في اثناء الخلاف الذي كان بين سيدنا علي بن ابي طالب وسيدنا معاوية بن ابي سفيان ( رضي الله عنهما ) استوقفني موقف جليل لسيدنا معاوية ؛ فينما سيدنا علي ومعاوية (رضي الله عنهما ) في زقاق الفتنة يجتهدون للخروج منها ، اذ بملك الروم ينتهز الفرصة ، فيجد المناخ مناسبا لتدخله ، وتوهم ايضا ان الباب مفتوح امامه ، فارسل كتابا عاجلا مع رسوله الي معاوية ، قال فيه : ( من ملك الروم الي معاوية بن ابي سفيان امير المؤمنين وخليفة المسلمين ،اما بعد :
فقد وقفت علي الخلاف الذي بينك وبين علي بن ابي طالب .... وانك علي حق في موقفك ... وعليه فانا وجيشي تحت امرك ورهن اشارتك مرنا بامرك تجد عندك جيشا اوله عندي واخره عندك يسلمون لك راس علي بن ابي طالب ان شئت . )
وهنا يتجلي موقف سيدنا معاوية ، وفراسته وفطنته حيث شعر بان الاسلام اصبح في خطر ؛
فقال لكاتبه : اقلب ظهر كتابه واكتب له الرد منا ، فقال الكاتب : لم لا نرد عليه في كتاب جديد ،
فاجاب سيدنا معاوية : حتي لا تبقي عندنا ورقة مستها يد ظالم .
ثم قال لكاتبه :
اكتب له من غير ان تذكر البسملة فإنه ليس اهلا لرحمة الله تعالي ، اكتب :
( من معاوية بن ابي سفيان ( وليس بخليفة المسلمين ) الي ملك الروم الكلب ، اما بعد فما شانك باخوين عربيين مسلمين اختلفا في وجهات نظرهما في شان يخصهما دونك ، والله ان عدت تكتب الي ايها الكلب بهذه اللهجة فلن تأمن ابدا أن أنضم أنا واخي علي ، فيرسلني اليك بجيش اوله عندك واخره عنده ، فآتيه برأسك ، ولا سلمك الله . )
فلما وصل الكتاب الي ملك الروم قال لمن حوله :
شأنهم هكذا حتي وهم مختلفون ، لن ننتصر عليهم ابدا .
وقد بلغ من همته وعظيم عنايته بذلك أن أرسل يهدد ملك الروم- وهو في معمعة القتال مع علي في صفين - وقد بلغه أن ملك الروم اقترب من الحدود في جنود عظيمة، فكتب إليه يقول" والله لئن لم تنته وترجع إلى بلادك، لأصطلحن أنا وابن عمي عليك، ولأخرجنك مع جميع بلادك، ولأضيقن عليك الأرض بما رحبت فخاف ملك الروم وانكف
انظر كتاب :
الفتنة المعاصرة وموقف المسلمين منها دكتور : فؤاد علي مخيمر ص 143
( العواصم من القواصم لابن العربي ص 210 )
والبداية النهاية 8/119