن سعت تلك الأنظمة لفرض سياسة الجهل حتى في مناهج التعليم الركيكة و الضعيفة
و مع ظهور الفضائيات و الانترنت حدث ما لم يضعه الطغاة في حسبانهم
لم يتوقع هؤلاء أن الانترنت ستشكل خطراً عليهم
فقد دأب الجميع من الجيل القديم المتعود على الجهل و التعتيم و حتى من الكثيرين من مشايخ و علماء الأمة على تقريع و لوم شباب الجيل الجديد
و كل من يستخدم الانترنت و وصفه بالتافه و المبتعد عن دينه و المضيع لوقته
و ظنوا بأن الشباب يدخلون النت للتسلية و الشات و النظر إلى الصور الإباحية و ما شابه
و لم يتوقعوا أن شباب الجيل الجديد يحملون في داخلهم حبا فطريا للدين و الوطن و الحق
لم يتوقعوا أننا متعطشون للكتابة و الحوار و النقاش و التعلم
كانت الكتابة حكراً على فئة معينة من الناس و معظمها موالية و تابعة لتلك النظم ليس فقط في المواضيع السياسية بل في كافة المجالات
و اليوم صار أي إنسان قادراً على التعبير عن رأيه و على كتابة أي شيء يخطر بباله
المنتديات صارت كذرات التراب عددا و الشعوب العربية بدأت تتنور
لم يتوقعوا أبداً أن يقرأ من ظنوه بالحمار تلك الأسفار التي يحملها و ظنوا بأن الجيل الجديد تافه و فاشل و حاربوه و حاولوا تحطيمه بشتى الوسائل
و تعددت مواقع التعبير عن الذات و ترافقت بالتصوير السهل عبر الجوالات و الكاميرات المتطورة و صار التعتيم أمراً مستحيلاً مهما حاولت تلك النظم البالية
إذاً فكل ما يجري اليوم صار مكشوفاً
طبعاً سعت تلك النظم إلى أفكارها و مخططاتها التافهة و السخيفة حين تربط كل مثقف بجهات خارجية و تتهمه بالتآمر على بلاده
او عندما تصف معارضيها بأنهم إسلاميون متشددون
فهؤلاء الشباب يعشقون أوطانهم بشكل غريب جدا و يحبون الدين كثيرا لكنهم يكرهون التشدد و الإرهاب و يرفضون التفجير العشوائي مهما كانت المبررات
هو شباب منفتح متطور فكريا و عقليا و غير منغلق و لا متشدد دينياً
يكتبون خواطر عاطفية إلى جانب المواضيع السياسية و الدينية و الثقافية
يتكلمون مع فتيات بشكل عادي و طبيعي بعيدا عن تشنجات الأنفس المريضة
و كما شاهدنا فقد سميت ثورة شعبي تونس و مصر بثورة الفيس بوك و هذا دليل على الدور الكبير للإنترنت في بناء هذه النهضة و الثورة الفكرية قبل أي أمر آخر
فهل نقول شكراً لتلك الشاشة الصغيرة و الكيبورد و خط النترنت ؟
طبعاً الشكر لله أولاً و أخيرا
و لكن بالفعل كم أحب أن أشكر الانترنت فقبلها كنا نتفرج فقط و اليوم صرنا مؤثرين و لو بكلمة
و مفعول الكلمة اليوم أمضى من أي سلاح