ياابي لمن اشتكي
لماذا نفشل في الحوار مع الأبناء ؟
يشتكي الأبن لأبيه مايتعرض له من مشاكل وإساءات من صديقه أو من أحد الطلبة في المدرسة ليدافع عنه ويأخذ اعتباره ممن أساء إليه لينتظر الأبن أن يسمع من الأب كلمات تنصفه من هذا الموقف ولو بكلمات تخفف من دموعه التي لا تتوقف من البكاء ، بعد ذلك يتفاجأ الأبن وينصدم بالرد القاسي من الأب الذي سرعان مايوجه الاتهام لهذا الأبن بطريقة غير مباشرة بعبارة ( من المؤكد أنت المخطئ فأنت تستحق ذلك ) حتى يزداد بعد ذلك الألم والحسرة على وجه الأبن الذي يندم أنه أشتكى لوالده الذي يبادله كلمات تزيد من أوجاعه وتضاعف من أحزانه والذي أغلق الحوار في وجهه في الوقت الذي يعتبر أباه في حياته كالصديق الذي يشكي له الهموم والأحزان ليشاهد مقابل ذلك المواساة لمثل هذه المواقف حتى أصبح الأب كالقاضي أو المحقق الظالم الذي يميل ضد الحق فلا يرغب أن يسمع من ابنه المظلوم شي فيكون الظالم هو البريء ، فالابن قد لا يرغب من الأب أن يأخذ حقه ممن ظلمه بالاعتداء عليه أو القسوة منه ولكنه يرغب في أن يفضفض لصديقه الأب وأن يستمع إليه ويتفهم مشاعره وأن يبحث عن الإنصاف من والده ، وللأسف هناك من الآباء من يتعامل بشعار القسوة والشدة مع الأبن ويتهمه بالكذب ولا يرغب بالاستماع منه خاصة في مثل هذه المواقف والتي تجعل هذا الأبن تتولد في قلبه الكراهية والقساوة ليأخذ حقه بيده ويدافع عن نفسه حتى لو كلفه ذلك أن يصل إلى أبواب السجون ، فهناك من الآباء وللأسف من يتعاملون بالتجريح للأبناء دون الرغبة بالاستماع إلى شكواهم أو مايشغل حياتهم من مشاكل تؤثر على نفسيتهم فيكون الأب في نظر الأبن هو القاضي الظالم فتبدأ بعد ذلك الحسرة وردة الفعل عند الأبن التي تتحول إلى قساوة في قلبه ويبدأ بعد ذلك مسلسل العنف عند الأبن وهو البطل الأول لهذا المسلسل القتالي ليشتكي الأبن للأب من خلف قضبان السجون وهو يقول: ياأبي أنت مدرستي الأولى التي تعلمت منها الأخلاق ، والأدب ، والاحترام .. ياأبي أنت أستاذي الأول الذي تأثرت فيه وتعلقت به منذ ولادتي .. ياأبي أنت النور الذي يسطع لينير لي دروبي العتماء .. ياأبي أنت خير من يأخذ بيدي ويمسح دمعتي .. ياأبي أنا لن أخيب ظنك فيني وسوف تشاهد صورتك فيني وسوف تفتخر بي لأنني قد تخرجت من مدرستك بشهادة الامتياز وبالتقدير الممتاز .. ياأبي تعلمت منك أن أحافظ على سمعتك فلماذا لا تأخذ بيدي وقد تسببت في سجني وألمي ؟ ياأبي أنت زرعت القساوة والكراهية في قلبي فهل تستطيع اليوم أن تسمع لي وتخرجني من سجني ؟ ياأبي بالأمس أنتظر منك أن تمسح دمعتي ، واليوم أنتظر منك أن تخرجني من سجني ، فهل تستطيع اليوم أن تمسح دمعتي ؟ وهل تستطيع أن تعيد الثقة في نفسي ؟ ياأبي أنا بالأمس أرفع رأسك ، واليوم أنا جعلتك لا ترفع فيني رأسك لأنني بالأمس أبنك ، واليوم أنا في نظرك مجرم ، ياأبي سامحك الله ، ياأبي أشكي إليك همي ولم تسمعني ( ياأبي لمن أشتكي ؟ ) .