وادي اضم.. احد اشهر الاودية في قديم الزمان ولامبالغة ، يقول الأجداد بأن سبب تسميته بإضم نظرا لأنه يضم الماء بشكل واضح وإتضح ذلك في كثرة عيونه وأنهاره الجارية وإيضا لكثرة أباره ويروي الثقات بأن للأبار في إضم تاريخ عريق وأنه لو تم حصر كل الأبار في إضم بما فيها الأبار المدفونة لتجاوزت الخمسمائة بئر والله أعلم وهذه المياه يصاحبها خصوبة في التربة ولذلك أشتهر إضم بكثرة مزارعه والتي تمتد لعشرات الكيلو مترات من أعلى الوادي إلى أسفله بالإضافة إلى كثرة النخيل والتي لم يتبق منها الآن بحسب كلام الرواة الإ ربعها أو أقل ، فالوادي كان مشهور بالنخل وكان يسمى أيضا (وادي النخل) والشعراء إحيانا لايذكرون إسم إضم بل يذكرون إسماء مرادفة وذلك حسب ما اشتهر به فيقولون كما أسلفنا (وادي النخل) والجدير بالذكر أن أحد شعراء بجيلة في الجاهلية (قبل الإسلام) وصف إحدى ديار بجيلة التهامية بأنها ذات نخل والمعلوم أن بجيلة وتحديدا بطن قسر بن عبقر بن أنمار نزلوا في أماكن واسعة من تهامة ومنها على سبيل المثال هذه الأودية الثلاثة : أسالم وحلية وحقال ، وفي إعتقادي أن أسالم هو الإسم الحقيقي لوادي أضم فبالنسبة لحلية وحقال فهي معروفة ولايفصل بينهما الأ جبل العلنصى ولكن أسالم لاوجود لهذا المسمى اليوم على الخارطة المالكية مما جعلني أعتقد بأنه هو وادي إضم ولكن تم نسيان هذا المسمى مع الزمان وتغير الأحوال ، وأعود لأقول بأن أحد شعراء بجيلة في الجاهلية وبينما كان يصف معركة بجيلة وبني ثابر في تهامة وصف أحدى الديار البجلية بأنها ذات نخل فربما أنه يقصد وادي أضم نظرا لأنه الأشهر في المنطقة أن لم يكن يقصد حلية لأنها أيضا كانت ذات نخل مشهور ألى عهد قريب بحسب الروايات فيقول هذا الشاعر :
فما شعروا بالجمع حتى تبينوا / ثنية ذات النخل مايتصرم
وهناك الكثير من الشعراء في القرون الغابرة وصفو أضم بأنها وادي النخل فيقول الشاعر ناصر الغفيري رحمه الله والذي أعتقد بأنه الجد الرابع للشاعر الكبير عيظة بن طوير :
وادي النخل جوفه رجال العبدلي
اهل مروتا يعلق الاكواني
ويقول الشاعر عيظة بن طوير ايضا :
واهل اضم يوم شبان الفتن يحتمون الحد الاقصى
وبنوا صور ماينهد يحمي على وادي النخيل
باطنه جوفه الرحمه ومن خارجه نار لظى
ويقول الشاعر الكبير عبدالله بن شطحان :
خل وادي النخل يحمونه معافيا ومحسني
واقول ربما أن بأن الإسم الحقيقي لإضم هو أسالم كما أسلفنا وأن التسميات الأخرى ماهي إلا أوصاف أكتسبها من طبيعته فيقال وادي النخل لكثرة نخيله ويقال إضم لكثرة مياهه وقيل أيضا (جبة المسكين) وأسماء أخرى كلها تدل على الخيرات التي كانت كامنة في وادي إضم حيث الماء الحلو والتمر اللذيذ وللمعلومية فإن أسلافنا يقولون كانت هناك أربعة أنواع من التمر في إضم وهي : الهنوي والثلاثي والسكري والقسب.
ووجود هذه الأنواع الأربعة في قديم الزمان دليل على كثرة النخل ودليل على إهتمام الأهالي به ، فعرف عن أهل إضم أهتمامهم البالغ بالنخيل وكانوا خبراء في مجال النخيل بلا منازع وكان يأت على رأس الأولويات عندهم.
