الحياة الزوجيه \سلمان العوده
الحياة الزوجيه سلمان العوده
هي امتزاج روح بروح، الدم الدم، والهدم الهدم، مستقبل واحد، وأسرة واحدة، ويا لجمال التعبير القرآني حين يصف عقد الزواج ب «الميثاق الغليظ»، والسياق يجعل الميثاق هنا لصالح المرأة، وأنها أخذته من الرجل (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً) (النساء: من الآية21). وحين يُعبِّرُ عن الزوجية بأنها «سكن»، و«مودة»، و«رحمة» هنا لم يذكر الجانب المادي البتة. وحين يعبر عن الذرية ب «الأمشاج» المختلطة من المرأة والرجل معاً. الوفاء خلق إنساني رفيع، ومعنى شريف، وعلاقة جميلة، لن تأتي حينما نقتصر على انتظارها من الآخرين، أو حين نلومهم على التفريط فيها، بل حينما نرمي بسهمنا فيها، ونبدأ بصياغة حروفها الأولى؛ ليجد الشريك الآخر نفسه منساقاً طوعاً إلى مجازاة الجميل بالجميل، ومقابلة الحسنة بالحسنة، وكلما عرض عارض بقطع حبل الود استدعى الوفاء ساعات الصفاء وتناسى الجفاء. وإذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ جاءت محاسنه بألفِ شفيع أو ردد ما تقوله الشاعرة لطيفة الحدّانية المشهورة بالوفاء: وإن تسألاني عن هواي فإنه مقيم بقلبي أيها الرجلان وإني لأستحييه والترب بيننا كما كنت أستحييه حين يراني صحبة الزوجين تعني رصيداً عاطفياً يكبر مع الزمن، تعني شجرة تمتد أغصانها وتبسق، وتضرب جذورها في أعماق التربة، وليست صلة مصلحية آنية تزول بمرور الزمن، ولا شجرة سريعة الذبول يجتثها صاحبها ليغرس بدلها غيرها دون تردد. تُرَى أيّ نموذج يقبع في داخلك ويستحوذ على إعجابك؟ الأعرابي الذي طلَّق امرأته بعد خمسين سنة، فقالت له: تفعل هذا بعد طول العشرة؟ قال: والله ما لك عندي ذنب غيره! أم رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي ظلَّ وفياً لخديجة آخر الدهر، حتى غارت منها عائشة وقالت: «أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا»، فقال عليه السلام: « مَا أَبْدَلَنِى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْراً مِنْهَا.. »، وكان يُعدِّد فضائلها ويقول: « إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ ، وَكَانَ لِى مِنْهَا وَلَدٌ ». الحياة الزوجية أخذ وعطاء، وإن شئت فهي تصالح وتسامح، وإن شئت فهي إعراض وإغماض، وإن شئت فهي تراحم وتلاحم. على أن الحب هو الأساس المتين الذي تطيب معه النفوس، وتحلو به الحياة. والحب ليس خيالاً غامضاً، ولا أمنيات طائرة، بل هو التدرُّج والخطوة خطوة، أو كما يقولون "المحبة.. حبة حبة "! ومع أهميته القصوى فما كل البيوت تبنى على الحب -كما قال عمر رضي الله عنه-، بل الوفاء والمروءة والإسلام