رمضان
تجارة المحتسبين
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في رسالته التبوكية:
"فإن كل عمل لا بد له من مبدأ وغاية، فلا يكون العمل طاعةً وقربةً حتى يكون مصدره عن الإيمان، فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض، لا العادة والهوى، ولا طلب المحمدة والجاه وغير ذلك، بل لا بد أن يكون مبدؤه محض الإيمان، وغايته ثواب الله تعالى، وابتغاء مرضاته، وهو: الاحتساب"؛ الرسالة التبوكية ص٤٥.
رمضان تجارة المحتسبين..
في صومك احتساب، وفي صلاتك وقيامك، وعند سَحورك وعند الإفطار..
وعند ذِكرك الذي يمنع عنك مباح الكلام قبل فاحشه..
وعند إيقاظ الزوجة والأبناء للسَّحور وللصلاة..
وعند زجر يديك عن تقليب القنوات.. وعينيك عن إطلاقها في المحرمات..
وغيرها وغيرها..
احتسبها لله الشكور، الذي يعطي على القليل الكثير..
تجارة والله لن تبور..
وأنت أيتها المرأة، الاحتساب: تجارتك الرابحة، رمضان فرصتك للتمرُّن على فن البدار إلى طلب الأجر على ما كبر وما دقَّ من الأعمال، بنفس مطمئنة راضية غير متبرمة ولا متسخطة:
في المطبخ وأنت تهيئين لزوجِك وأبنائك الطعام، في صبرِك على إيقاظهم للسحور.. في حثهم على الصلاة وقراءة القرآن.. في فك نزاعات الأبناء وتذكيرهم بحديث: ((فإذا كان يومُ صوم أحدِكم، فلا يرفُثْ ولا يصخَبْ، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتَلَه، فليقُلْ: إنِّي امرُؤٌ صائم))؛ مُتفَق عليه.
وفي كل ما تقومين به من أعمال.. كوني لهم عونًا على الطاعة، واحتسبي الأجر من البَرِّ الشكور الذي يعطي على القليل الكثير..
عمرة امرأة حبيب العجمي: كانت توقظه بالليل، وتقول: قُمْ يا رجل، فقد ذهب الليل، وبين يديك طريق بعيد، وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا، ونحن قد بقينا؛ (صفة الصفوة