السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال جميل وطريف جداً
بقلم : عبد العزيز بن حارب المهيري
قرأت المقال وأنا أبتسم
وأتخيل الموقف
أسلوبه جميل ومشوق
تزوّج صاحبي من الثانية فتورطت أنا
تزوج صاحبي ابراهيم – غفر الله له- من زوجة ثانية، وتورطّت أنا،
1كنت أعلم علم اليقين أن موعد التحقيق معي قادم لا محالة، ولا رادَّ لقضاء الله، مما يعني أنني بحاجة إلى أن أجهّز نفسي بإجابة نموذجية تقنعها بأنْ لا دخلَ لي في زواج ابراهيم، ولا أكتمكم سراً فقد تدربت على الإجابة كثيرا، ووقفت أمام المرآة مرارا وتكرارا، تخيّلتها أمامي، فماذا عساها تسأل؟ وماذا عساي أجيب؟ فتوصلت إلى السيناريو التالي:
شو أخبار ابراهيم؟ فأعرف أنا بذكائي أنها تُلمّح لمسألة زواجه، أو تسأل مثلا: صدق الأخبار اللي سمعناه عن ابراهيم؟ فأردّ أنا بشكل هادئ، وكأني لا أعرف شيئا: أي أخبار؟ فتقول: يقولون إنه تزوج على زوجته وخذ وحده ثانية!!! فأردّ عليها مستغربا-وهذا الذي تدربت عليه أمام المرآة: منو؟ ابراهيم؟! معقولة! لا مستحيل! يمكن إشاعة.. (ثم أمثّل عتبي الشديد عليه) ليش يسوي جذيه الله يهديه؟ الله يسامحه (تذكرتّ أني لا بد من أن أكيل له السباب) هذا أكيد تينّن واستخف (ولابد من التعاطف مع زوجته الأولى) مسكينة زوجته أم عياله.. حرمة طيبة فقيرة ما تسمعين لها حس، ومن هذه الأجوبة التي تُوهم بأني أسمع الخبر لأول مرة (على افتراض أنها لن تكتشف صدقي من كذبي لأني تدربتُ على ذلك جيدا)
كان يمكن أن يكون الحوار كما سمعتم، وأخرج منها بسلام
(لكن منو يقول!) أسوأ التقديرات التي فكرتُ فيها لم تتوصل إلى التكتيك الذي استخدمته معي في التحقيق، ولطالما تفكرت قبل النوم من أين يتعلمنّ فنون الاستجواب؟ هل هذه موهبة خاصة بجنس النساء؟ أم يمكن لنا معشر الرجال أن نتعلم هذه الفنون؟
فقد كنّا في لحظة صفاء، وكان الجو مريحا، ذكرني بأيام الملجة، تحدثنا كثيرا وضحكنا كثيرا على غير العادة، ثم سَردتْ على مسمعي طرائف عيالي ومقالبهم المضحكة، تعرفُ جيدا أن أطفالي يُضحكونني بعفويتهم وبراءتهم، منذ زمن بعيد لم أضحك بهذه الطريقة، جاءني شعور بأن بعد هذ الضحك ستحلُّ عليَّ مصيبة، استعذت بالله من الشيطان، وأكملتُ ضحكي وأخذت أقهقه، أشعر أنها كانت تريد أن تصلَ بي إلى هذا المستوى من التجلّي، كان توقيتها رهيبا، فما إن وصلتُ إلى منتصف القهقهة التي كانت تنتظرها، حتى ألقتْ عليَّ شباكها، وأطلقت سؤالا من نوع أرض جو: تدري إن ابراهيم تزوج على زوجته؟!
سؤالها المفاجئ كان بمثابة الضغط على زر (pause) (إيقاف للصوت والحركة لمدة قصيرة هكذا ترجمتها في دليل الاستخدام في الأجهزة الالكترونية) ظلّ فمي مفتوحا لعدّة ثواني، وارتسمت على ملامحي ابتسامة بلهاء عبيطااااااااااااه …
1في تلك الثواني رجعَتْ بي الذاكرة ثلاثين سنة إلى الوراء، على طريقة الفلاش باك، عندما كان والدي يحادثني، ويترك لي المجال في التحدث، ثم يفاجئني بالسؤال الصاروخي التالي: صلّيت؟ مجرد التأخير لثواني يعني بأنك لم تصلِّ، استخدمتْ زوجتي معي نفس الأسلوب، كم هو عظيم نقل المعرفة عبر الأجيال، مما جعلني أستدعي شعور الرعب الذي كنت أشعر به وأنا طفل صغير، كان سؤالها مثل الصاروخ المبرمج الذي لا يخطئ هدفه أبدا، فقد أصاب وعطّل منطقة الأجوبة المنطقية في دماغي، وشلّ لساني، فكان جوابي على سؤالها عبارة عن همهمات من نوع: (أبااا أبااااا اممممم .. امممم.. طاطاو طاو طووووو طالع) أليس حراما أن تقف أمام المرآة أسبوعين كاملين، تُذاكرُ وتراجع دروسك، وفي الأخير يأتيك سؤال من خارج المنهاج؟!
