هناك عدة عوائق ، ولن أذكر جميع العوائق ؛ لأن المجتمعات تختلف ، وأحوال البيوت
تختلف ، ولكل إنسان له أن يتصور من العوائق غير ما أذكر ، لكنني سأذكر عوائق تجمعنا ،
وتكون فهي عوائق عامة ربما هي قاسم مشترك بين الجميع .. أولى هذي العوائق :
وسأقف مع هذا العائق ، أقول كثيرا ما نغفل أن نجعل اتكالنا كله ، على الله جل في علاه
، وأن نطلب من الله جل وعلا السداد والتوفيق والتيسير لهذه العبادات ، لو سألتكم أيها
المشتاقون إلى رمضان ، وأيتها المشتاقات إلى رمضان ، لو سألتكم وقلت لكم كم مرة
دعوت الله جل وعلا وقلت : يا رب وفقني لهذا العمل الصالح ، يا رب يسر لي هذا العمل
الصالح ، يا رب أجعلني ممن يجتهد في هذا العمل الصالح ، لوجدت أن هذا الدعاء قليل وقليل
في حياتنا ..
لماذا ؟
ألا تعلم أن هذا من الركائز الأساسية في التوفيق للطاعة ، تأمل بارك الله فيك : - وانقل لك
موقفين لمعاذ - رضي الله عنه - الموقف الأول : معاذ بن جبل- رضي الله عنه - قال : يا رسول الله
أخبرني بعمل يقربني من الجنة ، ويباعدني من النار ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ، يا معاذ :
إنه لعظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه ".
إنه لعظيم : أي أن الذي سألت عنه عظيم .
الله أكبر ..
إذن هو يسير لكن على من يسره الله عليه ، فسأل الله تعالى التيسير أسأل الله عز
وجل أن يجعلك من القائمين ، من المسبحين ، من الذين يسبحون في وقت السحر ،
ألست تقوم في وقت السحر وتأكل لقيمات ، أليس رمضان فرصة لك لأن تكون من
المستغفرين في الأسحار ، وسيأتي ذكر هذا في المحور الأخير ، وهو المحور الثامن ، هذا هو
الموقف الأول . الموقف الثاني: لمعاذ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم (( يامعاذ ، والله إني لأحبك ، والله أني لأحبك)) فقآل : أوصيك يامعاذ لاتدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك ،
وشكرك، وحسن عبادتك ))رواه أبو داود .
..الله أكبر ..
انظروا إلى الموقف ، وانظروا إلى شد الانتباه ،وانظروا إلى الوصية ، هذا الموقف جمع أخبارا كثيرة ، معاذ - رضي الله عنه - من علماء الصحابة ، فأعطاه النبي - صلى الله عليه
وسلم - هذه الوصية لأنه يعرف أن معاذ - رضي الله عنه - ممن يحمل هذه الوصية ويبلغها ،
ومعاذ من المحبوبين للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه وصية ثمينة ، وانظر للأمر الثالث: أن
الوصية لا تكون إلا لشيء مهم للغاية ، ثم قدم مقدمة : إني لأحبك في الله ، ثم قال له ،
وربطها بفريضة وهذا أمر رابع : ربطها بفريضة ، فريضة ليست تعمل مرة واحدة في
السنة ، أو مرة واحدة في الأسبوع ، أو مرة واحدة في اليوم ، لا ، تعمل خمس مرات في
اليوم ، أن يقول هذا الدعاء ، ولك أن تتصور أهميته ؛ حتى تعلم أننا محتاجون إلى أن
نقول : اللهم أعني على ذكرك ، اللهم اعني على شكرك ، اللهم اعني على حسن
عبادتك ، اللهم اعني على قيام الليل ، اللهم اعني على لذة وحلاوة الصيام ، اللهم اعني
على ترك المعاصي وترك القنوات الفضائية ، اللهم اعني على ألا تشغلني تلك الشبكة
العنكبوتية ، اللهم اعني على ألا يشغلني أهل بيتي ، ولا يشغلني مجتمعي ، اللهم اعني على أن
أقوم في الأسحار متضرعا ، متخشعا مقبلا عليك يا الله ، اللهم اعني لأن أكون من عتقائك ،
من النار يا إلهي ، يارب العالمين ، وقل مثل ذلك في أدعية كثيرة .
كثير من الناس من يقول أهلي يشغلونني ، أو من النساء من تقول : أنني اشتغل في المطبخ
كثيرا ، و غير ذلك ..لا يا أختي المباركة انتظري والله إنها ليست بأعذار. ..