وأما الآبار فبحسب كلام القدماء ومنهم العم أحمد بن يحيى العصماني بأنها كثيرة جدا ويكفي أن إسم الوادي هو أضم وفي الأمثال قالوا (جدي يالجداء وضم الماء يا إضم) وقيل بأن هناك شخص أتى من اليمن فوقف على مكان مرتفع يطل على إضم فقال بأن آهل هذا الوادي يعيشون فوق الماء ! ولا أعلم عن صحة الرواية ولكنها تدل قطعا على وفرة المياه في إضم والآبار الجدية كثيرة جدا وأكثرها اندفن مع تقادم الزمان ، وكان يوجد في سوق إضم بئر وكان لهذه البئر قانون للسقيا لا يستطيع أحد من المتسوقين أو غيرهم أن يخترقه ولذلك هناك عدد من الفخوذ آو الشخصيات الإضمية نظمت السقيا على هذا البئر وهناك قصص مثيرة حدثت عند هذا البئر في قديم الزمان.
أعتقد أن ملكية هذا البئر لأل جار الله من آل معافى من بني عبدالله .. والله أعلم لا أستطيع الجزم بهذه المعلومة ، ولكن البئر لم يعد لها وجود .
وعلى جنبات ذلك البئر يقع سوق الثلاثاء التاريخي والذي كان يطلق عليه أسماء عدة نظرا لشهرته ومنها (الصيرمي) وسوق الثلاثاء في إعتقادي بأنه من أقدم الأسواق البجلية ولا يعرف تاريخ نشأته إلا أن من أسسه وقام بحمايته جيلا بعد جيل هم قبائل بني عبدالله الثلاث (ال معافى وال حسان والعصمان) ويقول أحد الشعراء :
رحب ياسوق جاك ابن ناصر
وابن مهدي وحاسن قروش
وهو يقصد شيوخ القبائل الثلاثة في إضم في زمنه وهم :
ابن ناصر العصماني شيخ العصمان
ابن مهدي شيخ ال حسان
حاسن قروش شيخ ال معافى
وكان لهذه الشخصيات الثلاثة وأيضا لأسلافهم ولغيرهم من الشخصيات المؤثرة في إضم دور فعال في حمايته وتامين الطرق المؤدية إليه ، وسوق الثلاثاء كان له شأن عظيم لأسباب منها أنه يقع في حماية قبيلة عرف عنها القوة والصلابة من قديم الزمان وهي قبيلة بني عبدالله (ال معافى والعصمان وال حسان) ولذلك فإن عملية البيع والشراء كانت تتم فيه في جو من الأمن والأمان لا يستطيع أحد آن يعتدي على أحد ، والسبب الآخر أن بني عبدالله حسب إعتقادي الشخصي كانو اكثر حضارة من غيرهم من أبناء المناطق الآخرى فديارهم ديار خير ولذلك ظهر منهم الكثير من أصحاب العلم ، ومن الأسباب أن أضم كان بها علماء وهذا مثبوت وممن أثبتوه العم أحمد بن يحيى فهناك أسر عريقة أشتهرت بالعلم وكانوا علماء ويعلمون الناس وكانوا أيضا يوثقون الأحداث وقضايا الصلح والبيع والشراء والحدود في وثائق والأخ (جبل عمد) وافانا بعدد منها بعضها يعود عمره الزمني إلى قرابة الخمسمائة عام.
فهذه الاسباب وغيرها .. جعلت من سوق الثلاثاء في إضم ذا شأن عظيم ، وقبل أيام عرضت قناة السيوف حلقة شيقة عن إضم وكان هناك لقاء مع العم أحمد بن يحيى والذي أسهب كثيرا في ذكر تاريخ إضم ، أتمنى أن تعاد هذه الحلقة مرات ومرات ليتسى للمشاهد الكريم ومن لايعرف إضم أن يعرف تاريخه الجميل واثاره الجميلة .
وعلى طاري الآثار .. فوادي إضم معروف بأثاره ، فعلى جنباته تنتشر الحصون وكل حصن حوله عشرات الدور أي أن كل حصن كانت عنده قرية ، مما يدل على كثرة سكان إضم في الأزمنة الغابرة ومن هذه الحصون أن لم تخني الذاكرة :
حصن الشهباء وحصن المشيد وحصن حافش وحصن الضبع وحصن اذان وحصن الرحماني وحتى القرى الواقعة على قمة جبل حبينة فيها بعض من الحصون مثل حصن الجديدة.
وهناك عشرات الحصون غير هذه وبعضها أزيل مع الأسف الشديد كحصن آل بنيان من أل معافى ،
حصن حافش وفي الامثال يقولون (اقرب حافش والا الضبع)
هذه نبذة مختصرة عن وادي إضم أشبهها بالشخمطة هههه لاني اتمنى ان يتصدى لهذا الموضوع الكبير والذي يحتاج الى بحث شامل من هو اجدر وخاصة ممن عاش في اضم وتنفس من هواه وشرب من انهاره واباره واكل من ذرته وتمره