شهر رمضان : السلام عليكم ـ أيها المسلمون ـ ورحمة الله وبركاته
المسلمون : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شهر رمضان : أعود إليكم شهرا كاملا بعد غيابي
المسلمون : ومن أنت أيها السيد الوقور ؟
شهر رمضان : أن اضيفكم الراحل ، وزائركم المؤقت وناصحكم الأمين
أنا ركن من أركان الإسلام وقبس من نور الإيمان .
المسلمون : أهلا وسهلا بك ما اسمك أيها الضيف الزائر ؟
شهر رمضان : اسمي رمضان ، ابن الزمان ، وحفيد الأيام وأخو شعبان
المسلمون : كم يبلغ عمرك ؟
شهر رمضان : عمري يقرب من ألف وأربعمائة وثلاثون عام 1433هـ
المسلمون : من أين أتيت ؟
شهر رمضان : أتيت من عند الرحمن ،الذي خلق الإنسان وعلمه البيان .
المسلمون : أين تسكن .. يا حضرة الفاضل المحترم ..؟
شهر رمضان : اسكن في قلوب المؤمنين ، وفي ديار المتقين وبجوار المحسنين .
المسلمون : هل تعاني من أزمة السكن كما نعاني منها نحن هذه الأيام ؟
شهر رمضان : نعم ، لقد مررت بكل بيت وحللت في كل منزل
ودفعت أغلى الأثمان ، فكان أن طردني البخلاء الأشقياء
وتجاهلني الأغنياء الأذلاء ، وعبس في وجهي التعساء الجهلاء
ولكني لم أيأس فقد بحثت عمن يحبونني من المؤمنين المحسنين
والأتقياء الصالحين فوجدتهم ينتظرون لقائي ويستعدون لاستقبالي .
المسلمون : وكم تقيم عندنا ؟
شهر رمضان : أيام معدودات تسع وعشرون أو ثلاثون .
المسلمون : ما هي مهنتك التي تمارسها في ديار الإسلام ؟
شهر رمضان : مهنتي هي الزراعة والصناعة والطب والتعليم
أما الزراعة : فإنني أغرس الإيمان في القلوب وأزرع المحبة في النفوس
وابذر الأخلاق في الطباع واسقيها بماء الطهر والإخلاص
وأغذيها بشهد الفضيلة والإحسان ، فتنبت كل معاني الخير والاطمئنان
ونجني ثمار الفلاح والنجاح .. كما أنني أنزع شوك الحقد والغل والبغض من الصدور
وأقلع جذور الفساد والغش والحسد من النفوس فتنتج المحبة والمودة والإخاء .
المسلمون : ما أجمل هذه الزراعة وما أبركها .. وما هي صناعتك التي تمارسها ؟
شهر رمضان : إنني أصنع الأجسام القوية ، والنفوس الأبية والأرواح الزكية
وأصل ما تقطع بين الناس من أوصال ، وأجمع ما تفرق من أشتات
وأصهر الجميع في بوتقة العدل والمساواة ،فأنتج الأبطال الأقوياء
والرجال الأشداء على الأعداء الرحماء فيما بينهم .
المسلمون : يا لها من صناعة تدفع الأمة إلى الجهاد
الذي به تقود العالم إلى الخير وما هي تجارتك ؟
شهر رمضان : تجارتي لن تبور ، فأنا أعطي الحسنات وأمحو السيئات
فمن تعامل معي ... ربح الجنة وفاز بالحياة ، ومن تنكر لي وغش
خسر البركة والخيرات وحبطت أعماله
وكان من أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى
فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين .
المسلمون : وما هو طبك ؟
شهر رمضان : إنني أداوي الأجسام السقيمة ، والنفوس المريضة
والعقول التائهة ... فأبعد عنها كل ضعف وشح وشرك
وأطهرها من أدران المادة ومن جراثيم الفساد والضلال .
المسلمون : وماذا عن أدويتك وعلاجك ؟
شهر رمضان : أدويتي هي الصيام
والقيام وذكر الديان والعمل على طاعة الرحمن .
المسلمون : وماذا تعلم الناس ؟
شهر رمضان : اُعلمهم أن يسلكوا طريق الرشا
وأعودهم الى الجود والإحسان والرحمة والتسامح والأمانة والوفاء
والصدق والصبر والتعاون والإخلاص .
المسلمون : لقد عرفنا الكثير من مزاياك وازداد شوقنا
إلى حديثك المفيد ، وكلامك الرشيد
فهل لنا أن تزيدنا من علمك وتعرفنا على مزيد من فوائدك ؟
شهر رمضان : نعم ، أنا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
أنا شهر التوبة والغفران ، أنا في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر
من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم
أنا الذي رافقت آباءكم المسلمين في معارك بدر واليرموك وحطين
فأعطيتهم القوة والعزيمة وعلمتهم الصبر والثبات
فكان النصر حليفهم والخذلان حليف عدوهم .
المسلمون : الآن وقد عرفناك جيدا وتذكرنا فضلك منذ القديم
أنت الذي تزورنا في كل عام وتأتينا بالخير والبركات
من خزائن الأرض والسماوات فأهلا بك وبعطاياك الخيرة ونفحاتك العطرة
ليتك تقيم عندنا الحياة كلها تسكن في قلوبنا وتعيش مع أرواحنا
فيا أيها السيد الكريم هل لك من شيء تقوله أخيرا ؟
شهر رمضان : نعم ، إنني أقول لمن سيصوم رمضان إيمانا واحتسابا
بارك الله صيامكم وغفر ما تقدممن ذنوبكم ورزقكم من الطيبات
لتزدادوا خيرا على خير وبركة على بركة
أما أنتم أيها البخلاء الطامعون والأغنياء اللاهون والتجارالمحتكرون
والمفطرون العابثون ، فقد مررت بدياركم فوجدت أبوابكم مؤصدة وبيوتكم مقفلة
وقلوبكم خاوية إلا من الطمع وحب المال والفساد والضلال
فلا خير فيما تجمعون ولا بركة فيما تكدسون