واعلمي أنك حين تطبخين ، وتنظفين ، وتغسلين ونحو ذلك من الأمور اعلمي أنك في طاعة
، أنك تهيئي الطعام للصائمين ، وأنك تخدمي أهل بيتك ، وأنك تبتغين رضا الأب ورضا الأم ،
ورضا الوالدين ، وهذا من أعظم الطاعات ، احتسبي هذه المعاني حتى تعيشي هذه المواطن في
لذة ، وفي طاعة وتتقلبي في هذا الأمر ولكن لا تغفلي عن أمرين : الأمر الأول: احتساب
الأجر ، يعني محتسبة .
الأمر الثاني : إحسان النية ، ولك أن تجعلي شيئا يذكرك قبل أن تدخلي في أن تحسني النية
وتحتسبي في عملك ، فتتقلبي في طاعة ، كل هذه طاعات .. ثم أيضا يا أختي المباركة : حتى لو شغلتي بهذه الأمور هل أنت أعظم شغلا من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمته ، ومع ذلك ضرب لنا أروع الأمثلة ، ومثله الصحابة - رضي الله عنهم - وكذلك
السلف كانوا يتحملون من الأشغال الشيء الكثير ومع ذا لهم مواقف عظيمة مع العبادة، وأنت
أيها الأخ المبارك أيضا ، أيها المشتاق لا تقول أنا مشغول بحاجيات الأهل وأمورهم ، أو في
وظيفتك ولا تجعل للشيطان مدخلا ، ولا تقل أن هذه شواغل لا ، لا والله ليست بشواغل ،
احتسب هذه الأمور وحول المباحات إلى طاعات ، واستغل أوقات الفراغ وتدبر أنك لست
أعظم شغلا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أبدا ، لست أكثر شغلا من النبي - صلى الله عليه وسلم -
ولا صحابته، ولذا لا تجعلوا مثل هذه الأمور عوائق بينكم ، وفرقوا بين الحاجات الأساسية
وغيرها ، فرقوا بين خروجكم للمهم وغير المهم من بيوتكم..
لاسيما أنت أيتها الأخت المباركة لا تنشغلي بالأسواق في كل ليال رمضان ، وحتى
يكون أعظم انشغالك في العشر الأواخر من رمضان ، مع شديد الأسف والحجة ماذا
اشتري للعيد ، وأتجهز للعيد ، وهذا مطلوب ومشروع أيضا ،لبس الجديد للعيد ، ولكن
كوني ذكية كوني فطنة لماذا لا تشتري أمور العيد في هذه الليالي ، وهذه الأيام ، وإن
غلبتي وقلتي بأن البضاعة لا تترل إلا في شهر رمضان ، أقول لا تدخل عليك العشر
الأواخر إلا وقد خرجتِ وأخذتِ ما تريدين من السوق ورجعتِ بعد ذلك ، لاتنشغلي
كل لياليك اليوم تذهبين من أجلك ، وغدا ترجعين البضاعة ، وبعد الغد تذهبين من
أجل فلانة ، وبعد الغد تصاحبي فلانة وهكذا، انتبهي أيتها الأخت المباركة ، فإنما هي
أيام وليالي قلائل ..
تقدم معنا قبل قليل كيف كانوا يفرون من مجالس الحديث ومجالسة العلماء لما هو أفضل
، ونحن اليوم ربما قضينا الليالي بسهر ومجالسة البطالين ، حتى أصبحنا ننظر أننا أحسن
منهم ، وأننا أفضل منهم، وإلى غير ذلك من الأمور ،لا ..لا فليس هؤلاء مثالا يحتذى ،
أو قوة تقارنين وتقارن أنت أيها المبارك نفسك بهم ، لا ، فإن هؤلاء غفلوا وبعدوا وأنت
بعيد أيضا ، لا تقل فلانا أنا أحسن منه ، ولكن قل هم بعيدون وأنا بعيد لكنهم أبعد مني
، وكلنا في إطار البعد ، هذا هو المعيار الصحيح ، وهذا هو التشخيص الصحيح ، فلا
ننشغل بكثرة الإرتباطات ، والجلوس وإلى غير ذلك لا ، ولتكن هذه إنما هي ترويح
واقلبوها إلى طاعة ، وكونوا دعاة في تلك المواطن ، انشروا الخير كل بحسبه كل بما
يستطيع . عوائق الهدف كثيرة ، وليس هذا موطن بسطها ، ولكن لتجعلوا لكم هدفا في رمضان على
سبيل المثال : عندي من الأهداف أن أقرأ كذا وكذا من القرآن ، وأقرأ كذا وكذا من التفسير
