يوم تتكلم الجلود
هل تتكلم الجلود ... يوم القيامة
وفقا للاكتشافات الطبية الحديثة
بقلم : حيدر الحد راوي
إنها آيات عظيمة تشهد على عظمة كلام الله سبحانه وتعالى، فهو القائل عن نفسه: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) [النساء: 122]. وفي كل يوم تكشف الأبحاث العلمية لنا حقائق جديدة لم يكن لأحد علم بها وبعد أن نتأمل هذه الحقائق جيداً نرى في كتاب الله تعالى إشارات واضحة لها، الامر الذي يؤكد عظمة كتاب الله .
ومن الآيات التي تستحق الوقوف أمامها طويلاً وتدبرها جيداً ذلك المشهد الذي صوره لنا القرآن من مشاهد يوم القيامة، عندما يُعرض أولئك المشككون بكلام الله على النار لتشهد عليهم جلودهم بما كانوا يفترون على الله كذباً في الدنيا، يقول تعالى: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت: 19-21].
وهنا لابد من طرح عدة أسئلة حول هذا النص العظيم: كيف يمكن للسمع والبصر وال أن ينطق ويتكلم؟ وكيف يمكن أن ينطق كل شيء؟ ولماذا ذكر الله تعالى هذا النص في كتابه؟ هذا ما سنبحثه بشيء من التدبر والتفكر لنزداد إيماناً عسى أن نكون من الذين قال الله فيهم: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].
معجزة الجلود هو أكبر عضو من أعضاء الجسم، إنه يعمل كغلاف وقائي يقيك شر المؤثرات المحيطية الضارة مثل الحرارة والبرودة والأوساخ والبكتريا والتلوث... وهو يعزل الجسد عن مختلف أنواع الصدمات والتآكل ويبقي الماء والجراثيم خارج الجسد ويمنعها من الدخول.
يفرز الدهون والزيوت ليبقى في حالة مرنة وناعمة ويقاوم الجفاف، ويحوي الغدد الخاصة بإفراز العرق فتكون هذه الغدد بمثابة أداة لتصريف السموم والمواد الكيميائية غير الضرورية إلى خارج الجسم.
يتألف من طبقات رقيقة تحوي الأنسجة والأوعية الدموية والخلايا العصبية والشعر والمستقبلات الحسيَّة...
في حالة حركة دائمة ، فالخلايا تنمو وتتحرك من الطبقات الداخلية إلى السطح الخارجي ثم تموت وتتبدل، وتتبدل كل دقيقة بحدود 40 ألف خلية ! وخلال شهر تتبدل كل خلايا الجلود ، أي أن كل واحد منا يغير جلده كل شهر تقريباً دون أن يشعر!
إن 95 بالمئة من خلايا الجلود لها مهمة واحدة هي العمل على تجديد الخلايا، و 5 بالمئة تعمل على تلوين الجلود باللون المناسب، أي تعمل على صنع مادة melanin التي تعطي البشرة لونها، وقد وجد الباحثون أن تعريض الجلود للشمس لفترات طويلة يؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد، وتكون النسبة أكبر لدى النساء ، ومن هنا ربما ندرك لماذا أمر الله المرأة بالحجاب!
تبلغ مساحة سطح الجلد الذي يغطي الإنسان بحدود 2 متر مربع، أي بحجم بطانية أو شرشف، ويبلغ وزن الجلد على الإنسان المتوسط بحدود 2.7 كيلو غرام . والجلد الذي تراه نظيفاً وناعماً وأملساً، يحوي على سطحه ملايين البكتريا والجراثيم. وهو يساعد على بقاء الجسم عند درجة الحرارة الصحيحة ،
ومن هنا ندرك لماذا حرص الإسلام على طهارة البدن وعلى الوضوء باستمرار والاغتسال أيضاً!
ذاكرة الجاود
لسنوات عديدة حاول العلماء كشف أسرار الذاكرة وتوجهوا إلى أعماق الخلية بهدف الكشف عن أماكن تخزين الذكريات والمعلومات لدى الإنسان . إنهم يعلمون أن هنالك ذاكرة وراثية يتم تخزينها في شريط المعلومات الوراثي المسمى DNA فماذا كانت نتائج آخر الأبحاث العلمية حول الذاكرة؟
في بحث علمي جديد نشرته مجلة علم الأعصاب في منتصف العام (2007) وجد الباحثون أن الخلايا تحوي جزيئات تسمى CaMKII وهذه الجزيئات مسؤولة عن تخزين الذكريات، وهذه النتيجة اكتشفت لأول مرة، وقد تأكد منها الباحثون من خلال مهاجمة هذه الجزيئات عند الفأر فكانت النتيجة أنه محيت الذاكرة تماماً ثم بعد ذلك استعادت قدرتها على التخزين، تماماً مثل القرص الصلب في الكمبيوتر عندما يخزن المعلومات ويمكن أن نمحوها ثم نخزن معلومات أخرى من جديد.
