،*
كم في الناس أحياء وكأنهم في عداد الأموات..
وكم وكم من قد مات .. ولا يزال بذكره كأنه من الأحياء ..
نعم .. يُقال مات فلان وما مات ذكره ..
مات وما مات الخير الذي كان وقت حياته ..
يسارع بالخيرات بين الناس .. يزرع عملاً هنا ..
وفضلاً هناك .. يفكُ عسراً ..وينظر مُعسراً ..
يبني لله بيتاً .. ويحفر للمارةِ بئراَ .. وغيره الكثير ..
إنها الصدقة الجارية ..
يموت فاعلها وما تموت خيراته ..
يسري خيرها ولا تنقطع ..
يمتد نفعها ولا ينفد ..
وصاحبها ميزانه بها يثقفل بالحسنات ..
وتكفر عنه السيئات ..
ويعلو في الجنات .. وربُك يُضاعف
لمن يشاء مرات ومرات ..
إنها الصدقة الجارية ..
تُربي حسنات الفرد حتى يلقى الله عز وجل
لتتقدمه على الصراط وتركض به كالبرق
في قُصورٍ في الجنة شامخات ..
فما هي الصدقة الجارية ؟؟ وما فضلها ..؟؟
وكيف يمكن أن نجعل لنا صدقة جارية بعد موتنا .. ؟؟
هذا والكثير .. ننقله لكم في الصفحات القادمة
فكونوا بِالقُرب ..
ويا باغي الخير أقبل ..
،*
الصدقة الجارية هي الوقف ، وهي الواردة في حديث
أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ
ثَلاَثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ،
أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم
قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث :
" الصدقة الجارية هي الوقف " انتهى.
وقال الخطيب الشربيني رحمه الله :
"الصدقة الجارية محمولة عند العلماء
على الوقف كما قاله الرافعي ، فإن غيره
من الصدقات ليست جارية ."مغني المحتاج"
والصدقة الجارية هي التي يستمر ثوابها بعد
موت الإنسان ، وأما الصدقة التي
لا يستمر ثوابها ـ كالصدقة على الفقير بالطعام ـ
فليست صدقة جارية .
وبناء عليه : فتفطير الصائمين وكفالة
الأيتام ورعاية المسنين - وإن كانت من
الصدقات - لكنها ليست صدقات جارية ،
ويمكنك أن تساهم في بناء دار لليتامى
أو المسنين ، فتكون بذلك صدقة جارية ،
لك ثوابها ما دامت تلك الدار ينتفع بها .
وأنواع الصدقات الجارية وأمثلتها كثيرة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ
عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ :
عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا
وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً
أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ )
رواه ابن ماجه وحسنه الألباني في " صحيح ابن ماجه "
وينبغي للمسلم أن يعدد مصارف صدقاته ،
حتى يكون له نصيب من الأجر مع
أهل كل طاعة ، فتجعل جزء من مالك لتفطير الصائمين ،
وجزء آخر لكفالة
اليتيم ، وثالثاً لدار المسنين ، ورابعاً تساهم به
في بناء مسجد ، وخامسا لتوزيع
الكتب والمصاحف ... وهكذا .
،*
أنها تُطفىء غضب الله سبحانه وتعالى وتدفع المكروه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { صنائع المعروف
تقي مصارع السوء، وصدقة السِّر تُطفئ
غضب الرب،وصلة الرحم تزيد في العمر }
[رواه الطبراني/ صحيح الجامع:3797].
أن المُتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما
في حديث عقبة بن عامر قال:
سمعت رسول الله يقول: { كُل إمرىء في ظل صدقته، حتى يُقضى بين الناس }.
أن المنفق يدعو له الملك كل يوم بخلاف الممسك
وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : { ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان
ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط مُنفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط مُمسكاً تلفاً } [في الصحيحين].
إن صاحبها يُدعى من باب خاص من أبواب الجنة
يقال له باب الصدقة كما في حديث
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: { من أنفق زوجين في سبيل الله،
نودي في الجنة يا عبد الله، هذا
خير: فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة،
ومن كان من أهل الجهاد
دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة
دُعي من باب الصدقة، ومن
كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان }
قال أبو بكر: يا رسول الله،
ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة
فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب
كلها: قال: { نعم وأرجو أن تكون منهم } [في الصحيحين].
الصدقة تُطفئ حر القبور , كما
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{ إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حرّ القبور}
[رواه الطبراني والبيهقي/ صحيح الترغيب]
الصدقة سبب في تيسير موقف الحساب يوم القيامة ,
قال عبيد بن عمير:
( يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قَطْ،
وأعطش ما كانوا قَطْ، وأعرى
ما كانوا قَطْ، فمن أطعم لله عز وجل،
أشبعه الله؛ ومن سقى لله عز وجل، سقاه
الله؛ ومن كسا لله عز وجل، كساه الله ).
،* |