، وأقوم قبل وقت السحر لأتضرع وأدعو الله - جل وعلا - واعلموا أن القيام ليس فقط إذا قيل
قيام لا ينقدح في ذهنك أنه الصلاة فقط لا ، القيام كل طاعة في وقت الليل ، إذا كنت مما
يجلس ويقرأ القرآن ويسبح ، ويكبر ويذكر الله جل وعلا ، هذا كله قيام ، إذا خرجت من
المسجد وصليت مع الإمام التراويح ، ورجعت لا تقل أنه انتهى القيام لا ، حتى عندما تقوم في
وقت الأسحار ليكن وقتك حينئذ أن تصلي ركعتين لا بأس في ذلك من التطوع المطلق ،
ونوع في عبادتك من قراءة القرآن ، ودعاء ، وذكر وتسبيح واستغفار في الأسحار ونحو ذلك
، كل هذا يعد من قيام الليل ، وضع هدفا من الأهداف أن تقوم في آخر الليل ، مثلا من
الأهداف أنني لم أكن أصلي سنة الضحى فسوف أحافظ في رمضان على سنة الضحى ، كنت
أحافظ على ركعتين ، فسوف أحافظ في رمضان على أربع ركعات وأتخرج من رمضان بأربع
ركعات ، كنت - على سبيل المثال - لا أفطر ولا أطعم أحدا.. انظر لأحد من المساكين
وأتفق مع أخي ، أو مع أبي ، أو مع أخواني الصغار ونحو ذلك ، وأقول لهم انظروا لي أحد العمالة ، أو انظروا لي أحد المساكين من جيراننا ونحو ذلك ، أنا أريد أن أتكفل في كل يوم أن
أجهز طعاما وأطعم هذا المسكين ، إما أن أفطره ، أو أطعمه في وقت العشاء أو نحو ذلك ،
هذا هدف من الأهداف ، أريد أن أحفظ وأراجع كذا وكذا من المقدار ، وأقول لكم حينما
تضعون لكم الأهداف فلا تضعوها لشهر رمضان كامل ، حتى نعرف أنفسنا، ولانضع
الأهداف في حماس بدون أساس ، لا ، ضعوها في أسبوع واحد ، في هذا الأسبوع الأول من
شهر رمضان أريد أن أفعل كذا وكذا وكذا ، وجاهد في أن تحقق هذه الأهداف ..
ثم بعد الأسبوع وقد رجعت نفسك وذهب ذلك الحماس واستطعت أن تضع تلك
الأهداف بعين بصيرة وانتباه جيد ، وتضعها في محلها ، حينئذ لا تتقاعس ما السر في أن
نتقاعس في نصف شهر رمضان ، لأننا نضع أحيان أهدافا أكبر مما نستطيع ونطيق ، ضع
لكل أسبوع هدف ، ماذا تريد أن تفعل في هذا الأسبوع ، وهكذا ، ولا يعني أنك لا
تضع هدف عام في رمضان ، ضع هدفا عاما لكن ليكن اهتمامك للأهداف المجزئة.
وهذا من الأشياء التي تضيع علينا كثيرا وكثيرا من فضائل رمضان ، كثيرا نحن نجاري
الناس في حياتهم ، سمعت قبل قليل من اعتزل المجالس في رمضان ، فما المانع في أن تعتزل
بعض المجالس ، لتخفف من مجاراة الناس ، لا تنظر إلى الناس في استراحاتمم وجلساتهم
وأمورهم التي انشغلوا بها ، لا ، لا شهر رمضان ليس بهذا الشهر الذي يفوت هكذا ،
وإنما استغله بأن لا تنظر إلى الناس ؛ لأن أكثر الناس انشغلوا في كثير من الشهوات ،
فأنت إن جعلتهم معيارا واكبتهم وجاريتهم وكنت مثلهم وربما حسبت نفسك أنك
أفضل منهم ، ولكن ليس هذا معيار كما تقدم قبل قليل ..
وأقول دائما نكرر في نهاية شهر رمضان لقد فات رمضان ولم نستغل رمضان ، ولم
ننقاد إلى طاعات كثيرة ، وأقول لا يفوت عليك شهر رمضان واعرف أن أعمارك تمضي
، وأنك إن كنت ممن دخل في شهر رمضان وأدرك رمضان فغيرك لم يدرك شهر رمضان
، الماضي وأنت خير مما لم يدرك رمضانات كثيرة وكثيرة ، هم تحت الثرى يتمنون والله
أن يرجعوا ويدركوا ليلة واحدة من ليالي رمضان وسوف يأتي يوم من الأيام أن تكون
أنت الميت ، اليوم تخبر عن فلان وفلان أنهم أموات وسوف يأتي يوم من الأيام أنت
الخبر..
بينما يرى الإنسان فيها مخبرا ... فإذا به خبر من الأخبار . |