وليت الأمر يتوقف عند هذه النقطة.. كنا ارتحنا، المصيبة أن المرأة تفترض بما أن صديقك قد تزوج فإنك حتما ستقلده وتتزوج مثله، أو سيقوم هو بإقناعك بالزواج من ثانية
·صدقيني يا حرمة.. أنا حتى ما أفكر في الزواج
- احلف
·والله العظيم
- قول والله العظيم ما بتزوج عليج
·والله العظيم ما بتزوج عليج
- والله العظيم ما بتزوج عليج حرمة
·ليش هو في بدائل ثانية؟ الله يهديج بس، ربيعي وعرس أنا شو دخّلني؟
- دخّلك إنك صاحبه
·صاحبي .. شو تبين أسوي به؟
- طلْقه!
ولا يتوقف الموضوع عند هذا الحد، فهي تُسمعك كلام من قبيل هذا ليس بصاحب..
العاقل لا يتخذ صديقا مثل هذا المجنون، قليل الوفاء، نعم قليل الوفاء… لو كنت مكانك لتركتُ صداقته غير آسفة (يعني افهم يا فهيم واقطع علاقتك به) فتتفق مع صاحبك أن يكون الاتصال بينكما على أضيق الحدود إرضاء للهانم الغاضبة.
لقد حلفتَ بأنك لن تتزوج عليها، ما الذي يمنعكَ من أن تحنثَ بيمينك وتتحلّل منه بدفع كفارة يمين مثلا؟ (هذا طبعا تفكيرها هي) إذا لابدّ من أخذ الاحتياط، وشد الوثاق أكثر، فتتفاجأ في يوم من الأيام وأنت جالس بأمان الله، تأكل الفستق وتشرب الشاي (على فكرة خلطة حلوة جربوها) تناديك من بعيد، وتطلب منك أن تحضر إليها، فتحضر وأنت لا تعرف ما الذي ينتظرك
·نعم حبيبتي آمري
- حطْ ايدك على المصحف واحلف
·أحلف على شو؟
- احلف إنك ما بتّزوج عليّ
·أقسم بالله العظيم …
- لحظة صبّر .. طَلّع الفستق اللي في ثمك
·أقسم بالله العظيم.. أن أكون مخلصا لزوجتي، وأن أحترم دستورها وقوانينها، وأن أعمل بصدق وأمانة، وأن لا أتزوج عليها، وأن أطيع جميع الأوامر الزوجية التي تصدر إليَّ منها، والله على ما أقول شهيد
- لليميييين دُر
الحمد لله رب العالمين، انتهى الموضوع بسلام أخيرا،]
أطمأنتْ زوجتي، فقد حلفت على المصحف، سأرجع الآن إلى حياتي الطبيعية التي كنت أعيشها قبل زواج صديقي ابراهيم (لا بارك الله في صديقي ابراهيم) سترجع الأمور كما كانت، لن يعكر صفو حياتنا غِيرةٌ أو شك!
لكن ...
تتفاجأ في يوم من الأيام وأنت جالس في أمان الله، تأكل الفستق وتشرب الشاي (الفستق ستجدونه في السوق على أنواع منه المملح أو بالليمون أو بدون نكهة) تناديك من بعيد، وتطلب منك أن تحضر إليها، لا أدري لماذا تناديني وقت شربي للشاي وأكلي للفستق؟ ألا يستطيع الواحد منا أن يخلو بنفسه لبعض الوقت؟ تذهب إليها والفستق في فمك، لأنك متأكدٌ من أنها لن تطلب منك أن تحلف مرة ثانية، فقد حلفتَ من قبل
·نعم حبيتي آمري (نفس الكلمات لا يفكر بالتجديد)
- حطْ ايديك على المصحف واحلف
·(غاضبا) أحلف على شو بعد؟ أمس حالف..
أنا ما عندي شغل غير إني أحلف؟ أنا متى باكل فستق؟ (دليل على أن الرجال ليسوا أوفياء نَسيَ أن يذكر الشاي)
- أمس غير واليوم غير، أمس كان مصحف صغير، اليوم مصحف كبير
·(يكاد ينفجر) امممممممممممم
- صدق قبل عن لا أنسى، أبويه واخواني يايين من العمرة، وباجر بيزورونّي
·حياهم الله، وشو المطلوب مني؟
- أباك تكون موجود
·ليش؟
- يايبين لي مصحف من السعودية، وبيكونون شهود عليك
وانت تحلف على المصحف
ترفع يديك إلى السماء داعيا لإبراهيم: (اللهم أبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، الله ارحمه تحت الأرض، اللهم خذه أخذ عزيز مقتدر يا أرحم الراحمين)