ويمكن القول إنه من المحتمل أن تكون هذه الذاكرة موجودة في جميع الخلايا للكائنات الحية. وبخاصة أن العلماء بدأوا بالفعل يتحدثون عن ذاكرة للقلب وذاكرة للخلايا وذاكرة للجلد وغير ذلك من أنواع الذاكرة .
إن هذه الاكتشافات سوف تفيد الأطباء في معالجة الآلام المزمنة، لأن خلايا الجلد مثلاً تتذكر ما مر بها من آلام سابقة ، مثل أولئك الذين تم بتر إحدى أيديهم فهم يتألمون وكأن يدهم لا زالت موجودة! ولذلك فإن خلايا الدماغ لا تزال تخزن ذكريات الألم وتتذكر هذه الآلام وتعمل على تحريضها باستمرار، ولذلك فإن اكتشاف سر الذاكرة سوف يساعد على محي بعض المعلومات المؤلمة من الخلايا.
وفي دراسة جديدة تبين أن خلايا الجلود تحمي نفسها بشكل دائم من هجوم البكتريا وأن استعمال الهواتف النقالة بكثرة يؤدي إلى نمو بعض أنواع البكتريا على الجلود ، وتعتمد هذه العملية على مدى مناعة الإنسان. والسبب في ذلك أن للجلود مهام حساسة في تخزين المعلومات والأحداث وإن وجود الهاتف النقال بشكل دائم يؤدي إلى التشويش على عمل الخلايا بسبب الترددات الكهرومغناطيسية التي يبثها ويستقبلها هذا الهاتف النقال.
العلاج بخلايا الجلود
يحاول العلماء اليوم الاستفادة من خلايا الجلود المستخلصة من الأجنة (الخلايا الجذعية) ويقولون إن لها تأثيراً مذهلاً في علاج الحروق، فهذه الخلايا لم تختزن بعد أية معلومات تذكر ولذلك هي خلايا نقية ويمكن وضعها لأي إنسان احترقت أجزاء من جسده .
وهناك محاولات كثيرة للعلماء اليوم للعمل على الاستفادة من الخلايا الجنينية في مراحل مبكرة لأنهم وجدوا منجماً خصباً فيها للعلاج . كما يحاول الباحثون اليوم تعديل الشريط الوراثي لخلايا الجلود حتى ينزعوا منها الذاكرة والمعلومات المختزنة لتصبح أكثر قابلية للزرع وتجنباً للسرطان .
كما نجح العلماء اليوم في استنساخ الفئران من خلايا الجلود ، لماذا لأن هذه الخلايا تحمل أكبر قدر ممكن من الذاكرة الطويلة! ووجدوا أن الخلايا التي للأنثى تختزن المعلومات أكثر من خلايا التي للذكر (طبعاً هذا في حالة الفئران وقد يكون صحيحاً بالنسبة للبشر) . إن الذي يتابع جديد الطب يلاحظ أن لدى العلماء اهتماماً كبيراً في استغلال خلايا الجلود ، فهم يحاولون علاج بعض أمراض السرطان التي تصيب الأطفال باستخدام خلايا معدلة وراثياً، حيث إن هذه الخلايا سيكون لها أثر فعال في علاج السرطان وتقوية جهاز المناعة ومساعدته على إيقاف التضخم .
ولكن ماذا عن النواحي الشرعية لمثل هذه الأبحاث؟ بغض النظر عن مشروعية مثل هذه التجارب إلا أننا نقدم في هذا البحث ما وصل إليه العلماء من حقائق، لتكون هذه الحقائق دليلاً على صدق كتاب الله تعالى. طبعاً نحن نؤمن بكل ما جاء به القرآن، ولكن المشككين دائماً يطلبون الدليل على أي شيء يصادفهم وهانحن نقدم لهم الحقائق وعلى ألسنة علمائهم!
