بسم الله الرحمن الرحيم
أكد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء أن عقوق الوالدين سبب لقسوة القلب وسوء الخاتمة وسبب لمحق البركة وعقوق الأولاد والبنات والأمراض المعدية الخطيرة والقلق والاضطراب النفسي.
وقال رداً على سؤال (للمدينة) حول بعض الأبناء الذين يتضجرون من والديهم إذا تقدمت بهم السن أو حصل الابن على الأموال والمناصب...
يا إخواني وأبنائي الشباب أسأل الله لي ولكم الهداية والصلاح والتوفيق لما يحبه ويرضاه...
يا شبابنا هداكم الله بعدما كبرتم بعدما عقلتم بعدما أدركتم بعدما بلغتم سناً ميزتم فيه النافع من الضار وعرفتم ما ينفعكم مما يضركم... بعد أن أعطيتم عمراً ليس باليسير أوله في حجر الأم والأب ثم في عنايتهم بكم حتى إذا تزوج الرجل منكم وبلغ رشده تجاهل أباه وأمه وكأن الأب والأم لم يعملا شيئا...
وتساءل سماحته قائلاً:
يا إخواني هل بلغت القسوة من بعض أبناء المسلمين أنه يتضجر من أمه وأبيه ويتمنى موتهما بل بعضهم ربما يخرجهما من بيته ويغلق الباب دونهما وأقلهم شراً من يخرجهما إلى دور العجزة المخصصة لأنه سلم من حياتهما وملّ منهما هذا الذي تصرف هذا التصرف الأحمق تجاهل تلك الليالي والأيام تجاهل ما مّرّ بالأم من وَحَمِ الحمل والوضع والإرضاع والحضانة وما قام به الأب من نفقة وكسوة وإحسان وحنان... أن هذه الأم المسكينة ما عملت شيئا...
هذا والله دليل على ضعف المروءة وقلة الحياء وخِسَةِ النفس ودناءة الخلق ودليل على اللؤم الذي خيم على هذا الإنسان غَرَهُ شَبَابُهُ غَرَهُ عِلمُهُ غَرَهُ مَالُهُ.. غَرَهُ مركزه... غَرَهُ موقِعه بين الناس فيري من العار أن يري أباه وهو كبير ويري عاراً أن يكرم أمه فلو اتصلت به الأم أستثقل اتصالها وفتر من كلامها وسئم من طلبها وربما أغلق سماعة الهاتف في وجهها وربما أسمعها أقوالاً خسيسة لئيمة ساقطة تنبئ عن ضعف إيمان وقلة حياء...
وقال المفتي العام مخاطباً عاق الوالدين...
يا أخي أما تذكر أيام حملها {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً} [الأحقاف: 15]
{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: 14]
أما تذكر ليالي الطلق والولادة وماذا تعانى أمك أيام الرضاع والحضانة أما تذكر وهى تزيل الأذى بيمينها منك أما تذكر وأنت صغير إن رأتك مُستَراً استَرَّت وإن رأتك حزيناً مرضت تسهر الليالي لراحتك وتتعب لإسعادك وتشقى لسرورك ولو خُيِرَت بين نفسها ونفسك لاختارت نفسها عليك تنظر إليك كل يوم إذا انطلقت ماشياً فرحت بمشيك وإذا بلغت فرحت ببلوغك وإذا خطبت امرأتك اشتاقت لتلك الليالي وإذا جاءك مولودٌ فكأنه خرج من بطنها...
ثم أنت يا أيها الأحمق يا أيها الدنيء يا أيها الخسيس الخلق تعاملها بالجفاء ترد عليها أقبح اللفظ لو تطلب منك شربة ماء ما قمت بها ما ذكرت تلك الليالي وهى تسهر لراحتك تجعلك على حجرها لتنام وهى جالسة تفعل كل شيء لراحتك... تجُوعُ لأجل أن تشبع وتسهر لأجل أن تنام أنت وتَشقى لأجل أن ترتاح فياقليل الحياء بماذا قابلت هذا المعروف هل قابلته بالإحسان والله يقول {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]
ويقول صلى الله عليه وسلم: «من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم كافأتموه»
وقال سماحته لو أقرضك إنسان قرضاً لرأيت له حقاً عليك كلما قابلك كان في قلبك وَجَلٌ منه واحترام له وتقبيل لرأسه وهو قَرضٌ سَتَرُدُهُ عليه ولو تنازل عن بعض المبلغ لحملته فوق رأسك وهذه الأم فعلت معك أفعال ما فعلها مخلوق بعدها معك أفبعد الزواج وحسن الحال وكثرة الأموال تكون الأم من (سقط المتاع) لا ينظر إليها ولا يسلم عليها ولا يهتم بصحتها ولا يعتنى بها... يا إخواني هذا بلاء فليتب إلى الله العاقون من ذنوبهم.
ذكر بعض العلماء حديثاً وإن كان فيه ضعف أورده المنذر وغيره (أن رجلاً من الصحابة كان يُدعى علقمة شاب حضره الموت وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمره أن يقول لا إله إلا الله فيأبى أن ينطق بها فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حاله فقالوا كثير الصلاة والصيام...
قال «ما شأنه مع أمه»... قالوا عاقٌ لأمه مكرم لزوجته مُقدم لها على أمه... قال «فادعوها» فجاءت أمه تمشي على عكاز فقال يا هذه ما حال علقمة معك.
قالت قرب امرأته وأبعدني...قال صلى الله عليه وسلم « آتوني بحزم من الحطب»
فجاءوا به قالت ما تريد منه؟
قال صلى الله عليه وسلم: «أحرقه لَعَلَهُ يُخفف»..
قالت عفوت عنه يا رسول الله..
قال فنطق بالشهادة)
من اروع ما كتب
ومن اجمل ما راق لى