لعن الله من أيقظها {وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلا تُؤْمِنُوا
حَتَّى تَحَابُّوا أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ
تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ}[1] دواء
الأمة: المحبة والألفة والعطف والشفقة والمودة التي فطر الله عليها عباده المسلمين
مع بعضهم ومع إخوانهم في أي زمان ومكان والذي دعا النبي أن يزدهي بهم عندما طبق
ذلك في حياته على أهل مدينته المنورة وقال فيهم {تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي
تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى
عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى}[2]هذا الحب الذي جعل رأس الشاة التي تصدَّق بها
الرجل الغني على فقير تمر على سبعة بيوت للفقراء ثم ترجع إلى البيت الأول وكل واحد
منهم يؤثر أخيه على نفسه ويذهب إليه ويعطيه الرأس والآخر كذلك والثاني كذلك حتى في
لحظات الموت في واقعة اليرموك جُرح واحد من المسلمين وذهب إليه ابن عمه ليسأله
ماذا يريد فأشار إليه أنه يريد شربة ماءاً وعندما جاءه بالماء وجد جريحاً آخر
بجواره أشار إلى الماء فأشار إليه أن اذهب إلى أخي فذهب إلى الثاني وإذا بجريح
ثالث يرجو الماء ويطلب الماء فأشار إليه الثاني أن اذهب إلى أخي فذهب إلي الثالث
فوجده قد مات فرجع إلى الثاني فوجده قد مات فرجع إلى الأول فوجده قد مات فمات
الثلاثة ولم يشربوا الماء لكنهم أخذوا وسام الاستحقاق من خالق الأرض والسماء
المكتوب عليه بكلام الله {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ
خَصَاصَةٌ} الإيثار بينهم كان هو الأساس لا علاج لنا إلا بالمحبة ولا محبة تكون بيننا إلا إذا كانت
أمنياتنا إرضاء الله وهدفنا إعلاء شأن دين الله أما إذا كانت الأهداف دنيئة دنيوية
نطلب مقاعد أو كراسي أو مكاسب فإن هذا يدعو إلى التقاتل فإن الكلاب يتقاتلون على
الجِيَف أما الأشراف فيتعاونون على الوصول إلى المقامات الكريمة وإلى تحقيق
الأمنيات العظيمة عند الله قال صلي الله عليه وسلم {يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ
تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا فَقَالَ
قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ
كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ
صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي
قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟
قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ}[3] حب
الدنيا رأس كل خطيئة والذي يوصل إلى المحبة {أفشوا السلام بينكم} لم يقل النبي صلي
الله عليه وسلم (ألقوا السلام) وإنما قال {أفشوا السلام} انشروا السلام في
المجتمعات وانشروا السلام في الاجتماعات وانشروا السلام في المقالات وانشروا
السلام في الأحاديث الجانبيات وانشروا السلام بين المؤمنين أجمعين وانشروا السلام
بين المتقاتلين والمتخاصمين حتى يرجع المؤمنون أجمعون رجلاً واحداً يرجو رضا الله ويجعل العمل لطاعة الله ويقتدي بهَدْى سيدنا رسول الله صلي الله عليه
وسلم الواجب الآن على كل فرد من المسلمين أن
يلتزم الصمت في هذه الأوقات إلا إذا كان للنصح للمسلمين أو لتأليف القلوب أو لجمع
الناس في هذه الخطوب لا نقول قولاً يثير الفتن ولا ننضم لفريق على حساب فريق فكلهم
أخوة لنا وكلهم على ما أعتقد وما أظن يسعون لمصلحة بلدنا لكنهم أصيبوا بآفة التشدد
في الرأي فكل فئة منهم تتشدد لرأيها وينبغي علينا جماعة المؤمنين إذا كان فينا
عقلاء أن يدخلوا ليصلحوا بينهم {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} ونحن
جماعة المؤمنين وعوام المؤمنين يجب علينا ألا نشتبك مع أمثالنا فنزيد المبلَّة
طيناً إن كان بالكلام أو كان بالأيدي أو كان بالفعال وإنما نحاول قدر الاستطاعة
تأليف القلوب وجمع شتات النفوس لأن الْفِتْنَةِ نَائِمَةٌ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ
أَيْقَظَهَا فقد وصلت الفتنة إلى ذروتها وأصبح كل فريق يُؤول آيات كتاب الله حسب
هواه ويؤيد أقواله بآيات من كتاب الله يلوي ذراعها لتحكي رأيه الذي يهواه وهذا ليس
من دين اللهعلينا بالرجوع عن ذلك بالفهم
الصحيح لكتاب الله الذي فهمه سلفنا الصالح سادتنا أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ ومن
كان معهم ومن تابعهم على هذا الدرب من العلماء العاملين وأصحاب المذاهب أجمعين
فإنهم كانوا ورعين ولم يتأولوا على كتاب الله إلا ما يعتقدون أنه يرضي رب العالمين
ونخرج من الأهواء الشخصية والتأويلات السياسية لآيات كتاب الله فإذا رجعنا جميعاً
إلى ذلك واتفقنا على ذلك ربما ينظر الله إلينا نظرة عطف وحنان فيُحول حالنا إلى
أحسن حال |
|