لغة الجلود
إن العلماء يؤكدون وجود صوت لخلايا الجلود تنطق به، ولكننا لا نفقه ما تقوله!! وهذا الاكتشاف حديث لم يكن لأحد علم به زمن نزول القرآن ولكن القرآن أخبرنا بأن كل شيء ينطق ويسبح الله كما سنرى في فقرة لاحقة.
ويقول العلماء إن شريط ال \"دي إن إي\" الوراثي المعقد يصدر ذبذبات صوتية بشكل مستمر، أي أن له لغة ينطق بها!! وهذا الشريط موجود في جميع خلايا الجسد: خلايا العين وخلايا الأذن وخلايا الجلود . ولذلك فمن المحتمل أنه يقوم بتخزين المعلومات بطريقة ما، ومن الممكن استرجاع هذه المعلومات في وقت آخر.
يوجد في أعماق خلايا ال سجلات خاصة أشبه بسجلات الكمبيوتر تحفظ المعلومات والأحداث التي تدور حول الجلود وتحفظ كذلك الأصوات التي تُحكى والأفعال التي نقوم بها. ويقول الدكتور \"كلارك أوتلي\" وهو الذي أشرف على مئات العمليات الخاصة بزرع الجلود ونقله من أشخاص لآخرين: إن الجلد يملك ذاكرة طويلة جداً، فهو لا ينسى!!
وقد وصل هذا العالم إلى هذه النتيجة بعد أن وجد أن 70 بالمئة من الذين أُجريت لهم زراعة الجلد من أشخاص آخرين قد أُصيبوا بسرطان الجلد بعد فترة قصيرة من العملية . وهذه مشكلة كبرى لم يستطع الطب أن يجد لها علاجاً، ويقول العلماء إن جلد كل إنسان له خصوصية كبيرة فهو خزان للمعلومات ولذلك عندما يتم نقل جزء من هذا الجلد إلى شخص آخر ( احترق جلده مثلاً ) فإن الخلايا تنقل معها كل المشاكل والأحداث والمعلومات الخاصة بذلك الشخص، وهكذا يرفض جسم المريض أي جلد من شخص آخر!
ولكن يمكننا كمسلمين أن نقترح علاجاً لهذه الظاهرة وهو أن نقرأ القرآن على الجلد قبل زراعته حتى يتم تطهيره وتهيئته ليتقبله المريض، وطبعاً نحن نعلم الأثر الكبير للعلاج بالقرآن وأن لصوت القرآن أثراً كبيراً في إعادة تنشيط الخلايا وإعادة برمجتها على الفطرة التي فطرها الله عليها.
كل شيء يتكلم!
لقد تبين للعلماء أخيراً أن لكل شيء في الكون تردده الصوتي الخاص به ويسمى الرنين الطبيعي، وأن هذا الجسم عندما نعرضه لذبذبات صوتية بتردد يساوي تردده الخاص فإنه سيبدأ بالتجاوب والاهتزاز، ولذلك فإن جميع الأشياء في الطبيعة من إنسان أو جماد أو حيوان تتأثر بالصوت.
ثم بعدما تطورت أجهزة قياس الترددات الصوتية وجد العلماء أن كل شيء في الكون تقريباً يصدر ترددات صوتيه، فالخلايا تصدر هذه الترددات سواء في الإنسان أو النبات أو الحيوان. وكذلك النجوم تصدر أصواتاً، والكون في بداية خلقه أصدر ترددات صوتية بسبب توسعه المفاجئ ، وكذلك اكتشف علماء وكالة ناسا أن الثقوب السوداء تصدر ترددات صوتية ، وأن النجوم النيوترونية تصدر ترددات صوتية تشبه صوت المطرقة ، واكتشف علماء النبات أصواتاً خفية تصدرها النباتات وتتأثر بالأصوات أيضاً ، الحشرات بجميع أنواعها لها ترددات صوتية خاصة بها ، حتى إن خلايا القلب تصدر ترددات صوتية خاصة بها ..... وهكذا كل شيء ينطق في هذا الكون!
وجه الإعجاز
1- من خلال الحقائق السابقة يمكننا القول إن ما نراه على سطح الجلد هو خلايا ميتة على وشك السقوط، ونحن كمؤمنين علمنا القرآن كيف نجعل خلايا جلدنا أكثر نشاطاً وحيوية من خلال تفاعلها وتأثرها بكلام الله تعالى،
يقول تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) [الزمر: 23]. أي أن قراءة القرآن والتأثر بسماعه هو أفضل وسيلة لحماية خلايا الجلود وخلايا الجسد بشكل عام .
2- رأينا كيف أن خلايا الجلد تتجدد وتتبدل باستمرار، وهذا الموضوع أشار إليه القرآن في عذاب أولئك الذين كفروا بآيات الله حيث تُبدل جلودهم باستمرار ليبقى العذاب مستمراً، يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) [النساء: 56]. فكلما احترقت الخلايا العصبية وأوشك الإحساس بالألم على الزوال تجددت هذه الخلايا وأصبح العذاب أشد، ولذلك كان أكثر دعاء النبي ( ص واله ): اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك!
3- يقول العلماء اليوم إن خلايا الجلد تتأثر بالترددات الصوتية بل وتتجاوب معها ، وبخاصة بعد أن اكتشف العلماء الذبذبات الصوتية التي يصدرها الشريط الوراثي المسمى DNA ، إذن الجلد عندما يقشعر بنتيجة الاستماع إلى خبر ما سار أو مؤلم فإن هذا نوع من التجاوب مع الصوت الذي استمع إليه هذا الإنسان.
وهنا يتجلى قول الحق تبارك وتعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23]. فهذه الآية تؤكد أن خلايا الجلد عند المؤمن تتأثر بصوت القرآن وتتجاوب وتقشعر، بينما تجد الكافر لا يتأثر، لماذا؟ لأن خلايا جلده اختزنت النفاق والكفر والفواحش والأفعال السيئة فلم تعد تستجيب لأي ترددات صوتية إيمانية!
4- من خلال الحقائق السابقة يمكن القول إن جميع الخلايا تملك ذاكرة خاصة بها، وبخاصة خلايا السمع والبصر، ولذلك فإن هذا السمع وهذا البصر سيشهدان على صاحبهما يوم القيامة بما فعله من أعمال سيئة في الدنيا.
ولكن الإنسان في ذلك اليوم لا يستغرب من شهادة السمع لأن الأذن كانت تسمع ما يقوله وما يُقال أمامه ، وكذلك لا يستغرب شهادة البصر لأن العين كانت ترى ما ينظر إليه وتخزن المشاهد التي فيها معصية لله تعالى.
هذا الإنسان يكون على قدر كبير من التعجب من شهادة جلده عليه ، إذ أن الإنسان لا يتصور أن الجلد له دور في تخزين المعلومات والأحداث!
ولذلك فإن هؤلاء الناس يسألون جلودهم يوم القيامة بقولهم (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا) فتقول هذه الجلود: (أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) وهنا تتجلى معجزة ثانية أيضاً، فكيف يمكن لكل شيء أن ينطق؟!
5- بما أن لكل شيء تردده الصوتي الخاص ، لذلك فإن الله تبارك وتعالى قال: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44]. ويوم القيامة سوف يسمع الإنسان أصوات هذه المخلوقات والتي لم يكن يسمعها في الدنيا، سوف يسمع صوت جلده وهو يشهد عليه ويقول له : أتذكر يوم كذا وكذا عندما كنت تقوم بهذه الفاحشة وتظن أنه لا يراك أحد؟ ويقول له سمعه أتذكر عندما كنتَ تستمع إلى ما حرم الله من الأغاني والكلام الفاحش؟ ويقول له بصره أتذكر عندما كنتَ تنظر إلى ما حرَّم الله من النساء والشهوات؟
وأخيراً
ينبغي علينا في كل لحظة من لحظات حياتنا أن نتذكر ذلك المشهد عندما تشهد علينا جلودنا، تذكروا معي أن هذا الجلد الذي سخره الله لك ليكون وقاية وحماية لجسدك وهو يصاحبك منذ أن تكون في بطن أمك، هذا الجلد سيكون عدواً لك يوم القيامة ، إلا إذا أكثرت من الأعمال الصالحة فإن جلدك سيكون شاهداً معك لا عليك .
نسأل الله تعالى أن يجعل كل لحظة في حياتنا طاعة لله وعملاً صالحاً لا نبتغي به إلا وجه الله تعالى . ونتأمل من جديد هذا النص القرآني الذي ينبغي على كل منا أن يحفظه في قلبه ويتذكره كلما أمرتنا أنفسنا بالسوء:
(وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)